لا شيء يُضاهي فرحة اللبنانيّين بحلول عيد الميلاد، اللّيلة التي وُلد فيها ملك السّلام يسوع المسيح في مزودٍ متواضع ليسكُن بعد هذه اللحظة المفصليّة في تاريخ البشريّة القلوب بدلاً من القصور، هناك حيث يصنع العجائب ويزرع المحبّة والفرح والأمل، وهناك أيضاً حيث يعرفُ جيّداً كلّ نيّة وأمنية وغصّة ويُبلسم أعمق الجراح.
يتحضَّر اللّبنانيّون بحماسةٍ لعيد الميلاد، إلاّ أنّ ما يُميِّز بلدنا رغم كلّ ما يفرّقنا فيه هو عمق محبّة المُسلمين لهذا العيد. يُحبّون السيّد المسيح ويحترمون والدته العذراء، يتأمّلون في معاني ولادته، ويجتمعون في ليلة ميلاده للاحتفال وتبادل الأمنيات والهدايا والكثير من الحبّ.
تستعدُّ عائلة حيدر لعيد الميلاد، شجرةٌ عملاقة توسّطت الدّار منذ بداية شهر تشرين الثاني، وُضعت تحتها عشرات الهدايا للكبار والصّغار، كيف لا وهو بيت "تاتا" و"جدّو" حيث سيجتمع كلّ أفراد العائلة ليلة 24 كانون الأوّل للاحتفال بالعيد. تروي أمّ علي تفاصيل التّحضيرات: "ننتظرُ سنويّاً هذه الليلة لأنها مُميّزة جدّاً بالنسبة إلينا كعائلة، وأنا شخصيّاً أهتم بلائحة الطعام والطّبق الأساسي سيكون حبشة العيد، أما الحلوى فهي طبعاً الـ"بوش دو نويل" من تحضيري"، وتُضيف عبر موقع mtv "نحترمُ هذا العيد كثيراً ولطالما تشاركنا فيه مع جيراننا المسيحيّين في منطقة الحدث، ونتمنّى أن يحمل معه السّلام لوطننا ولجميع اللبنانيّين خصوصاً في الجنوب".
أمّا عمر ع. فقد أصرّ على أن يحجز تذكرة من دبي الى لبنان صباح 24 كانون الأوّل الجاري لقضاء ليلة العيد مع عائلته التي ستجتمع للاحتفال بالميلاد. ويُخبر عمر موقع mtv: "حَرِصنا أنا وأخي الذي يعيش في ألمانيا على القدوم الى لبنان في الميلاد وليس فقط للاحتفال بالسنة الجديدة، لأنّ العيد هو عيد ولادة السيّد المسيح والمحبّة، ويحمل الكثير من المعاني والقِيم التي نُقدِّرها، وسنحمل معنا الكثير من الهدايا لتوزيعها على كلّ أفراد العائلة".
أمّا كريستال ر. المتزوّجة من مُسلم، فسوف تَجمعُ ليلة الميلاد العائلتين أيّ عائلتها وعائلة زوجها في منزلها، وتقول لموقعنا "زوجي يحترمُ ديانتي المسيحيّة الى أقصى الحدود، ولذلك تزوّجنا مدنيّاً في قبرص، وقرّرنا أن نحتفل بكلّ الأعياد من الديانتين في منزلنا، والمُفارقة أنّه يُصرّ دائماً على أن تكون المغارة ضخمة ومميّزة تحت الشّجرة ويُساعدني في إعدادها"، مُردفةً "ابنتنا لين التي عمرها 5 سنوات تُصلّي كلّ ليلة أمام المغارة، وقد قرّرنا أن نربّيها على احترام مختلف الأديان".
يُعيِّد اللبنانيّون الميلاد هذا العام بإصرارٍ كبيرٍ على الفرح بالرّغم من كلّ يحصل في بلدهم. وباستثناء الاحتفالات الديّنية والقداديس، أصبحت عادات الميلاد مشتركة لدى الجميع لتُظهر للعالم، كيف هذا البلد الصغير المتعدّد الطوائف والأديان، هو فعلاً منارة إيمان في هذا الشّرق، وأرضٌ لا يليقُ بها سوى السلام والفرح والأعياد.