تشهد سوق الشيكات في الفترة الأخيرة تغييرات في طريقة احتسابها، إذ بعدما أقفل العام 2023 على بيع الشيك بنسبة 11.5% من قيمته الاسمية، سجلت هذه النسبة ارتفاعا هذا الاسبوع الى ما بين 14% للشراء و 15% للبيع. فلماذا هذا التغيير؟ وهل من علاقة بالتعميم 151؟ وما السقف الذي يمكن أن تبلغه؟
يخلق عدم تجديد التعميم 151 الكثير من التكهنات حول مصير دولار المصارف في المرحلة المقبلة، وقد أضيف اليها مؤخراً البيان الاخير للمصرف المركزي والذي يوحي باستئناف التحضيرات لإطلاق منصة بلومبرغ ودعوة المصارف للانضمام اليها. كل هذا يَشي بأنّ شيئاً ما يتحضّر للمرحلة المقبلة تتعلق بسعر الصرف. هذه الاجواء انعكست تبدّلاً في تسعيرة الشيكات في السوق والتي ارتفعت قيمتها مؤخرا الى 15% بما يوحي بارتفاع الطلب عليها تحضيراً للمرحلة المقبلة والتي يتوقع معها ان ترتفع قيمتها. والسؤال المطروح هل ستعود الشيكات الى قيمتها الفعلية؟ ما هو السقف الذي يمكن ان تبلغه؟ هل ستظل تجارة الشيكات قائمة؟ وهل من مصلحة للمودعين اليوم ببيع شيكاتهم؟ وهل من تداعيات اقتصادية لهذا التوجه في ظل عدم إقرار الكابيتال كونترول واي خطة تعافٍ اقتصادي؟
في السياق، شرح المستشار المالي ميشال قزح لـ«الجمهورية» انّ سوق الشيكات هي سوق مواز تتحكّم فيها مجموعة من الصرافين، وهؤلاء يشترون الشيكات لسببين: الاول كخطوة استباقية مراهنين على ان يقدم المصرف المركزي على رفع سعر الصرف من 15 الفاً الى 25 او 35 او ربما 89500 ليرة، لذا يسارعون الى الشراء مراهنين على تحقيق ارباح في المرحلة المقبلة متى ارتفع سعر الصرف. والثاني: شراء الشيكات بهدف بيعها لأفراد يستعملونها بهدف تسديد ديون مستحقة عليهم.
وكشف قزح انّ بعض المصارف عمدت الى رفع سقف السحوبات الى 5000 دولار بدل السقف الذي حدّده المركزي اي 1600 دولار، وذلك بهدف تسريع تخلّص المودعين من لولاراتها قبل ان يتغيّر سعر الدولار في المصارف. وربطَ قزح ما بين هذه الخطوة وبين ارتفاع سعر الشيك قائلاً: بمجرد رفع سقف السحوبات يرتفع سعر الشيك لأنّ هذه الخطوة تتيح تصريف كمية ليرات أكثر، لذا يُقدم بعض الافراد على شراء الشيكات ووضعها في البنوك وسحبها على 15 الفا طالما انّ سقف السحوبات ارتفع او لإبقائها وسحبها لاحقاً عندما يرتفع سعر دولار المصارف.
وتابع قزح: انّ المصارف التي أبقت على نفس سقف السحوبات اي 1600 دولار رفعت من كمية النقدي الممكن للمودع أخذها من 5 او 10 ملايين الى 24 مليون ليرة، وهي بذلك تحاول التخلص من أكبر كمية ممكنة من اللولارات لديها.
ترقب لتغير دولار المصارف
وعن حركة السوق، قال قزح: الحركة ضعيفة جدا والمودعون في حالة انتظار وترقّب لتغيّر سعر دولار المصارف، لا سيما انّ هناك توجهاً لتوحيد سعر الصرف بعد اقرار الكابيتال كونترول، على ان يخفّض تزامناً سقف السحوبات من 1600 دولار راهناً الى 270 دولاراً مع الابقاء على الحصول على نفس كمية النقدي بالليرة اللبنانية.
وردا على سؤال، قال قزح انّ سعر الشيكات يتجه نحو سعر السوق لكن استعمالها لن يعود متاحاً بعد إقرار الكابيتال كونترول، لأنه سيُتاح، بعد هذا الاقرار، سحب 24 مليونا شهريا والتي توازي 270 دولاراً، ومن شأن ذلك ان يلجم حركة الشيكات وان يجمّد الودائع القديمة، فقط ودائع الفريش ستكون قابلة للتحرك.
وتابع: في المرحلة المقبلة لن تبقى الودائع على حالها انما ستتم غربلتها والاتفاق على كيفية رَد جزء منها. ومن الطروحات المتداولة اعطاء سندات على مدة 30 عاما واحتساب الفائدة بـ5.5% (الفائدة المتداولة عالمياً) على سبيل المثال سند قيمته 100 دولار يقسّم على 30 عاماً وتُضاف اليه الفائدة الاسمية تصبح قيمته 20 دولاراً اي بهيركات نحو 80% بما يوازي الهيركات المتّبَع اليوم، لكن السلطة تحاول تمليق المودع بالمراهنة على انخفاض الفائدة العالمية بما يرفع من قيمة السند لاحقاً.
الحل بصندوق النقد
وأكد قزح ان كل حل خارج صندوق النقد ليس بحل إنما هو «ترقيع»، لافتاً الى ان صندوق النقد يقسم المودعين آخر 10 سنوات الى فئات، منهم من هرّب امواله خارج لبنان بعد الثورة في عام 2019، ومنهم من حوّل من ليرة الى دولار بعد الثورة، ومنهم من استفاد من فوائد الهندسات المالية والتي وصلت قيمتها الى 15 مليار دولار، وهناك مصارف استفادت من الهندسات بقيمة تتراوح ما بين 20 الى 30 مليار دولار. هؤلاء يجب غربلتهم والعمل وفق الرأسمال لا الفوائد الوهمية، ولاحقاً التفتيش عن حلول لرد اموالهم.
إرتفاع كبير متوقّع في اسعار الشيكات؟
مصدر مالي مواكب للوضع، استبعد ان تكون بعض المصارف لجأت الى رفع سقف السحب، لا سيما انه تم تجفيف السوق من الليرة، بحيث كانت فائدة الانتربنك ترتفع الى مستويات قياسية، بسبب حاجة المصارف الى السيولة بالليرة. وقال المصدر لـ«الجمهورية» انّ ارتفاع سعر الشيكات يرتبط حصراً بالرهان على ارتفاع سعر سحب دولار المصارف في الفترة المقبلة. ووفق السعر الجديد الذي سيتم تحديده، قد ترتفع من جديد اسعار الشيكات. واذا ما تم رفع سعر دولار المصارف الى سعر منصة صيرفة اي 89،500 ليرة، فهذا سيؤدي حتما الى ارتفاع اكبر في اسعار الشيكات، لا سيما ذات القيمة الصغيرة منها.