"حلّ الدولتين" أو "حلّ الدول"

30 كانون الثاني 2024 08:17:46 - آخر تحديث: 30 كانون الثاني 2024 08:17:47

تتوالى خطوات مشروع تصفية القضية الفلسطينية بسرعة . فبعد قرار أميركا وعدد كبير من الدول وقف تمويل " الأونروا " ، عقد في القدس – نعم في القدس مع ما لذلك من رمزية – مؤتمر عنوانه " العودة الى قطاع غزة " يعني عودة المستوطنين إليها وليس أبداً عودة أهلها !! شارك فيه آلاف الاسرائيليين وعدد من وزراء حكومة الاحتلال .  وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير قال : " الهروب يجلب الحرب ونحن بحاجة الى العودة الى بيتنا إذا كنا لا نريد 7 أوكتوبر آخر علينا أن نسيطر على المنطقة " . 
وزير المالية سموتريتش أعلن : " علينا أن نقرّر هل نهرب مرة أخرى من الإرهاب أم نستوطن ونسيطر عليها ونقاتل الإرهاب لتحقيق الأمن لدولة اسرائيل بأكملها ؟؟ دون استيطان لا يوجد أمن " .
وزير السياحة حاييم كاتس عضو الليكود دعا " لأن ننتصب ونبني ونجدّد توسّع أرض اسرائيل . معاً بالعقيدة والإيمان سنفعل ذلك لأنها بالنسبة لنا لعبة نهائية لا توجد إعادة ولا فرصة ثانية " .
رئيس مجلس مستوطنات " السامرة " يوسي داغان قال : " اتفاق أوسلو مات . نحن عائدون الى غوش قطيف " . " لقد ناضلنا 16 عاماً من أجل تصحيح عار فك الارتباط والترحيل وتهجير المستوطنات " !! 
بكل وقاحة يعلنون أنهم هم المهجّرون وليس الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني وعندما يؤكدون أن الاستيطان يجلب الأمن والسلام والاستقرار فهذا توجّه ثابت نحو السيطرة التامة على كامل غزة والضفة التي تتعرّض لاجتياح استيطاني واضح منذ سنوات ولاجتياح عسكري أمني اليوم لإقتلاع من تبقّى من سكان أصليين فلسطينيين فيها ودفعهم الى الخارج . والخطوة الأولى هي غزة ، ولذلك أعلنت زعيمة المستوطنين دانييلا فايس في المؤتمر : " ... العرب لن يبقوا في غزة " .
إذا كانت أميركا رفضت إعلامياً هذا التوجّه وأوروبا هدّدت باتخاذ إجراءات ضد المستوطنين فإن أحداً لم يجرؤ على اتخاذ خطوة عملية واحدة ضدهم لأنهم غارقون في دعم اسرائيل بالكامل وهي تمارس سياسة الابتزاز في وجههم وتحاول فرض الأمر الواقع على الأرض الذي يحقق أهدافها . ويكفي أن نرى الفلسطينيين المقتلعين من غزة محاصرين في خيم ينامون على الوحل والمياه ، واسرائيل ترفض إدخال المساعدات والمواد اللازمة لهم ، وتعلن منطقة كرم ابو سالم الحدودية منطقة عسكرية ولا أحد يردعها وفي ذلك رهان على أن يستسلم الفلسطينيون لليأس والتخلّي عنهم من ما يسمى " المجتمع الدولي " " والعرب " والأونروا " المحاصرة والمستهدفة معهم وبالتالي يذهبون الى أي مكان . في ظل احتدام النقاش بين مصر واسرائيل حول هذه النقطة ، وقلق الأردن من اللعبة الاسرائيلية الشيطانية ، قيل أن اجتماعاً رباعياً فلسطينياً أردنياً مصرياً سعودياً سيعقد لمناقشة هذه التطورات . حتى الآن بعد قرار وقف تمويل الأونروا والإصرار الاسرئيلي على الاستيطان واستمرار المذبحة وسياسة التجويع والقهر في غزة فإن الموقف العربي غير مؤثر والضغط الأميركي على الدول العربية مستمر اقتصادياً وسياسياً وأمنياً لانتزاع آخر ورقة منهم وبالتحديد السعودية لما لها من مكانة ورمزية سياسية واقتصادية ومالية ودينية ، اي ورقة التطبيع .
وفي السياق تسمع من أميركا والغرب وامتداداً ما يسمى " العالم الحر " حديثاً عن حل الدولتين . أي حل وأي دولتين مع التهجير والاقتلاع من الجذور والإصرار الاسرائيلي على الاستيطان في غزة والضفة لأن هذا فقط " يجلب الأمن والاستقرار " ؟؟ ما بقي هو القليل فكيف مع الخطوات الأخيرة المتسارعة التي تنفذها اسرائيل وتموّلها أميركا والغرب وعالمه الحر ؟؟
مرة جديدة أقول : الهدف الدول العربية من خلال استهداف فلسطين . لن تكون دولة عربية بمنأى عن نتائج هذه السياسات والخطوات الفعلية الخطيرة التي أشرنا إليها . وحيث توجد مخيمات فلسطينية في عدد من دولنا ولكل واحدة منها خصوصية ما فإن خطراً كبيراً ينتظرنا ولذلك لا أمن لنا ولا استقرار ولا اقتصاد ولا تنمية ولا ازدهار ولا دول موحدة إلا بالوقوف موقفاً عملياً واحداً رافضاً لكل هذه السياسات . ولا يحاولنّ أحد إيهام نفسه  والناس بأن السبب هو " حماس " ليس دفاعاً عنها بل لأن ما يجري اليوم هو خطوات في طريق تنفيذ المشروغ الاسرائيلي . لا حلّ دولتين ، واحدة اسرائيلية وأخرى فلسطينية بل احتلال كامل الأرض وحلّ " الدول " المحيطة أي فكفكتها .