ألمانيا بين المحرقة والإبادة الجماعية

20 كانون الثاني 2024 12:33:57 - آخر تحديث: 20 كانون الثاني 2024 12:53:25

بين عامي 1904 و 1908 ارتكبت ألمانيا أول إبادة جماعية في القرن العشرين في ناميبيا راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأبرياء!! هذا ما أعلنته الرئاسة الناميبية التي استنكرت تأييد ألمانيا اسرائيل في حربها على غزة وقالت: "ألمانيا لا تستطيع أن تعبّر أخلاقياً عن التزامها اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة الإبادة الجماعية بما في ذلك في التكفير عن الإبادة الجماعية التي ارتكبتها في ناميبيا في حين تدعم ما يعادل الهولوكوست والإبادة الجماعية في غزة"!! "ولا يمكن لأي إنسان محب للسلام أن يتجاهل المذبحة التي ارتكبت ضد الفلسطينيين في غزة " !! وكان المتحدث باسم الحكومة الألمانية ستيفن هيبستريت أعرب عن "رفض برلين بشكل حاسم وصريح الاتهامات الموجهة ضد اسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب إبادة جماعية. وهذا اتهام لا أساس له من الصحة "!!
ولم تكتف الحكومة الألمانية بذلك بل تبنّت كل الروايات والمزاعم الاسرائيلية التي عمّمتها حكومة نتانياهو حول عملية طوفان الأقصى ولاحقاً حول المستشفيات التي دمّرت وسوّيت بالأرض وقتل وطرد من فيها من جرحى وأطباء ومرضى كما هو معلوم، تحت عنوان " الحرب ضد حماس " !! ثم لاحقاً اندفعت ألمانيا الى تقديم السلاح والذخائر لاسرائيل لاستكمال حربها وجرائمها وتحقيق أهدافها بتهجير الفلسطينيين وتهديدهم باستخدام " قنبلة نووية " ضدهم أو " بحرقهم " "وتمزيقهم " للسيطرة على قطاع غزة بالكامل وإعادة بناء مستوطنات فيه، واستكمال التوسّع في الضفة وبالتالي القضاء على أي وجود فلسطيني على أرض فلسطين التي احتلت وأقيمت عليها دولة " الإغتصاب والإرهاب " بعد المحرقة التي نفذها ألمان نازيون ولم يذهب الفلسطينيون لاحتلال ألمانيا وتنفيذ محرقة لكي يطردوا من أرضهم وتحتل من قبل عصابات اسرائيل ثم تقام دولة تسقط لاحقاً كل قرارات الأمم المتحدة وحقوق الشعب الفلسطيني على أرضه ليبقى يدفع ثمن ما اقترفه الألمان. هذا الموقف من ألمانيا تحديداً هو موضع شجب واستنكار لأنه يتقدّم على الموقف الاسرائيلي للأسف. وهو لا يختلف في المضمون عن مواقف أوروبية كثيرة ولكن لخصوصية " المحرقة " على أرضها وبأيدي أبنائها، فإن له دلالات مختلفة ولن يولّد إلا المزيد من الحقد والكراهية والعنصرية وستكون تداعياته سلبية ودراماتيكية في كل أوروبا التي تجنح نحو مزيد من التطرف والحقد تحت عناوين مختلفة.
لقد تميّزت ايرلندا بمواقفها المتقدمة المؤيدة لحق الشعب الفلسطيني والرافضة سياسة الإبادة، وكانت مواقف شجاعة من اسبانيا وبلجيكا تدعو الى المبادرة الى إعلان الدولة الفلسطينية وليس فقط رفض ما يقوم به جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين.
من ايرلندا خرجت النائب كلير دالي بموقف جديد قالت فيه: " على الرغم من حصيلة القتلى الكارثية التي أوقعتها اسرائيل، فإنها تخسر على الأرض وفي محكمة الرأي العام وأيضاً ستخرج من الحرب دولة منبوذة ولذلك تحاول توسيع الصراع وعمل كل ما يمكنها فعله بمباركة من بايدن وأوروبا الذين يمكنونها من مواصلة إرهابها. شعوب أوروبا تقف الى جانب فلسطين وجنوب أفريقيا ".
الدول الأوروبية التي انحازت الى اسرائيل وجرائمها أخرجت نفسها من التزاماتها بقيم الحق والقانون والعدالة والإنسانية والحرية والديموقراطية وستكون تداعيات ذلك على أمنها واستقرارها ونموّها وحضورها ودورها سلبية جداً وفي ذلك مصلحة أميركية – اسرائيلية مشتركة.