بعد انهيار العملة الوطنية، وفقدان الرواتب أكثر من 95 في المئة من قيمتها، لجأت الحكومة إلى زيادات عديدة للقطاع العام، غير أن كل تلك الزيادات لم تعوّض أكثر من 15 في المئة من قيمة الرواتب بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل الأزمة.
فبعد إقرار الحكومة زيادة غير مشروطة على رواتب القطاع العام، بدءاً من شهر تشرين الأول 2022، أعطت الحكومة مساعدة مؤقتة تعادل 4 أضعاف الراتب الأساسي، بدءاً من شهر أيار 2023 بحد أدنى 8 ملايين ليرة، في حين أعطت المتقاعدين والعسكريين 3 أضعاف الراتب الاساسي. وكانت الزيادة تلك مشروطة لموظفي الإدارة العامة في حضور الموظف 14 يوماً في الشهر إلى عمله.
في السياق تقول رئيسة رابطة موظفي الإدارة العامة نوال نصر في حديث للديار الجميع ينتظر جلسة مجلس الوزراء لدراسة و البت بحقوق موظفي القطاع العام و ما سيُعطى لهم، معتبرةً أن العبرة ليس بانعقاد الجلسة بل في ما سيُطرح على طاولة مجلس الوزراء من اقتراحات وسيناريوهات للحل " التي تسربت لنا لا تتعدى مشاريع حلول بحيث لم يكن أي سيناريو مقنعاً بالنسبة لنا ".
كما تحدثت نصر عن سيناريو آخر مطروح لزيادة الرواتب وهو مضاعفة الرواتب التي ثبت خللها وعدم جدواها للموظفين منذ اول مضاعفة للرواتب، مؤكدة أنه مهما بلغت مضاعفة الرواتب يبقى خللها الأساسي أن" من ليس معه لا يُعطى ذرة من كفايته ومن معه يُعطى ويزاد" أي مثلاً إذا كانت الزيادة سبعة أضعاف من يتقاضى مليون ليرة يصبح راتبه مليونين و من يتقاضى 30 مليون يصبح راتبه 70 مليون، محذرةً أن هذا الأمر يزيد الخلل والهوة والفروقات الاجتماعية و الاقتصادية والظلم على صغار الموظفين.
من أبرز تجليات الأزمة الاقتصادية في لبنان انهيار رواتب موظفي القطاع العام الذي تزامن مع انهيار الليرة اللبنانية، والمؤسف أن الدولة لم تتوصل بعد إلى حل هذه المعضلة وتعمد إلى معالجة وحلول مؤقتة وترقيعية لكنها غير مستدامة .
هذا التراجع في قيمة الرواتب والقدرة الشرائية للموظفين أدى إلى إضرابات متتالية شلت القطاع العام، الذي بدوره يشل الدولة ويقلّص من إيراداتها إلى حد كبير، والمطلوب اليوم حل مشكلة الادارة العامة لان 77% من جباية الدولة تقوم بها هذه الادارة .
وإذ شددت نصر على أن الموظف يجب أن يأخذ حقه المنصوص عنه في القوانين وعليه واجب الحضور والعمل دون أي شرط، رأت أن ربط إعطاء بدل الإنتاجية بشرط حضور 22 يوما بدعة غير قانونية وغير عملية وتطبق باستنسابية في الإدارات بشكل كبير وتحرم الموظف من حقه في الاستقرار الوظيفي كما تحرم المتقاعد من معاش تقاعدي أو تعويض صرف لائق، مشيرةً إلى أن عدم دمج كل الأعطية ضمن أساس الراتب يؤدي إلى أن يتقاضى المتقاعدون تعويضات زهيدة جداً لا تتجاوز بضع مئات الدولارات.
وقد اعتراض المتقاعدون والأسلاك العسكرية على المرسوم الذي كان مطروحاً في كانون الأول الماضي والذي يقضي بإعطاء الموظفين في الإدارات العامة «حافزاً مالياً عن كل يوم حضور»، وفقاً للنص المقترح. وتختلف قيمته بحسب فئة الموظف، إذ تبدأ من مليون وستمئة ألف ليرة لموظفي الفئة الخامسة، وتصل إلى مليونين وأربعمئة ألف لموظفي الفئة الأولى، وتشيرالمعلومات الى أن هناك عدة اقتراحات تدرسها الحكومة.
وتحدثت نصر عن أحد المقترحات الذي يقضي بإعطاء ما يسمى بحوافز إنتاجية مشروطة ب 22 يوم حضور كما اقترحت رئيسة مجلس الخدمة المدنية نسرين مشموشي، ومن يتخلف يوماً واحداً عن الحضور تُشطب كل إنتاجيته عن ال 21 يوما التي حضر فيها إلى العمل، معتبرةً أن هذا الأمر مجحف بحق الموظف الذي أصبح يعمل بالسخرة ، مشيرةً إلى ان الموظف قد يضطر إلى الغياب القسري لأمور خارجة عن إرادته ، متسائلة أين مبدأ عدم العمل من دون أجر وعدم سرقة أتعاب الموظف، لافتةً أن هذا الشرط يتناقض مع القوانين و الدستور ومع الاتفاقيات الدولية التي ترعى حقوق العاملين وحقوق الإنسان أيضاً .
وتقول نصر: الموظفون يطالبون بتصحيح رواتبهم المحددة بموجب القوانين والأنظمة، ومنذ بداية الأزمة بدأ القضم المتتالي لهذه الرواتب مع ارتفاع سعر صرف الدولار وارتفاع الأسعار، بحيث تدنى راتب الموظف 2% من قيمته، إلى أن بدأت المعالجات الترقيعية عبر نصف راتب ثم راتب ثم راتبين وحالياً أربعة رواتب، لافتةً أن مع كل هذه الزيادات ما زالت قيمة الرواتب تحتسب على أساس 10 آلاف ليرة للدولار الواحد في حين الاستهلاك على سعر صرف 90 ألف ليرة مع غياب الرقابة على الأسعار، إضافة إلى رفع الضرائب والرسوم واستحداث رسوم جديدة وأسعار خدمات الدولة بالدولار الفريش .
وعلمت الديار أن من بين هذه الاقتراحات إعطاء ثلاثة أضعاف مع زيادة بدل نقل 14 صفيحة بنزين.