صدرت في الساعات الماضية سلسلة من التصريحات من مسؤولين غربيين أيّدوا اسرائيل في حربها على غزة وغطّوا مجازرها وعمليات الإبادة الجماعية التي نفّذها جيشها وانتقدوا فيها مواقف المسؤولين الاسرائيليين الرافضة لحل الدولتين ، وأعلنوا إحباطهم من نتانياهو خصوصاً وقالوا:
- وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس: " من المحبط رفض نتانياهو حل الدولتين . وقد قال ذلك طوال مسيرته السياسية. ليس هناك حل آخر واضح والعالم كله متفق على أن حل الدولتين هو الأفضل ".
- جوزف بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي: " الطريقة التي تحاول فيها اسرائيل تدمير حماس لن تنجح لأنها تزرع بذور الكراهية تجاهها لأجيال مقبلة والوضع الانساني في غزة لا يمكن أن يكون أسوأ من ذلك ، وعلينا البدء في الحديث عن خطط ملموسة لحل الدولتين . ومن الآن وصاعداً لن أتحدث عن عملية السلام ولكنني أريد عملية حل الــدولتين . السلام والاســتقرار لا يمكن تحقيقهما بالوســائل العسكرية فقط " !!
- الحكومة الاسترالية : " نشعر بخيبة أمل عميقة إزاء تصريحات نتانياهو التي رفض فيها الدعوات لإيجاد طريق لدولة فلسطينية . لا يمكن أن يكون هناك أي تقليص لمساحة أراضي غزة ولا أي وجود اسرائيلي دائم هناك " .
قلنا سابقاً ونكرّراليوم تعليقاً على هذه المواقف : أنتم تعترفون بأن الموقف الاسرائيلي ليس جديداً . ونتانياهو ومن معه يرفضون حل الدولتين أو السلام أو الاستقرار ويريدون السيطرة على كامل فلسطين ، ورداً على تصريحاتكم الأخيرة أعلنـــوا مشروعاً عنوانه " الوطن البديل " جزيرة في البحر !! تشرف فيها اسرائيل على كل شيئ . يعني أعلنوا إصرارهم على مشروعهم القديم الجديد . ومع ذلك استمررتم في دعمهم وتغطيتهم ولم تتخذوا إجراء واحداً يشعرهم بالمسؤولية . وعدتم في أوروبا رسمياً بأنكم ستفرضون عقوبات على المستوطنين الذين يمارسون عنفاً غير مقبول في الضفة . ها هم يضاعفون ممارساتهم الإرهابية ، ويعلنون رسمياً سعيهم لطرد الفلسطينيين الى الوطن البديل – الى الجزيرة – ولم تفعلوا شيئاً فمن يردع اسرائيل ؟؟
تتحدثون عن إحباطكم وشعوركم بخيبة أمل كبيرة من نتانياهو وغيره . إذا كنتم أنتم الحلفاء الذين أغدقتم وتغدقون على اسرائيل المال والسلاح والدعم السياسي والدبلوماسي والمعنوي والإعلامي تقولون ذلك فماذا يقول الفلسطينيون ؟؟ هل فكرتم بمشاعرهم وخيبات آمالهم المستمرة معكم منذ عام 48 ؟؟ هل فكرتم بمشاعرهم وهم يقتلون أمام الرأي العالمي كله ، يشرّدون ، تدمّر المنازل والمستشفيات والمساجد والمؤسسات فوق رؤوس الناس وتمحى غزة عن الخارطة بالكامل وترتكب المجازر بحق الأطفال والأمهات والمسنين ، وهي حرب إبادة كاملة ، هل فكرتم بمشاعرهم وصرخاتهم وآلامهم وآمالهم الخائبة من سياستكم وممارسات اسرائيل ؟؟ فماذا يفعلون ؟؟ هــل سألتم هذا السؤال ؟؟ هل يستسلمون لقضاء اسرائيل ومساندتكم لها ؟؟ أليس لهم الحق في الدفــاع عن أنفسهم ووجودهم وحريتهم وكــرامتهم وأمنهم وسلامهم وفي العيش الكريم والحلم بتربية أولادهم وتوفير مقومات حياة لائقة لهم مثل كل أبناء شعوب الأرض ؟؟ وماذا تنتظرون منهم عندما يرونكم والعالم الحر تتخلّــون عن قيمكم وشــعاراتكم وتستسلمون للإرادة الاسرائيلية ؟؟
الفلسطينيون أصحاب حق . مقتنعون بعد كل هذه السنين أن لا أحد يأتي به إلا هم . هم يناضلون ويكافحون دفاعاً عن أنفسهم وهذا حقهم وأنتم تقولون أنكم محبطون من نتانيــاهو ومن معه وفي الوقت ذاته تقبلـــون كل شيئ منهم تحت عنـــوان " حق الدفــاع عن اسرائيل " !!
ولتأكيد ذلك خرج مرة جديدة جون كيربي ليقول باسم مجلس الأمن القومي الأميركي : " الإدارة الأميركية تدعم النهج الاسرائيلي في القضاء على حماس وتؤكد رفضها الوقف الشامل لإطلاق النار في قطاع غزة " . ماذا يعني ذلك ؟؟ مباركة نهج وسلوك اسرائيل الذي أعلن الرئيس بايدن انزعاجه منه في تصريحات معلنة . لكن لا قيمة لها في العقل الاسرائيلي وأمام فعل نتانياهو وشركائه .
مرة جديدة : عندما يعلن المسؤولون الاسرائيليون أهدافهم بوضوح : السيطرة على فلسطين ، وأنتم تعترفون بذلك وتتحدثون عن حل الدولتين فهذا يعني أن المسألة ليست مسألة حماس أو هذا الفصيل أو ذاك . المستهدف هو كل الشعب الفلسطيني . كل الأرض الفلسطينية . والصراع سيمتد لسنوات طويلة حتى تكريس حق هذا الشعب في إقامة دولته على أرضه . إذا كان ثمة جدية أو صدق أو رغبة في الوصول الى حلول فيمكن اختصار المعاناة والطريق بالتوقف عن هذا الدعم المفضوح لاسرائيل وتغطية جرائمها ، وأمام ما نشهده اليوم في أوروبا وما يسمى العالم الحر وفي أميركا من انهيار في مستوى القيادة السياسية من جهة ، وتنامي القوى العنصرية الفاشية من جهة ثانية فالخيبة قائمة سلفاً من إمكانية ترجمة أقوالكم الى أفعال وليس أمام الفلسطينيين إلا المقاومة .