هل تفتح الخماسية باب بعبدا لعون وتُبقي السرايا لميقاتي؟

21 كانون الثاني 2024 07:46:00

غداة الزيارة التي أجراها المبعوث الأميركي الى لبنان آموس هوكشتاين للبحث في ملف تهدئة الوضع في الجنوب وتخفيض التصعيد، وفتح مسار التفاوض حول تثبيت ترسيم الحدود الذي سيكون بحاجة إلى اعادة تشكيل السلطة، أي انتخاب رئيس وتشكيل حكومة يشرفان على عملية التفاوض ويوقعان الإتفاق، تحرّكت جهات ديبلوماسية متعددة على الخطّ اللبناني. كان ذلك في موازاة التحضير لعقد اجتماع خماسي يتم خلاله البحث في تحديد مواصفات الرئيس بدون تسميته وإبلاغ اللبنانيين بهذه المواصفات.

 

إنزعاج باريس
بالتزامن مع تحرك هوكشتاين، برز انزعاج فرنسي واضح من احتمال أن يحصر المبعوث الأميركي المفاوضات به حول الحدود وحول الرئاسة. وشدد الفرنسيون في رسائل مختلفة حول ضرورة عدم ربط انتخاب رئيس للجمهورية بملف تطورات الوضع في الجنوب لأن ذلك سيؤدي إلى إطالة الأزمة طالما أن حرب غزة ستطول. لكن السبب الحقيقي للإنزعاج هو استشعار الفرنسيين بأن المفاوضات الحدودية والرئاسية تنحصر بالأميركيين وحدهم، فتكون باريس قد وجدت نفسها خارج المعادلة، علماً أنها هي التي تقدمت بمبادرتها في العام 2020 ولكنها لم تنجح في تحقيق أي من بنودها حتى الآن.

 

إثر الإنزعاج الفرنسي زار هوكشتاين باريس والتقى المسؤولين هناك، حيث وضعهم في صورة ما يقوم به وبقي على تنسيق معهم؛ مشدداً على أن مساعيه تصب في خانة الوصول إلى حل ديبلوماسي للأزمة ولتجنب التصعيد.

يأتي هذا التحرك بالتزامن مع اصرار الإسرائيليين على التصعيد على أكثر من جبهة، سواء في جنوب لبنان أو سوريا من خلال عمليات الإغتيال التي تعرض لها مسؤولون في الحرس الثوري الإيراني. هناك اعتقاد بأن اسرائيل تريد استدراج الولايات المتحدة الأميركية الى حرب لجانبها، من خلال توسيع الجبهات. في المقابل، ايران تتجنب توسيع إطار المعارك وهو الأمر نفسه الذي يعمل عليه حزب الله.
 

ترابط المسارين
في لبنان، تكوّنت قناعة لدى الجميع بأن تسوية الوضع في الجنوب مرتبطة بإنجاز تسوية سياسية ورئاسية، تتعلق بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة. من هنا تأتي التحركات التي يقوم بها سفراء الدول الخمس على الساحة اللبنانية من جهة، وزيارات المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الى الرياض والدوحة وبعدها القاهرة للتنسيق في سبيل انعقاد الإجتماع الخماسي وتحديد مكان انعقاده. لكن الأهم بحسب ما تقول مصادر ديبلوماسية أن ما يجري حالياً هو إنجاز التطابق في وجهات النظر بين الدول الخمس حول مواصفات الرئيس، والتي سيتم تحديدها بشكل واضح بدون تسمية، إلا أن مؤشراتها تفيد بالذهاب الى شخصية مقبولة من الجميع وتحظى بموافقة الغالبية ويسجل تقاطع حولها داخلياً وخارجياً. هنا ثمة من يذهب ليستعجل الحسم ويقول إن هذه المواصفات تنطبق على قائد الجيش جوزاف عون، وأن الأمر يحتاج الى ترتيبات متعددة. في المقابل هناك وجهة نظر أخرى تفيد بأن قائد الجيش غير مقبول من التيار الوطني الحرّ ولم يحظ بموافقة الحزب حتى الآن ولذلك لا بد من الذهاب الى البحث عن شخصية توافقية أخرى.

 

ميقاتي: رضا الحزب والغرب
في حين تعتبر المصادر الديبلوماسية الغربية أن قائد الجيش يتقدم على منافسيه في هذا السياق، بدأ الحديث أيضاً عن رئاسة الحكومة. وسط اشارات تفيد بأن كل ما يقوم به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، يصب في خانة تحضير الأرضية أمام إعادة تكليفه بعد انتخاب الرئيس الجديد، وهو بنتيجة المواقف التي يتخذها، يحظى على اطمئنان حزب الله له، كما أنه عمل على ترتيب علاقاته بشكل جيد مع الأميركيين والفرنسيين. وعلى الرغم من المواقف التي يطلقها ميقاتي وتصب في خانة اعتباره أنه يسلّم البلد لحزب الله، لكن في المقابل هناك من يعتبر أنه أيضاً على تنسيق كامل مع الأميركيين والفرنسيين ويضعهم في كل الأجواء والتطورات. وهو ينظر الى نفسه من موقع الحاجة للجميع. كما أنه لا يشكل ازعاجاً للغرب، ولا للحزب، طالما أنه يتخذ موقفاً يمنح الحزب غطاءً يجعله يقول إنه خلف الدولة اللبنانية.

 وعلى هذا المنوال، يأتي من يغزل بأنه في حال تم الذهاب الى انتخاب رئيس بمواصفات الخيار الثالث، ما يعني تخلي حزب الله عن مرشحه، سيكون الحزب متمسكاً حينها برئيس وزراء يرتاح له، فميقاتي تتوفر فيه صفات الإرتياح من جهة الحزب والأميركيين والفرنسيين معاً، لأنه لا يمكن انتخاب رئيس واختيار رئيس للحكومة من خارج إرادة الحزب. على هذا الأساس، يتحرك ميقاتي أيضاً. ولكن في المقابل، هناك من يشير إلى وجوب اختيار شخصيات جديدة، كما أن الفرنسيين يعتبرون رئاسة الحكومة يفترض أن تكون تسمية سعودية.