كل الملفات الملحة كانت أمس في مجلس النواب، إما داخل القاعة العامة وإما في أروقة المجلس ومكاتبه. فالجلسة التشريعية كانت مناسبة ليس فقط لبحث وإقرار بنود جدول الأعمال، إنما استغلها النواب للتداول في شؤون وشجون البلد وأزماته المعقدة. غير أن البند الذي ينتظر اللبنانيون البت به، وهو موضوع تلافي الشغور في المؤسسة العسكرية بقي من ضمن البنود التي لم يصل اليها البحث بعد جلستين صباحية ومسائية تناولتا ثمانية بنود فقط. أما موضوع تمديد سن التقاعد لقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية فقد جرى التوافق على دمج اقتراحات القوانين المعجلة المقدمة حياله اللقاء الديمقراطي، ومن القوات اللبنانية، والاعتدال الوطني، ومن النائب أديب عبد المسيح، لرفع سن التقاعد سنة لكل الرتب العسكرية والأسلاك بما يشمل أيضاً المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وهذا الاقتراح سيعرض على الجلسة النيابية التي رفعها الرئيس نبيه بري الى الثالثة من بعد ظهر اليوم، فيما مجلس الوزراء الذي سيجتمع ظهر اليوم فسيبحث تأجيل التسريح لقائد الجيش لمدة ستة أشهر.
النائب السابق وهبي قاطيشا أشار في حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية إلى إمكانية إقرار القانون المتعلق بتأجيل تسريح قائد الجيش سنة جديدة في هذه الظروف، آملاً أن يتمكن النواب قبل نهاية هذه السنة من انتخاب رئيس للجمهورية أيضاً لكي تستقيم أمور الدولة وإعادة انتظام عمل المؤسسات، مستغرباً إصرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على طرح التمديد لقائد الجيش في مجلس الوزراء ما قد يعرضه الى الطعن كما حصل بعد التمديد لقائد الجيش السابق جان قهوجي. وسأل قاطيشا: "على أي أساس تصرف ميقاتي بهذا الشكل؟ هل إرضاء لجبران باسيل للإيقاع بينه وبين المعارضة؟" معتبراً أن "التمديد من قبل الحكومة لا معنى له ويبقى مشكوكاً به". وفي تعليقه على توجيه كتاب من وزير الدفاع موريس سليم الى رئيس الحكومة من أجل قيام الحكومة بالمقتضى المطلوب لمنع الشغور في قيادة الجيش، اعتبر أن "الرسالة لا تكفي، بل كان عليه أن يتقدم بطلب رسمي بالتمديد لقائد الجيش ممهوراً بتوقيعه، وهو لن يفعل ذلك بطلب من باسيل".
وتعليقاً على اتهام باسيل للقوات اللبنانية بالتراجع عن موقفها بما يتعلق بمشاركة تكتل الجمهورية القوية بالجلسة التشريعية، رأى قاطيشا أن "باسيل يعاني هذه الفترة من إفلاس سياسي، ولذلك يلجأ في كل مرة الى اتهام القوات بالتخريب عليه في عملية الحفاظ على حقوق المسيحيين".
وفي تفسير لخطوة الرئيس ميقاتي طرح التمديد لقائد الجيش من خارج جدول الاعمال، أشار النائب السابق علي درويش إلى أن "المتداول في السيناريو المعتمد أن يطرح هذا الموضوع من خارج جدول الأعمال، وبذلك يكون الرئيس ميقاتي قد قام بواجبه وأعطى فرصة كاملة للتوافق على هذا الموضوع، لأن المهم في هذا الظرف استمرار المؤسسة العسكرية رغم تناقض الموافق، فالتمديد أقرب للمنطق من المتداول حول تعيين قائد جديد للجيش بغياب رئيس جمهورية أو بتعيين ضابط بحسب الأقدمية"، متوقعا أن "يقوم مجلس الوزراء بواجباته في جلسة اليوم، وعلى هذا الأساس أرجأ رئيس المجلس النيابي الجلسة التشريعية إلى بعد ظهر اليوم ليكون مجلس الوزراء قد أقر التمديد في اجتماعه قبل الظهر، وبناء عليه يتابع مجلس النواب بحث اقتراحات القوانين أو تعديل سن التقاعد من خلال تمديد سن التقاعد لمدة سنة". وأضاف: "ما شاهدناه من سيناريو في الامس يشير إلى أن الغالبية النيابية ترغب به وهو لا يتعارض مع قرار الحكومة اذا تم التمديد ستة اشهر او تأجيل التسريح، فالمهم الحفاظ على المؤسسة العسكرية بعد اشادة الكل بقدرة القيادة على ادارة المعركة في هذه الظروف".
ساعات قليلة إذًا ويظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فهل ينجو البلد من شغور آخر في مؤسساته، وتتم المحافظة على المؤسسة العسكرية التي ما زالت تقوم بواجبها على أكمل وجه رغم الصعوبات؟