بعد دعوى جنوب أفريقيا... إسرائيل على حقيقتها أمام العالم وواشنطن محرَجة
16 يناير 2024
09:58
Article Content
شكّلت دعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية فارقاً كبيراً في التحرك العالمي ضد الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في غزة، وسط غياب أي تحرّك جدي ومهم من أغلب الدول العربية لمحاولة وقف التعديات. فقد تحرّكت جنوب أفريقيا لإنقاذ ما تبقى من إنسانية في هذا العالم الذي بات مخيفاً وموحشاً لأطفال غزة وفلسطين وكل متضرر من ارتكابات ووحشية العدو الاسرائيلي.
وعن هذه الدعوى، أشار الصحافي يوسف دياب في حديث لجريدة "الأنباء" الالكترونية الى أن "علينا الإتفاق تماماً على أنه لطالما كانت إسرائيل تتمرّد على القرارات والمحاكم الدولية، فمثلا في مجزرة صبرا وشاتيلا كان هناك شبه إدانة دولية وكان حينها أرييل شارون مطلوبا للامتثال أمامها إلا أنه لم يستجب. المغاير اليوم هو أن لقرار المحكمة أهمية كبرى بكونها ستكون إدانة سياسية وقانونية ومعنوية لإسرائيل أمام أهم مرجع قضائي دولي في العالم، فهذه المحكمة تحظى بثقة عالمية وبالتالي فكل الأدلة والصور والمستندات المقدمة أمام المحكمة تثبت أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، وإدانة المسؤولين السياسيين والعسكريين في هذه الجرائم بات محسوماً، وتوجيه هذه الإدانات سيشكّل إحراجا للكيان الصهيوني ووقع مهم وكبير وسط مزاج عالمي يتغيّر ونظرة عالميّة تتبدّل تجاه دولة إسرائيل والتي كانت بنظر أغلب الشعوب الغربية دولة ديمقراطية ومتطوّرة ودولة مضطهدة ومعتدى عليها من قبل الفلسطينيين والعرب، أما الآن فهذه النظرة قد تغيّرت وبدأت صورة اسرائيل الحقيقية تظهر جلياً أمام العالم وهذا بات معروفا من خلال التظاهرات التي تجوب العالم دعما لفلسطين وخاصة في أميركا وأوروبا"، مؤكدا أنه عندما يصدر قرار المحكمة بإدانة إسرائيل هذا سيشكل إحراجا كبيرا لأميركا أمام شعبها ما سيجعلها غير قادرة على الاستمرار في دعمها للعدو ولا اسرائيل ستدوم عظمتها وجبروتها.
واستبعد دياب أن تخضع إسرائيل لضغط القانون الدولي، معتبراً أنها من الممكن أن يشجعها ذلك على ارتكاب المزيد من الجرائم والهروب إلى الأمام، أو حتى تفكر بالاستمرار في المجازر لتشكل ضغطاً على المجتمع الدولي لكي لا يدينها، "لأنها غير قادرة على استيعاب ما حصل أو احتوائه، فلا شك بأن مقومات إدانتها أصبحت قوية وكبيرة وبالتالي من الصعب عليها أن تغيّر ما يمكن أن يحصل على الأرض وترتكب مجازر وتدمير وجرائم أكثر من التي ارتكبتها حتى الآن". وأكّد دياب أن حكم القانون الدولي سيصدر وسيدين إسرائيل، "بالرغم من أنه في السابق كانت المحاكم الدولية تخضع لحسابات سياسية أو حسابات دول، إلا أن اليوم أمام السوشيل ميديا والمشاهد التي يراها العالم لا أتصور أنه هناك مرجع قانوني أو قضائي دولي قادر على تخطي كل هذه الأمور التي تحصل".
أما عن القضاة، فيؤكّد دياب أن هذه المحكمة تتشكل من قضاة كبار ومن الصعب أن يخضعوا لقرارات أو خيارات دولهم، بل يخضعون لحكم القانون الدولي، "لا أعتقد أن أي قاضي عندما يصل إلى هذا المركز ممكن أن يبيع سمعته وكرامته مقابل أن يرضي حكومته أو أن يخضع لضغوطات، ولديهم ما يكفي من التجرد والنزاهة والحيادية والإصرار على إحقاق الحق لأن هؤلاء القضاة إذا ما خالفوا الوقائع والتاريخ فهذا يشكل إدانة لهم بالعمل القضائي مما سيشكّل إدانة لهم ولمنظومة القيم القانونية بالعالم، وبالتالي أستبعد أن ينجرفوا تحت ضغوطات سياسية، واليوم الجانب الإسرائيلي يدافع بشراسة من خلال محامين له في المحكمة هذا حق مفهوم ولكن حجتهم ضعيفة لا يمكنهم القول أن إسرائيل مضطهدة أو أنها دولة يعتدى عليها أو أن يستندوا على ما حصل في 7 تشرين ويتجاهلوا إبادة شعب"، متسائلا "إذا كان هناك مشكلة مع حماس فما علاقة 23 ألف مدني من الذين قتلوا حتى الآن وأكثر من نصفهم من الأطفال؟ وما علاقة البنى التحتية التي تدمر والمدارس والمستشفيات التي تقصف بمن فيها؟ فبرأيي اليوم هذه محكمة تقام بحق دولة قائمة بتاريخها على الإبادة والجرائم والمجازر وهي أنشأت بعكس التاريخ والطبيعة".
وفي الختام، فإن كل الدلائل متوفّرة لإدانة إسرائيل أمام المحكمة وهذا ما جعلها والولايات المتحدة الأميركية تفقدان أعصابهما إن كان في المحكمة أو في تعاملهما العسكري وهذا ما شكل لهما إحراجا وقلقا أمام العالم الذي ينتظر اليوم إدانة تنصر الإنسانية وتبقي على الثقة الدولية بإحدى مؤسسات العدل حول العالم!