يُعد لبنان الواقع على طول مسار هجرة الطيور المحوري في الشرق الأوسط، ممرًا ونقطة عبور حاسمة لأنواع مختلفة من الطيور المهاجرة. تعبر هذه الطيور لبنان في الخريف أثناء رحلتها من أماكن تكاثرها في وسط وجنوب شرق أوروبا وشمال غرب آسيا، حيث تحلق فوق الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض، وتتجه نحو البحر الأبيض المتوسط، لتصل في النهاية إلى المناطق الأكثر دفئًا في وسط وشرق افريقيا للشتاء.
هذا وتوفر الموائل المتنوعة في لبنان، بما في ذلك الأراضي الرطبة والغابات والمناطق الساحلية، أماكن استراحة ضرورية ومحطات للتزود بالوقود لهذه الطيور المهاجرة. يجعل موقع لبنان الجغرافي الفريد، إلى جانب تنوعه البيولوجي الغني، منه محطة توقف حاسمة لنسبة كبيرة من أسراب الطيور في العالم.
الصيد الجائر وتغير المناخ!
وفي حديث خاص لـ "الديار"، كشف الخبير البيئي البروفيسور ضومط كامل أنّ التنوع البيولوجي في لبنان بخطر، وبخاصة الطيور المهاجرة التي تم تدميرها بشكل كبير بسبب الصيد الجائر والحركة العمرانية، انخفاض الغابات والمحميات الطبيعية. فهذه العوامل مجتمعةً كلّها تساهم في تدمير نظم وبيئات الطيور كافة وتعيق حركة انتقالها. وكشف أنّه يتم إطلاق أكثر من 80 مليون رصاصة سنوياً في لبنان على الطيور، مما يؤدي إلى انقراضها وتغيير النظم البيئية التابعة لها.
اضاف: كما يؤدي التغير المناخي دورا أساسيا في انقراض الطيور كافة وتغيير النظم الطبيعية لتشمل أنماط تكاثرها وهجرتها ونجاتها بشكل عام. يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تأخير توقيت دورات تكاثرها، مما يؤدي غالبًا إلى عدم توافق توافر الطعام لصغارها. كما تتسبب درجات الحرارة الأكثر دفئًا بتحولات في أنماط هجرتها، حيث تبحث عن موائل أكثر ملاءمة. بالإضافة إلى ذلك، يساهم تغير المناخ في انتشار الأمراض والأحداث المناخية المتطرفة، والتي يمكن أن تهدد أكثر من ذلك أعداد الطيور.
واشار الى ان أحد أكثر تأثيرات تغير المناخ توثيقًا على الطيور هو تعطيل دورات تكاثرها. فتؤدي الينابيع الأكثر دفئًا إلى جعل العديد من أنواع الطيور تضع بيضها في وقت مبكر، غالبًا قبل أن تكون مصادر غذائها المفضلة متاحة. يمكن أن يؤدي هذا إلى الجوع في الكتاكيت وانخفاض في النجاح الإنجابي العام.
وقال : كما يؤدي تغير المناخ أيضًا إلى تحولات في أنماط هجرة الطيور، فمع ارتفاع درجات الحرارة، تتحرك بعض أنواع الطيور شمالًا أو إلى ارتفاعات أعلى بحثًا عن موائل أكثر ملاءمة.
إجراءات ضرورية
بشكل عام، يمثل تغير المناخ تهديدًا كبيرًا لأعداد الطيور حول العالم. لذا من المهم اتخاذ إجراءات للحد من انبعاثات غازات الدفيئة والتخفيف من آثار تغير المناخ من أجل حماية هذه الأعضاء الحيوية في أنظمتنا البيئية.
وبحسب الخبير البيئي فانه من الصعب جداً تصحيح أزمة انقراض الطيور أو إعادتها إلى مسارها الصحيح في المجال القريب، بل من المرجّح أن تتفاقم الأزمة وتتجه نحو الأسوأ. فعلى الصعيد المحلي، بات هناك أنواع عديدة من الطيور مهددة بالانقراض التام، كطائر "الدوري الأصفر"، الحسوّن، الطائر الربيعي وغيرها من الطيور.
اضاف : أما بالنسبة للإجراءات الضرورية التي يجب اتباعها فأبرزها: وقف الصيد الجائر كليّاً، اعتماد المبيدات غير السامة التي لا تلحق بالضرر على الطبيعة عامةً والطيور خاصةً، والأضواء الصناعية. فيمكن أن تؤثر الأضواء الاصطناعية في الليل أيضاً في توقيت الهجرة والسلوكيات الموسمية الأخرى لأنه يمكنها أن تعطل الساعات البيولوجية. على سبيل المثال، قد تسيء الطيور تفسير الأضواء الاصطناعية في الليل على أنها فترة أطول من ضوء النهار. قد تتجه الطيور التي تتعرض للتلوث الضوئي في مواقع قضاء الشتاء للهجرة في وقت أبكر من الأنواع التي لا تتعرض للأضواء الاصطناعية. قد يكون الخطأ في توقيت الهجرة مشكلة إذا كانت الظروف والموارد البيئية الضرورية غير متوافرة للطيور أثناء الهجرة أو عند وصولها إلى وجهتها.
واكد كامل أنّ معالجة هذه الأزمة الخطرة ضروري جداً للحفاظ على التنوع البيولوجي ورفاهية النظم البيئية والاستقرار الاقتصادي والقيم الثقافية والجمالية، وكذلك احترام المعايير القانونية والأخلاقية. فهي جزء لا يتجزأ من جهود الحفظ الأوسع نطاقًا لحماية العالم الطبيعي وضمان مستقبل مستدام لكل من الحياة البرية والمجتمعات البشرية!