الرئيس الأميركي جو بايدن الذي أيّد منذ اللحظة الأولى العدوان الاسرائيلي على غزة وأرسل حاملات الطائرات والغواصات وزوّد اسرائيل بكل أنواع القذائف وأطلق يدها في عملية التدمير الممنهج والتهجير ورفع شعار: "نريد أن نطمئن الى أن اسرائيل تملك كل ما تحتاجه"، "ولا نضع قيوداً على السلاح الذي نوفّره لها". وتبنى مزاعمها الخطيرة ورواياتها الكاذبة حول قطع رؤوس الأطفال والاعتداء على النساء في عملية طوفان الأقصى، وفي استهداف المستشفى المعمداني ومستشفى الشفاء، وسكت لفترة طويلة عن آلاف الشهداء من الأطفال والنساء وعمليات التدمير التي تجاوزت خلال شهرين الدمار الذي لحق بالمدن الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية خلال سنتين، استخدم حق الفيتو ضد القرار الذي يدعو الى وقف النار في مجلس الأمن. الرئيس بايدن نفسه أطلق سلسلة من المواقف قبل وصول مستشاره لشؤون الأمن القومي جايك سوليفان الى اسرائيل قال فيها أنه:
1 - "لو لم تكن هناك اسرائيل لكان علينا أن نخترع واحدة"!! أليس هذا اعترافاً بأن المسألة ليست مسألة حق اسرائيل في الأرض التي قامت عليها وهي أرض فلسطين إنما نشوء هذا الكيان له أبعاد أخرى وهو يستهدف المنطقة بأسرها وبالتالي، بالمحرقة النازية أو من دونها كان لا بدّ من اختراع "اسرائيل ما" في ديار العرب؟؟ وهذا يعبّر عن روح الاستعمار الأميركي البريطاني الغربي، وعن أطماع تلك الدول في أرضنا العربية.
2 – "لا يمكن لاسرائيل أن تكرّر أخطاء ارتكبناها نحن بعد أحداث 11 أيلول مثل احتلال أفغانستان. علينا أن نوحّد الاسرائيليين بطريقة تقودهم الى حل الدولتين".
من المفيد أن يتعلّم المرء من تجاربه ويجري المراجعة النقدية لسلوكه وإذا كان السيد بايدن صادقاً فيما يقول فلماذا أيّد اسرائيل في احتلالها أراض تقع نظرياً تحت إشراف السلطة الفلسطينية؟؟ وفي عملياتها الإرهابية المجنونة في غزة؟؟ ولماذا لم يردّ على نتانياهو وعصابة بن غفير عندما أعلنوا منذ أسابيع أنهم لن يقبلوا أحداً في غزة غير جيش الاحتلال وأنهم يريدون تهجير الفلسطينيين الى سيناء؟؟ ولماذا أيدت وزارة خارجيته هذا الاقتراح مع بداية الحرب؟؟ أما حلّ الدولتين فما هي الجهود الجدّية التي بذلتها الإدارة الأميركية لسلوك درب حلّ الدولتين وإذا كان ثمة مشكلة مع نتانياهو وحكومته وقد تصدّت لها الإدارة فيما يخص التعديلات القضائية في الكنيست محذرة من خطر تحوّل اسرائيل الى دولة غير ديموقراطية فلماذا أيدت كل أعمال الحكومة في الحرب المنافية لأبسط قواعد الديموقراطية والحرية وحقوق الانسان والعدالة والقانون الدولي؟؟
3 – "يمكن لاسرائيل أن تتّكل على دعمنا ودعم غيرنا لكنها بدأت تفقده بسبب القصف العشوائي"!!
ألم تحذّر دول كثيرة في العالم غالبيتها صديقة أو "تابعة" لأميركا من خطورة هذا القصف؟؟ ألم يكن السيد بايدن وأركان إدارته يرون ما يجري مباشرة على شاشات التلفزة فذهبوا الى الضغط على الإعلام وغطّوا قتل اسرائيل لصحافيين؟؟
4 – "هناك مخاوف حقيقية في مختلف أنحاء العالم من أن تفقد أميركا مركزها الأخلاقي بسبب دعمها لاسرئيل"!!
إذا كان ثمة قناعة بهذا الأمر فلماذا الضغط على رؤساء وأساتذة الجامعات في أميركا نفسها؟؟ وعلى وسائل إعلامية؟؟ ولماذا تجاهل استقالات مسؤولين في الخارجية الأميركية والبيت ألأبيض ورسائل من دبلوماسيين ومسؤولين في الحكومة الأميركية تحذّر مما يحذّر منه اليوم؟؟
5 – " على نتانياهو القيام بتحركات لتعزيز السلطة الفلسطينية وتقويتها".
في معزل عن مواقف السلطة اليوم، لكن ألستم شركاء في الضغط عليها؟؟ ألم تقفلوا مكتب منظمة التحرير في واشنطن؟؟ ألم تحجبوا المساعدات عنها؟؟ وهل كان تعامل أميركا مع السلطة السابقة غير ما هو عليه مع السلطة الحالية؟؟ وهذا ما ساعد نتانياهو وغيره على سلوك الدرب الذي يهدّد بتدمير كل شيئ، بل دمّر كل شيئ؟؟
6 – "بن غفير ورفاقه لا يريدون حلّ الدولتين. يريدون الانتقام فقط من جميع الفلسطينيين".
لم يذكر الرئيس بايدن اسم نتانياهو فهل يترك باباً له ل "الرجعة" والتفاهم معه ويحصر المسؤولية ب "بن غفير ورفاقه"؟؟ علماً أن نتانياهو يتصرف بشكل أسوأ من الآخرين وكلهم يزايدون على بعضهم في القتل والإجرام واستهداف الفلسطينيين؟؟ وهل قصة المستوطنين جديدة ؟؟ ومن أطلق يدهم؟؟ أليست الحكومة؟؟ من باعها السلاح ليوّزع على المستوطنين أليست الإدارة الأميركية الشريكة فعلياً بهذه التصرفات في العدوان المفتوح على الشعب الفلسطيني كل الشعب الفلسطيني؟؟ لماذا قامت القيامة على كل من قال: "واضح أن المسألة ليست مسألة حماس، وأن الآلاف من الضحايا من الأطفال والنساء ليسوا من حماس. المسألة هي مسألة الشعب الفلسطيني"؟؟
مع ذلك، ثمة سؤالان: لو نجحت اسرائيل بأدوات القوة الأميركية المتنوعة هل كان بايدن قال مثل هذا الكلام أم كان اعتبر الأمر انتصاراً له وهو الصهيوني بل الأكثر صهيونية ودعماً لاسرائيل، ووزير خارجيته جاء في أصعب ساعات الحرب شدة ليقول جئت لاسرائيل كيهودي؟؟
الحمدلله أن اسرائيل لم تنجح. وهي في ورطة. قلنا ذلك منذ بداية الحرب. إذاً لماذا قال هذا الكلام؟؟
إنها دماء وأرواح أطفال ونساء وشيوخ ومدنيي غزة. جراح أطفال فلسطين. أنين أصواتهم وهم يخضعون لجراحات دون بنج. أصوات الأمهات يلدن بدون بنج. آلام وأصوات ومعاناة الجرحى الذين طردوا من المستشفيات الى جنوب غزة وفرض عليهم الانتقال الى الجنوب سيراً على الأقدام ومات عدد كبير منهم على الطريق . إنها أصوات الشهداء من المقابر الجماعية ومن بين الأنقاض بسبب حملة الإبادة الجماعية والمجازر التي نفــذتها اسرائيل. إنها التكنـــولوجيا التي تغنّـــوا باختــراعها فاستخدمتها كتـــائب "ال ق. س .ا. م" وفضحت أكاذيبهم وهي توثق إجرامهم. إنها صدقية "ال ق.س.ا.م" في معاملة الأسرى أمام كل العالم وفي سلوك اسرائيل البربري الهمجي في المقابل ودعوات مسؤوليها الى حرق غزة بالنووي وإعدام الأسرى ودفنهم أحياء، ووصف ابناء الشعب الفلسطيني ب "النمل" أو الحيوانات!
إنها المظاهرات في كل أنحاء العالم. في أميركا. اليهود والمسلمون والمسيحيون ضد العدوان ومع وقف النار.
إنها المظاهرات في بريطانيا وفرنسا وأوروبا والعالم كله.
إنها استطلاعات الرأي العالمية والأميركية خصوصاً، الكفة راجة لصالح فلسطين.
إنها دعوات بعض الدول الأوروبية الى إدانة العدوان والمطالبة بوقف النار والاعتراف بدولة فلسطين من جانب واحد.
إنه التصويت في مجلس الأمن والأمم المتحدة لهذا الخيار.
إنه الإعلام. إنهم الشهداء الصحفيون. إنها إرادة وعزيمة وإيمان الشعب الفلسطيني بقضيته وحقه في أرضه وإنه صموده الرائع الذي لا مثيل له!!
مهم كلام بايدن اليوم لكل هذه الأسباب. السؤال: هل سيلتزم به؟؟ ماذا سيفعل؟؟ وهو قد أدان نفسه بما قاله لأنه لو تصرف وفق ما أعلنه من الأساس لما كنا وصلنا الى هنا. لقد كنا ولا نزال وسنبقى نكرّر القول: إذا لم يكن حل سياسي عادل للقضية الفلسطينية، فلن يكون ثمة سلام وأمن واستقرار ليس في المنطقة فحسب بل في العالم كله. هذا ما عبّر عنه غوتيريس أمين عام الأمم المتحدة وهاجمته إدارة بايدن، ليعود الأخير ويعبّر عنه بطريقة أو بأخرى وبالتالي لو تصرفوا من الأساس على هذا الأساس لكانت الأمور في مكان آخر. بالتأكيد ستكون ثمة تداعيات "لصحوة" بايدن المتأخرة. للبحث صلة فيها!!