أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي" أن الاستقلالُ تحقَّقَ فعليًّا عندما انتصر اللبنانيون لدستورِهم وميثاقِهم الوطني. وهكذا، بعد ثمانينَ من الأعوامِ التي خاضَ فيها الوطنُ كثيرًا مِنَ المحن القاسية، ما زال التمسُّكُ بالدستورِ الناظمِ لحياتِنا السياسية، والتشبُّثُ بميثاقِ العيش المشترك الراعي لوجودِنا الوطني، السبيلَ الوحيد لتجديد الاستقلالِ".
وجدد"الدعوةَ إلى الإسراعِ في انتخابِ رئيسٍ جديد للجمهورية يعيدُ انتظامَ دورةِ الحياة إلى جسدِ الدولةِ المنهَك". كما جدد"الدعوة إلى الالتفاف حول الجيش، وصَوْنِ حضورِه ومؤسسته، كما سائر القوى الأمنية التي نحييها على الدورِ الذي تقومُ به لحفظ أمن الوطن والمواطنين".
وكان رئيس الحكومة يتحدث خلال رعايته ظهر اليوم حفل ذكرى الاستقلال والاعلان عن اطلاق متحف الاستقلال في قلعة الاستقلال في راشيا الوادي.
حضر الحفل مفتي زحلة والبقاع الشيخ علي الغزاوي، مفتي راشيا الشيخ الدكتور وفيق ححازي، المطران جوزيف معوض، القاضي المذهبي الدرزي الشيخ منير رزق، القاضي الشيخ اسد الله الحرشي، الوزراء السادة:محمد وسام مرتضى، عباس الحلبي ،جورج بوشيكيان، ناصر ياسين، النائب وائل بو فاعور وعقيلته زينة والنائب غسان سكاف، قائد الجيش العماد جوزيف عون، عقيلة رئيس الحكومة السيدة مي ميقاتي ، السيدة منى الياس الهراوي، نائبة رئيس "مؤسسة الوليد بن طلال" التي تولت ترميم القلعة وانشاء متحف الاستقلال الوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة، النائبان السابقان انطوان سعد وامين وهبي، محافظ البقاع القاضي كمال ابو جودة، مدير عام تعاونية موظفي الدوله الدكتور يحيى خميس، العميد ياسر الميس ممثلا مدير عام قوى الامن الداخلي، الرائد عمر ابو شقرا ممثلا مدير عام أمن الدولة، الملازم باسل علبي ممثلا مدير عام الامن العام، قاىمقام راشيا نبيل المصري، قائمقام البقاع الغربي وسام نسبيه، رئيس اتحاد بلديات جبل الشيخ جريس الحداد، رئيس اتحاد بلديات قلعة الاستقلال عصام الهادي وشخصيات سياسية واجتماعية وقضائية وروحية وعسكرية رؤساء بلديات ومخاتير وفاعليات.
قدم الحفل الإعلامي جورج صليبي متحدثاً عن معاني الإستقلال.
رئيس البلدية
رئيس بلدية راشيا رشراش ناجي قال في كلمته: "لقد التصقَ اسمُ بلدةِ راشيا بعيدِ الاستقلال، فم أسوارِ قلعتِها رسمَ ساستُها الكبارُ خارطةَ لبنانِ الوطن، ومن خارجِ أسوارهِها روى أبناءُ راشيا بزوغَ فجر? جديدٍ بدمائِهم الطاهرة...فكان الاستقلال في 22/تشرين الثاني/1943.
إنّ تسطيرَ رئيسِ الجمهوريةِ آنذاك بشارة الخوري، ورئيسِ الحكومةِ رياض الصلح ومنْ معَهم في قلعةِ راشيا ومنْ خلفِهم شعبٌ تواقٌ للحريةِ ملاحمَ من صمود، وجولاتٍ من بطولة هو الذي أبقى رايةَ الاستقلالِ خفاقةً عاليةً أدى ذلك إلى انتزاعِ الحقِ من براثنِ المستعمر. وقد قدّمَ الوطنُ منذُ ذلك التاريخ إلى الآن رجالات? آمنوا باستقلالِ لبنانَ الرسالةِ وما يزالون أمثالَ الزعيمِ الوطنيِّ الكبيرِ وليد بك جنبلاط الذي كان مثالاً يُحتذى بالدفاعِ عن الوحدةِ الوطنيةِ والحفاظِ على السلمِ الأهليّ، وليسَ آخرَهم معالي الوزيرةِ القديرةِ ليلى الصلح حمادة التي حملَتْ بيرق? الاستقلالِ عن والدِها وراحَتْ تزرعُه عبرَ موسسةِ الوليد بن طلال الانسانيةِ مشاريعَ وطنيةً على مِساحةِ ال 10452كلم. ومتحفُ الاستقلالِ عَلَمٌ ومعلمٌ منْ كرمِ مؤسستِها، وشاهدّ يخلدُ مرحلةً ذهبيةً من تاريخ لبنان، سبقَهُ ترميمُ جناحِ الاستقلالِ ومدرّجِ القلعة.
وقد يكونُ عيدُ الاستقلالِ هذا العام ليس ككلِّ الاعيادِ وخاصةً ما نشهدُهُ في منطقتِنا، وما يعيشُه الشعبُ الفلسطينيُ الشقيقُ من مآسٍ تُدمي العيون، وتحزنُ القلوب، ولكنهُ متميزٌ بمشاركةِ وحضورِ دولةِ الرئيس نجيب ميقاتي الذي يحملُ الأمانةَ اليوم مع الوزراءِ للخروجِ بوطنِنا إلى برِّ الأمان. فيا دولةَ الرئيس! لطالما آمنتُم بهذا البلدِ وما زلتُم تؤمنون. ونحن نعلّقُ عليكم الآمالَ الجسام، وانتم خيرُ من يحملُ رايةّ خلاصِ الوطن، وأنتم على قدرِ المسؤوليةِ الملقاةِ على عاتقِكم، تخوضون مرحلةّ صعبةً، تعبرون بها لتخليدِ اسمِكم مع رجالاتِ الاستقلال.
ولننتهزْ فرصةَ حضورٍ قائد جيشِنا الباسلِ لنوجّه له تحية إكبارٍ واعتزاز، ولنثمّن دور قيادتِه البطوليِّ في الداخلِ وعلى حدودٍ الوطن، كما نشكره على مساهمتِه في تزفيتٍ طريقٍ القلعة والذي كان للعماد جوزف عون اليدُ الطولى به .
كما نثني على دورٌ وزارةِ الثقافة بشخصِ معالي وزيرِ الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى والمديريةِ العامةِ للآثارِ على جهودِهم الدائمةِ في راشيا بشكل عام وفي قلعة الاستقلال بشكل? خاص.
وإلى معالي الأستاذ وائل ابو فاعور نقول ستبقى بصمتُك الخيرةُ تلمعُ في راشيا من قلعتِها إلى جبلِها وسوقِها ومستشفاها وجامعتِها ومعاهدِها وطرقاتِها... فلك منا كلَ تقدير? واحترام.
واخيراً باسمي وباسم زملائي في المجلسِ البلديِ نشكرُ لكم حضورَكم وكلُ عيدِ استقلالٍ ونحن وإياكم وبلدُنا بألف خير".
وزير الثقافة
ألقى وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى كلمةً قال فيها: "اقامةُ عيد الاستقلال في قلعةِ راشيا هذه السنةَ، له بعدٌ استثنائيٌّ يوائمُ ما يعيشه لبنان من ظروفٍ استثنائية على جميع الصعد".
وتابع: "فهذه القلعةُ التي أرادوها معتقَلًا، كانت فجرًا سطَعَت في أفُقِه شمسُ الحرية. وكذلك وطنُنا الذي يريدُ العدوانُ أن يكبِّلَ فيه كلَّ حركات الحياة، كما فعل بأحراره في معتقل الخيام وسائر سجون الاحتلال، سينتصر مجددًا ويرفعُ علمَه على سارية الشمس".
واضاف: "ومثلما نتلمّسُ في حُجُراتِ هذه القلعةِ وجوهَ رجالات الاستقلال، ونستلهمُ صمودَهم في أَوْجِ أسرِهم، أمام البنادقِ والحراب، هكذا نستذكر مهابة سلطان باشا الأطرش وبطولاته ووطنيته وهو الذي هاجم مع رفاقه الابطال أسوار هذه القلعة لتحريرها من نير الإحتلال ثم بثّ عبر الأجيال موقفه الشهير "إن كأس الحنظل في العز ..أشهى من ماء الحياة مع الذل" وهكذا نستذكر أيضاً" شموخَ الجنوبيين، مقاومين ومدنيين، الذين سيبقَون على خط المواجهة مع العدو المحتل، حتى زوالِه، للذودِ عن السيادة وتحريرِ الأرض وتأكيد الاستقلال".
واردف: "على أنه من غير الإنصاف أن نقارن بين الانتداب الفرنسي والاحتلال الإسرائيلي، إذ لا شيء في العالم يشبه ما فعله الصهاينةُ طيلةَ تاريخهم، ويفعلونه الآن، من إباداتٍ جماعيةٍ للأبرياء وغدرٍ بالأنبياء، وتدميرٍ للإنسانية. وإذا كان آباؤنا وأجدادُنا، شعورًا منهم بأنْ لا شيءَ يوازي حريتَهم واستقلالَ وطنِهم، قد انتفضوا كلُّهم يدًا واحدةً وقلبًا واحدًا ضد الفرنسيين الذين بَنَوا لنا مؤسساتٍ، ووضعوا قوانين لا نزال نمشي على ضوئها إلى اليوم، فأحرى بنا أن نكون أيضًا يدًا واحدةً وقلبًا واحدةً ضد أعداء الإنسانية الذين لا يفعلون شيئًا سوى المجازر والتدمير والتهجير."
واعتبر: "إنَّ صراخَ الأطفالِ وحشرجاتِ الأمهاتِ وأنينَ الرُّكامِ المتهالكِ فوق رؤوس المدنيين، دعوةٌ لكلِّ ضميرٍ حي أن يقفَ انتصارًا للحقّ الذي أصبحَ في هذا العالم أشلاءً كأشلاءِ أطفال لبنان وفلسطين، في قانا والمنصوري وعلى طريق عيناتا، وفي غزةَ والضفةِ والمخيمات".
وأكّد على وجوب: "ان نكون يدًا واحدةً وقلبًا واحدًا أمام الأخطار الخارجية بالتحديد لا سيّما بعد ما تكشّف بنتيجة الإبادة ضدّ غزّة من نفاقٍ وتآمر غربيّ، فهذا هو معنى الانتماء إلى الوطن الواحد".
واضاف: "لبنان جميلٌ حتى أقاصي البهاء، بتنوُّعِه ورسالتِه ودوره الحضاري، وبعيش المعيّة الذي عبّرت عنه خيرَ تعبير ثورةُ الاستقلال ومواقفُ رجالاتِه خلالَها، ولا سيما الرئيسين بشارة الخوري ورياض الصلح، ورفاقهما في أسر راشيا وفي ميادين بيروت، والنواب الذين وقعوا العلم الجديد، والأحزاب والمواطنين الذين خرجوا ملءَ الساحات، والشهداء الأربعةَ عشر من أطفال طرابلس، والشهيدان سعيد فخر الدين وحسن عبد الساتر ، وأبطالُ الصحافةِ الحرة، وقد أجمعوا كلُّهم على النضال وبذلِ النفيسِ والرخيصِ من أجل نيلِ الاستقلال وحمايته." ونبّه الى أن: "الشعاراتِ المتناحرةَ باتت اليومَ تختطفُ وطنَنا إلى مجاهل الضوضاء والمناكفات، ولن تُفرجَ عنه إلا مقابلَ فديةٍ تساوي وجودَه، هي أن تتساقط فيه مفاهيمُ العيشُ معًا في سلامٍ وحرية. وهذا ما يسعى إليه العدو الإسرائيلي، ليقينه من أن الصيغةَ اللبنانية هي النقيضُ الثقافيُّ والأخلاقيُّ لكيانِه الالغائي العنصري."
كما شدّد على أن الطموح الإسرائيلي بخراب لبنان: "لن يكون، واجتماعنا اليوم ههنا رسالةُ وحدةٍ وصمود، وشدُّ أيدٍ مقدِّرةٍ على أيدٍ تستحقُّ التقدير، واغترافٌ من ينابيع الثبات والتضحية والعطاء واعترافٌ بأفضالِها، وتأكيدٌ على أننا بوحدتِنا واقتدارنا وبقوة الثقافة الحرّةِ، سنحمي الوطن للأجيال القادمة"
وختم المرتضى: "دولة الرئيس
إن متحفَ الاستقلال في قلعةِ راشيا دعوةٌ لجميع اللبنانيين كي يحفظوا استقلالَهم لئلا تتحوّلَ الذكرى نفسُها إلى مُتحَفٍ في ذاكرة التاريخ.
الوزيرة ليلى الصلح حمادة
ثم تحدثت نائب رئيس مؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية
الوزيرة ليلى الصلح حمادة فقالت دولة رئيس حكومة تصريف الاعمال الاستاذ نجيب ميقاتي والسيدة مي
اصحاب المعالي والزوجات الكريمات
أصحاب السعادة والسماحة
قائد الجيش العماد جوزاف عون والسيدة نعمت
القيادات الامنية
معالي الصديق والشريك الاستاذ وائل ابو فاعور والسيدة زينة
رؤساء البلديات والمخاتير
ايها الحضور الكريم
منذ ثمانين عاما وفي مثل هذا اليوم وبعد فترة اعتقال دامت احد عشر يوما...
خرج بشارة الخوري من هذه الغرفة الاولى...
وخرج رياض الصلح من هذه الغرفة الثانية، نزلا سويا ادراج قلعة راشيا يدا بيد مع رفاقهما كميل شمعون وعادل عسيران وعبد الحميد كرامي وسليم تقلا ليولد لبنان السيد العزيز، لبنان 1943، هؤلاء لم يصعدوا ادراج سفارة فرنسا ونحن تحت انتدابها آنذاك ليقروا لبنان الكبير.
لبنان 1920 وبعلمه الشبيه بسيده، رجال تناسوا الطائفة سبيلا واعتنقوا الدولة دينا مسلمين ومسيحيين ابدا، رجال فصلوا عند الخيار وعزموا عند القرار وبتوا عند الاستعصاء، تصدوا للاحداث قبل وقوعها ولم يهرولوا تحت سيف ذيولها، تعالوا على الكيديات ولم يعتاشوا من قشورها، عنفوانهم لم تكسره الحاجة ووطنيتهم لم تغرِها العمالة فالاستقلال حق كل متحرر وليس صدقة المستعمر.
خرجا من قلعة الصمود في راشيا بمواكبة أبنائها الشرفاء الذين قاموا مع بعض القوى الأمنية هناك بايصال الرسائل واعلام السجناء بأحداث بيروت.
خرجا اذن وشرعا في بناء أول جمهورية مستقلة في الوطن العربي تجمع بين أبنائها تلك الصيغة الوطنية الفريدة القائمة على روح الميثاق الوطني...
اليوم وبعد قليل سوف يخرج دولة الرئيس ميقاتي من هذه القلعة وحيدا دون شريكه في الوطن ليبقى طيف بشارة الخوري رئيس الجمهورية اللبنانية رهن الاعتقال... ينتظر أصحاب القرار ليخلى سبيله...
سلام عليكم أيها الرجال فحياتكم لا تنتهي لا بمقتل ولا بمأتم، ولا تحيا باعتلاء ابنكم المنصب بل تخلد بعودة الجهاد وكتاب التاريخ الموحد.
أيها الحضور الكريم،
بعد ان قامت مؤسسة الوليد بن طلال الانسانية بترميم هذه القلعة والإستحصال على أرشيف فترة الاستقلال ورجالات الاستقلال... اغتنم هذه الفرصة لأقول ان وجودي اليوم هنا ليس فخرا بالماضي ولا رثاء للحاضر اذ لا وقت للمحاسبة وجاء وقت الإنقاذ وانت اليوم يا دولة الرئيس تُشكر على جهودك.
اذن جئت لارحب بكم في القلعة ( بالاذن من رئيس البلدية ) وخاصة بالبعض منكم الذي لم يزرها ابدا ولاعلن عن اطلاق مشروع " متحف الاستقلال " ليرى النور بمشيئة الله السنة القادمة موقعا باسم مجموعة من شباب هذا الوطن وخريجي جامعاته وسيكون متحفا للذكرى وللعبرة، تحية خاصة وحارة للجيش اللبناني قائدا وجنودا حماة للوطن وحصنا للقلعة، اليوم العدو على الأبواب ولا وقت لتنفيس الأحقاد وحياكة المؤامرات، وشكرا لكم.
أبو فاعور
وكانت كلمة لأبو فاعور، جاءَ فيها: "على إسم فلسطين التي لا تنضب دماؤها ولو نضب الحياء ونضبت الرحمة من عروق الأرض قاطبةً على إسم فلسطين وشهدائها وأطفالها الشهداء ابدأ كلمتي، دولة الرئيس، الحضور المقدّر والمعتبر باسم راشيا وأهلها وباسم البقاع الغربي وأهله وهما واحد، أرحب بكم، وأشكر تشريفكم أنتم وعقيلتكم السيدة مي، والسادة الوزراء، والحضور المقدر جميعاً في هذه اللفتة الكريمة منكم اتجاه المنطقة واتجاه أهلها".
وتوجّه أبو فاعور لميقاتي بالقول: "أشد على أيديكم في ما تبذلونه من جهد، وفي ما تتنكبونه من مهام، وفي ما تقاسونه من أعباء وأنتم تتحملون إزائها بالصبر حيناً، والصمت حيناً، والعمل الدؤوب والحكمة دوماً، في هذا الزمن الأعجف، ربما لا ينافس طول قامتكم إلّا طول بالكم، وقد بتم يا معالي الرئيس من أبرز معالم الدولة لتي نخشى من تداعيها ونتمسّك بإعدادها".
واضاف: "نرحب بكم في هذه القلعة التي شهدت على أحداث تاريخية كثيرة، لكنها صنعت أيضاً جزءاً غير يسير من التاريخ، هذه القلعة ما كانت يوماً من الحجارة الصماء، بل كانت دوماً من الأرواح الشجاعة، الحرة، المتوثبة، فعلى أسوار هذه القلعة ارتفع العشرات من أبناء وادي التيم، شهداءً عندما صاروا ضدّ الإستعمار الفرنسي، مع الثورة السورية الكبرى في العام 1925، في محاولة استغلالية شجاعة ونبيلة انتهت في ذلك الوقت بإحراق راشيا، انتقاماً من أهلها، ولا تزال أسماء هؤلاء الشهداء خالدةً في أرجاء هذه القلعة إلى جانب أسماء شهداء الجيش اللبناني من كل المناطق".
وتابع: "في هذه القلعة ومنها، أشرقت شمس استقلالنا الأول، في العام 1943، على يد نخبة استقلالية، نبيلة وشجاعة، تقدّمها الرئيسان بشارة الخوري ورياض الصلح، إلى جانب شخصيات من كل لبنان وواكبها شعب توّاق إلى التحرر في لحظة نادرة من تاريخنا السياسي، لينال لبنان استقلاله الذي لم نعرف كيف نطوّره، وكيف نجعله نافزاً وكيف نحافظ عليه، والشكر للسيدة ليلى الصلح حمادة ولمؤسسة الوليد بن طلال، على مشروع المتحف الذي نعلن إطلاقه اليوم، والذي نطمح أن نعل منه رواية حيّة لإستقلال لبنان، ومقصداً لشباب لبنان وطلابه، ليقرأوا في تاريخنا الذي نختار أحياناً بغير حكمة وبغير تبصّر أن نشيح النظر عنه".
ثمّ توجّه أبو فاعور للسيدة ليلى الصلح حمادة، فقال: "تحملين بكل أمانة إرث الرئيس الراحل رياض الصلح، وتنتسبين إلى إرثه، وهذه القلعة باتت تنتسب إليك، عناية واهتمام وإرثاً وترميماً ومكانةً في وجدان الوطن".
وتابع: "الشكر أيضاً لوزير الثقافة محمد المرتضى لمتابعته على هذا المشروع ولكلّ لما يمت بصلة، إلى تعزيز مكانة راشيا في ذاكرتنا الوطنية وهي فرصة أيضاً، لاشكر المرجعيات الروحية على حضورها في هذا المشهد اللائق، الوحدوي المجتمع، الذي نريده أن يعبر عن حقيقة لبنان في هذا الظرف من العدوان الإسرائيلي الذي نفجع كلّ يومٍ بمدى همجيته في فلسطين كما في لبنان وفي آخر اعتداءاته على الإعلام في الأمس، وهي فرصة أيضاً لشكر الوزراء على تشريفهم ودعمهم لكل قضايا المنطقة في كل مجالات عمل وزاراتهم ومن قلعة الإستقلال".
وأضاف: "أشكر تشريف قائد الجيش العماد جوزيف عون بشفافيته وبوطنيته وعلى اهتمامه براشيا وأقول بأعلى الصوت وبأعلى القناعة: الجيش عمود خيمتنا وسارية وطننا، فأقفوا العبث بمؤسسة الجيش لئلا يسقط الوطن فوق رؤوسنا جميعاً".
وختم أبو فاعور: "في معاني الإستقلال، أكتفي بالقول، يستقلّ الوطن حين يستقلّ المواطن عن الفقر والمهانة، وحين يستقلّ عقلنا السياسي عن الغريزة، وحين يستقلّ السياسي ونحن منهم عن المصالح، يستقلّ الوطن حين تستقلّ السياسة عن الأنانيات القاتلة، وحين يستقلّ الدستور عن العبث وحين تستقلّ المؤسسات عن التعطيل، وحين تستعيد الجمهورية رأسها المبتور بالأنانيات المتمادية، إلى ذلك الزمن، أشكر حضوركم جميعاً وأكرّر محبتي وشكري لكم".
كلمة رئيس الحكومة
وفي المناسبة ألقى رئيس الحكومة الكلمة الاتية:
أيها الحفل الكريم
تُطِلُّ علينا الذِّكرى الثمانونَ للاستقلال، ووطنُنا في مهبِّ عواصفَ عاتية، داخليّةٍ وخارجيّة، تتمثَّلُ في أزْمتَيْهِ السياسيةِ والاقتصادية، وفي عبءِ النزوحِ الرّازِحِ على صدور مدنِه وقُراه، وفي العدوانِ الإسرائيلي المتمادي على الجنوبِ القريبِ من هنا، وعلى غزةَ المقيمةِ في كلِّ وجدانٍ حيٍّ وضميرٍ إنساني شريف.
لكنَّ اللبنانيين، حكومةً وشعبًا، وبرَغْمِ كل الظروف، مصرون على إحياء ذكرى استقلالِهم، لإيمانهم بما تحملُ لهم من معاني الحريةِ والسيادةِ والوحدةِ الوطنية، وبما تَبعَثُ في نفوسِهم مِن رجاءٍ بغدٍ أفضل باذن الله.
ولأنَّ المتأمِّلَ في التاريخ يُشْبِه مَنْ يحفِرُ في الأرضِ أساساتٍ عميقة، ليبني فوقَها صرحًا يعانقُ الفضاء، نسترجعُ في هذه القلعة العابقة بتاريخ الاستقلال أحداثَ تشرين الثاني من العام 1943، التي انطلقَتْ شرارتُها الأولى مِن تمسكِ اللبنانيينَ بدستورهم المعدّل، بعدما أُلغِيَت منه النصوصُ المتعلقة بالانتداب، لنكتشفَ أنَّ معركةَ الاستقلال ما كانَتْ لتُثْمِر، لولا اتّحادُ المواطنينَ خلفَ دولتِهم بقيادة الرئيسين بشارة الخوري ورياض الصلح، رحمهما الله، اللَّذَينِ اعتقلَهما الانتدابُ، وجاءَ بهما مع سائرِ رجالاتِ الاستقلال إلى قلعةِ راشيّا، وفي ظَنِّهِ أن أسْرَهم سيُطْفئُ الحراكَ الوطنيَّ، الشعبيَّ والرسميَّ المنادي بالحرّيَة.
لكنَّ الثورةَ التي اندلَعَتْ في بيروتَ وطرابلس وسائرِ المناطق، وحناجرَ المواطنين وهي تردِّدُ بصوتٍ واحد: "بَدّنا بشارة، بدّنا رياض"، والتفافَ الشعبِ بكامل فئاتِه وأطيافه حولَ حكومة بشامون، كلُّ ذلك... معًا... أدّى إلى إنجازِ الاستقلالِ المنشود.
الاستقلالُ إذًا، تحقَّقَ فعليًّا عندما انتصر اللبنانيون لدستورِهم وميثاقِهم الوطني. وهكذا، بعد ثمانينَ من الأعوامِ التي خاضَ فيها الوطنُ كثيرًا مِنَ المحن القاسية، ما زال التمسُّكُ بالدستورِ الناظمِ لحياتِنا السياسية، والتشبُّثُ بميثاقِ العيش المشترك الراعي لوجودِنا الوطني، السبيلَ الوحيد لتجديد الاستقلالِ. وهذا يستدعي منا أمرين: أن نسعى دائمًا إلى حِفظِ الدولةِ، كيانًا ومؤسسات، وأن نبحثَ باستمرارٍ عن المساحاتِ المشتركة التي تؤَمِّنُ المناخَ الأفضلَ لنموِّ المواطنة.
أما الدولةُ، فلقد أثبتت التجاربُ أنها وحدَها الحِضْنُ الجامعُ للبنانيين، فلا ينبغي التفريط بعمل مؤسساتِها ولا باستحقاقاتِها، ولا سيما رئاسة الجمهورية التي تجاوز الفراغ فيها عامَه الأول. ولقد كان يجدر بنا أن نقيم احتفالًا بالاستقلال، مَهيبًا، على الصورةِ المعتادةِ كلَّ عام، لولا شغورُ سدّةِ رئاسة الجمهورية .
مِن هنا نجددُ الدعوةَ إلى الإسراعِ في انتخابِ رئيسٍ جديد للجمهورية يعيدُ انتظامَ دورةِ الحياة إلى جسدِ الدولةِ المنهَك. كما نجددُ الدعوة إلى الالتفاف حول الجيش، وصَوْنِ حضورِه ومؤسسته، كما سائر القوى الأمنية التي نحييها على الدورِ الذي تقومُ به لحفظ أمن الوطن والمواطنين.
السيدات والسادة
عوضَ العرض العسكري التقليدي في ذكرى الاستقلال،يستمرُ على حدودِنا الجنوبية عدوانٌ عسكريٌّ تشعلُه إسرائيل، التي لم تشبع آلتُها التدميريةُ بعد من لحوم الأطفالِ ودماءِ النساء وآهاتِ الشيوخ في غزةَ الجريحة. وهنا أكرر ما قلتُه في مؤتمر القمة العربية- الاسلاميةِ قبل أيام: نحن شعبٌ يريد السلام ويحبُّ ثقافة السلام. لكننا لا ولن نرضى بانتهاك سيادتِنا والاعتداء على حقوقِنا، وإلا فما معنى الاستقلال إذًا؟
إن على المجتمع الدولي أن يردع إسرائيلَ عن عدوانِها وانتهاكها الصارخ للمواثيق والقرارات الدولية وحقوق الإنسان، وعن استمرارها في ارتكاب المجازر والإباداتِ الجماعيةِ، وآخرها جريمة اغتيال الاعلاميين ربيع معماري وفرح عمر بالامس وقبلها المصور الشهيد عصام عبدالله ، وأن يبادرَ هذا المجتمع الدولي الى وضعِ حلٍّ سياسي يؤدي إلى إعطاءِ الفلسطينيين حقوقَهم كاملةً غيرَ منقوصةٍ، في دولتِهم المستقلة وعاصمتُها القدسُ الشريف.
السيدات والسادة.
الاستقلالُ ليس ذكرى، بل حقيقةٌ تُعاشُ كلَّ يوم. فلعلَّ متحف الاستقلال، برعايتك سيدة منى رياض الصلح، يكون صورةً عن عيش الاستقلال كما يريدُه لنا وطنُنا ونريدُه نحن له.وفي هذه المناسبة المجيدة،لا بد من ان أتوجه مجددا بتحية تقدير واجلال الى الجيش، قائدا وضباطا وافرادا، هذه المؤسسة هي سياج الوطن وحامية الاستقلال، وبها تكبر قلوبنا وتطمئن نفوسنا الى الحاضر والمستقبل.
حضرة قائد الجيش العماد جوزيف عون، الاخ العزيز، ان جهودك ورعايتك الابوية ، التي كنت شاهدا عليها،حمت المؤسسة العسكرية وصانتها من العواصف وهي محل تقديرنا جميعا، وتؤمن استمرارية استقرار الجيش ودوره.
عشتم، عاشت ذكرى الاستقلال يمن عام إلى عام، وعاش لبنان.
محطات
وقبيل توجهه الى قلعة الاستقلال كانت لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي سلسلة محطات بدأها في منطقة مجدل عنجر، حيث أقيم له إستقبال شعبي حاشد وسط حضور عدد من السياسيين والفاعليات.
كذلك، زار رئيس الحكومة ووزراء الصناعة جورج بوشكيان، التربية والتعليم الحالي عباس الحلبي والبيئة ناصر ياسين، دار الفتوى في البقاع الغربي وزحلة حيث كان في استقباله مُفتي زحلة والبقاع الشيخ علي الغزاوي ومفتي بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي.
كما كان في استقبال الرئيس ميقاتي النواب السادة: بلال الحشيمي، ينال الصلح، وائل بو فاعور، ياسين ياسين والنائب السابق محمد القرعاوي وعدد من رؤساء البلدات وقُضاة الشرع.
بعد ذلك اقيم للرئيس ميقاتي استقبال حاشد في قاعة ازهر البقاع، القى خلالها مُفتي زحلة والبقاع الشيخ علي الغزاوي كلمة رحب فيها بالرئيس ميقاتي بين أهله وإخوانه. كما أثنى على الجهود الوطنية لرئيس الحكومة في اصعب مرحلة من تاريخ لبنان.
بعد ذلك زار رئيس الحكومة دار الفتوى في راشيا حيث استقبله مفتي راشيا الشيخ وفيق حجازي وحشد من المشايخ.
وقال المفتي مرحبا برئيس الحكومة:نحن على يقين بأن غيرتكم على لبنان واهله وناسه امر محمود ومشكور امام التطورات في المحيط، وبحكمتكم نحن على ثقة بأن لبنان سيعود افضل من السابق.
بعد ذلك انتقل رئيس الحكومة الى القاعة العامة في راشيا حيث اقيم له استقبال شعبي وكشفي حاشد والقيت كلمات نوهت بدوره الوطني وعزمه على مواجهات الصعوبات الكبيرة التي يواجهها الوطن.
ثم انتقل رئيس الحكومة الى قلعة راشيا حيث كان في استقباله قائد الجيش العماد جوزيف عون، على وقع موسيقى الجيش.
وفي جناح الاستقلال، في مقر قيادة كتيبة المشاة الثامنة في الجيش( موقع راشيا) دوّن رئيس الحكومة الكلمة الاتية:نزور هذه القلعة الشامخة لنؤكد ان جدرانها التي جمعت كلمة اللبنانيين ستبقى في وجدان كل لبناني. بها تم الاستقلال، وبالكلمة الواحدة والموقف الواحد، يكون السبيل الوحيد لخلاص لبنان من كل ازمة يمر بها. تحية اجلال للجيش حامي الوطن. كل عيد استقلال ولبنان بألف خير".
وكانت قد استهلت زيارة الرئيس ميقاتي الى راشيا باحتفال شعبي حاشد أقامه الحزب التقدمي الاشتراكي وبلدية راشيا في القاعة العامة في راشيا واستقبال من جمعية الكشاف التقدمي على وقع الاناشيد المرحبة، بحضور الوزير مرتضى والوزير الحلبي والنائبين أبو فاعور وسكاف ووكيل داخلية البقاع الجنوبي في الحزب التقدمي الاشتراكي عارف ابو منصور، وفي البقاع الغربي كمال حندوس، رئيس اتحاد بلديات جبل الشيخ جريس الحداد، رئيس بلدية راشيا رشراش ناجي وحشد كبير من المشايخ والفعاليات والقيادات الحزبية والكوادر. تحدث باسم أهالي راشيا عضو المجلس المذهبي الدرزي الاستاذ علي فايق.