Advertise here

خسروا معركة كسر جنبلاط... والمفاجأة بانتظارهم!

11 تموز 2019 11:06:00 - آخر تحديث: 11 تموز 2019 12:15:02

أصبح بالإمكان الحديث عن طي صفحة المكاسرة، ودحرجة الرؤوس، التي كان البعض يتوهّم قوة لتحقيقها. الحرب الضروس ستتراجع في هذه المرحلة على الأقل. سجّل وليد جنبلاط انتصاراً سياسياً، ويُنتظر أن يستكمل قضائياً، خاصةً وأن مسار التحقيقات الجدّية، والذي يدور بعيداً عن الإعلام والإعلان والحملات المنظمة، لا يخدم مصالح وسياقات الأطراف التي تصرّ على إحالة ملف حادثة قبرشمون إلى المجلس العدلي. وربما هؤلاء يستعجلون الإحالة لتحقيق انتصارٍ معنوي في السياسة يثبتون من خلاله أنهم نفّذوا كلمتهم، وحققوا ما أرادوا، مع علمهم أن النتائج لن تكون في صالحهم.

تؤكد مصادر مطّلعة أن مسار التحقيقات يتعارض كلياً مع وجهة النظر التي تسعى بعض القوى التي لا تعيش على غير "اختراع التحديات"، لعلّها تجد لنفسها مكاناً أو منبراً. وهذه التحقيقات ستكون مفاجئة لجهة من بدأ بإطلاق النار، وكيف بدأ الإشكال. وحتى أن بعض الكلام الذي تردّد على بعض الألسنة، قد تصح فيه قاعدة، "من فمهم أدينهم". فهُم الذين قالوا إن وزير الخارجية أراد إلغاء زيارته إلى كفر متى بعد أن علم بالاحتجاجات، لكن هناك من أصرّ عليه كي ينتظره ويذهب لاصطحابه، مهدداً عبر الهاتف بأنه لن يسمح لأحد أن يقطع الطريق عليه.

ومن يهدّد هو الذي يُفترض أن يكون قد استعرض قوته وأطلق النار لإثبات نفسه أمام رئيس كتلته النيابية، وذلك لفتح الطريق أمامه. وحتى كلام البعض عن أن الرصاص كان موجهاً إلى الرؤوس، وكانت هناك محاولات اغتيال، فإنه يدين نفسه بنفسه، وبجشعه الذي يوضح أنه قابلٌ للاستثمار، حتى بدماء مناصريه والمحسوبين عليه. نقول ذلك لأن صورة السيارة التي تعرّضت لإطلاق النار وفق زعمهم، واضحة الإصابات التي تلقتها، وهي على الجانب السفلي من الباب الخلفي، ما يعني أن الرصاص لم يكن موجهاً نحو الرؤوس. وهنا ثمة فرضيتان يعمل التحقيق عليهما، وبينهما أن يكون قد حصل خطأ ما لدى عناصر الموكب.

وبمعزلٍ عن الدخول في هذه التفاصيل واستباق التحقيقات، لا بدّ من الإشارة إلى أن هؤلاء الذين يستعجلون الاستثمار السياسي، هم الذين يريدون استباق التحقيق، وتضخيم القضية، لعلّهم يكبرون حجمهم، ولذلك شرعوا في الاستفادة من تلك الحادثة المشؤومة لأجل تعزيز أوراقهم، أو تصفية حسابات سياسية، أو تسجيل نقاط. إلّا أن ما اتضح في الساعات الأخيرة هو أن معركتهم قد خسرت، فلا شيء سيحصل في لبنان بالإكراه، ولا يمكن لطرفٍ أن يجبر الطرف الآخر على فعل ما يريد. أدار وليد جنبلاط الأزمة على قدرٍ عالٍ من المسؤولية، وهو سيستمر، وهو الذي أعلن رفع الغطاء عن المطلوبين، وسلّم جميع الأسماء التي تسلّمها، بينما الآخرون هم الذين تمنّعوا، كما في قبرشمون كذلك من قبلها في الشويفات. وربما لأنهم لا يفقهون، وربما لأنهم لا يعلمون ما يقال لهم فيكرّرونه على سجيته. السياسة فنّ يبدأ من الاستفادة من دروس التاريخ، ومما يختبره الرجل السياسي في يومياته، لكن هؤلاء لم يتعلموا فن إتقان السياسة، ولا إدارته، ولا يجيدون غير التعطش إما للظهور، وإما لكسب فضلات من هنا وهناك. الكلمة [الآن] للقضاء، وليست للسياسة. للتحقيق وليست للاستثمار. ومجلس الوزراء لاتخاذ القرارات، وليس لتصفية الحسابات، وعليه فإن التحقيقات وحدها هي التي تقرر إحالة الملف إلى المجلس العدلي من عدمها، وليس جشع البعض، ومحاولاتهم البحث عن بطولات في خزائن أوهامهم، وأضغاث أحلامهم. منطق الكسر لا يستقيم مع وليد جنبلاط.

إن أكرمت الكريم ملكته، وجنبلاط أكرم اللئام فتمردوا.