فصائل عراقية مرتبطة بطهران... ما هي وماذا نعرف عنها؟
30 كانون الثاني 2024
16:42
Article Content
بعد الهجوم بطائرة بدون طيار الذي أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن، وجّهت واشنطن أصابع الاتّهام إلى "جماعات مسلّحة متشدّدة مدعومة من إيران" تنشط في سوريا والعراق.
وتتمتّع هذه الفصائل المسلّحة المرتبطة مؤسسياً بقوات الحشد الشعبي بنفوذ سياسي كبير في العراق، وتعتمد خطاباً يسلّط الضوء على عدائها للولايات المتحدة وارتباطها بـ"محور المقاومة" والتحالف مع طهران.
من هي هذه المجموعات وما هي صلاحياتها؟ وما هي العلاقة التي تربطها بالسلطات؟
فصائل من الجماعات المسلّحة
رغم أن الفصائل المسلّحة لم تعلن مسؤوليتها عن الهجوم الأخير في الأردن إلّا أنّه يشبه في طريقة تنفيذه الهجمات الصاروخية وضربات المسيّرات التي بدأ تنفيذها منذ منتصف تشرين الأول (أكتوبر) ضد القوّات الأميركية وقوّات التحالف الدولي لمكافحة الجهاديين في العراق وسوريا.
وأعلنت "المقاومة الإسلامية في العراق"، وهي مجموعة من المقاتلين من جماعات مسلّحة موالية لإيران، مسؤوليتها عن معظم هذه الهجمات - 165 وفقاً لواشنطن. وقالت "المقاومة الإسلامية" في بياناتها الصحافية إنّها تتضامن مع غزة وتدعو إلى انسحاب الجنود الأميركيين المنتشرين ضمن قوّات التحالف من العراق.
وفي نهاية تشرين الثاني أعلنت كتائب "حزب الله" أسماء بعض الجماعات المنضوية معها في "المقاومة الاسلامية"، مشيرة على وجه الخصوص إلى كتائب "سيد الشهداء والنجباء".
وتفتخر هذه الحركات بكونها جزءاً من "محور المقاومة" الذي يوحدها مع طهران والفصائل الإقليمية الأخرى، مثل "حزب الله" اللبناني أو الحوثيين في اليمن.
ولديهم مقاتلون يشاركون باسمهم في الصراع الدائر في سوريا المجاورة، دعماً لنظام دمشق، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتصنّف واشنطن هذه الجماعات على أنّها "إرهابية". وفي الأسابيع الأخيرة، ردّاً على الهجمات، استهدفت القصف الأميركي في العراق كتائب "حزب الله" و"النجباء".
ما هي جذورها؟
ترتبط هذه الجماعات بالحشد الشعبي، وهو تحالف غير متجانس من القوّات شبه العسكرية السابقة التي ظهرت في حزيران (يونيو) 2014 لدعم قوّات الأمن ضد تنظيم "داعش" الذي اجتاح نحو ثلث أراضي العراق وسيطر عليها.
وتشكّل الحشد استجابة لفتوى المرجع الشيعي الاعلى آية الله علي السيستاني، الذي دعا الى "الجهاد الكفائي" ضد تنظيم "داعش".
وفي عام 2016، صدر قانون بدمج الحشد في القوّات النظامية وجعله مؤسسة رسمية تابعة لأوامر رئيس الوزراء القائد العام للقوّات المسلّحة.
وكانت فصائل الحشد تستمد أعدادها من الجماعات الشيعية المسلّحة التي حاربت القوّات الأميركية بعد غزو عام 2003 وسقوط نظام صدام حسين.
وساهم الحشد في دحر تنظيم "داعش" عام 2017 على يد قوّات الأمن العراقية، بدعم من التحالف الدولي نفسه الذي تقوده واشنطن وتستهدفه حالياً الهجمات.
خلال تلك الفترة التي كان يواجه فيها العراق خطر الجهاديين، تم تأسيس وتدريب مجموعات مسلّحة جديدة على يد الجنرال الإيراني قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس، فرع العمليات الخارجية للحرس الثوري الإيراني.
ويضم الحشد حالياً عشرات المجموعات وأكثر من 160 ألف عنصر بحسب التقديرات، ولم تقدّم السلطات ولا أي مؤسسة أرقاماً رسمية عن إعداده.
على مر السنين، ظهر العديد من القادة، وأبرزهم أبو مهدي المهندس، المعارض السابق الذي لجأ ذات يوم إلى إيران والمقرّب من قاسم سليماني. قُتل الرجلان في كانون الثاني (يناير) 2020 في بغداد بضربة طائرة أميركية مسيرة.
نفوذ سياسي
تسبّبت التوتّرات الإقليمية في احتكاك في المعسكر السياسي الموالي لإيران في العراق، ووصلت إلى الإطار التنسيقي صاحب الأغلبية البرلمانية المكونة من أحزاب موالية لإيران، والذي عيّن حكومة محمد شيّاع السوداني الحالية.
وتضم الأغلبية أحزاباً وقيادات في الحشد الشعبي الذي له نواب في البرلمان منذ 2018.
وأدان السوداني الهجمات التي استهدفت التحالف الدولي، وأكّد مجدّداً التزام الحكومة بضمان حماية القوّات الأجنبية.
ودفعه تصاعد التوتّرات إلى بدء مباحثات مع واشنطن والمطالبة بـ"جدول زمني محدّد لإنهاء المهمّة العسكرية للتحالف" و"خفض تدريجي" في عدد مستشاري التحالف.
ورحّب الإطار التنسيقي بهذه العملية وأعلن رفضه "للاعتداءات الإرهابية" بعد الهجمات الصاروخية في كانون الأول (ديسمبر) على السفارة الأميركية.
أمّا "المقاومة الإسلامية في العراق" فقد شكّكت بنية واشنطن إخراج قوّاتها من خلال المباحثات مع الجانب العراقي وأعلنت أنّها ستواصل هجماتها.
بالإضافة إلى دورها السياسي تسعى جماعات الحشد إلى تنويع أنشطتها. ومن خلال تنمية قوّتها الناعمة، أصبح لديها قنوات تلفزيونية، إضافة إلى إنتاج أفلام ومسلسلات تلفزيونية، وتمويل فرق رياضية.
وكلّفت الحكومة التي ترغب في تطوير البنية التحتية، هيئة الحشد التي أسّست شركة عامة أطلقت عليها "المهندس" نهاية 2022 برأسمال يبلغ حوالي 68 مليون دولار، إدارة هذه الأعمال.
وتشمل أنشطة شركة "المهندس" مجموعة واسعة من الأعمال منها "المشاريع الصناعية والتعدين والمشاريع الزراعية واسعة النطاق واستيراد وتأجير المركبات والمعدات"، بحسب دراسة لمعهد واشنطن الأميركي للأبحاث.