الملف الرّئاسيّ في مهب حرب غزة... التسوية مخرج وحيد

08 تشرين الثاني 2023 10:32:40 - آخر تحديث: 08 تشرين الثاني 2023 11:17:47

في الإطار السّياسيّ، فإنّ النظرة الواقعيّة تتبلور مع التّطورات في غزة والمشهد السّياسيّ المحليّ القائم بالأخصّ بأننا في أزمة حكم! نظراً إلى الخلّل في الكيان اللّبنانيّ والانهيار الكامل والتّرهل الإداريّ المهول! وتُفضي إلى التّعقيدات المحاطة بالاستحقاقات الدّستوريّة لا سيما الجّمود الّذي يعتري الملّف الرّئاسيّ.

في المقابل، بات لزاماً على القوى السّياسيّة القيام بمبادرة حواريّة لتقريب وجهات النظر وإعطائها الطابع الإيجابي والاتجاه نحو التسوية التي طالما دعا اليها الرئيس وليد جنبلاط، انطلاقاً من ترك الخلافات والنزاعات السّياسيّة جانباً المبنيّة على مشتركات بين الأطراف اللّبنانيّة، بغية الدفع نحو التّوجه لحلّ رئاسيّ يُفضي إلى نضوج التّسوية وترجمتها في روحيّة الفلك اللّبنانيّ وليس الرّهان على التّطورات الاقليميّة والدّوليّة. عسى ولعل هذه التّسوية المتماشية مع الخيار المتوافق عليه يُنتح انتخاب رئيس للجمهوريّة. 

يلي ذلك، إعادة انتظام مؤسسات الدّولة، لطالما لم يبق من هذه المؤسسات إلا مؤسسات الأمنيّة الواقفة على رجليها ولا يجوز ضربها مهما كلّف الأمر! 

ربطاً بالتّسوية، فقد جاء في مقدمة الدّستور بأنّ لبنان دولة واحدة على الأرض اللّبنانيّة "كلنا متّساوون"
لذلك، مثل هذه الخطوات تتطلّب الحركة النّهضويّة من قبل كافة الأطراف بكل مستوياتها بهدف إعطاء الملّف الرّئاسيّ الحيّز الأكبر من الأهميّة على ضوء الاتفاق في وضع خطّة سيّاسيّة تُجيز إتخاذ المواقف الحاسمة.. وتسوغ فتح السبيل للظروف المؤاتيّة لتظهير صورة الرّئيس.

على هذا الأساس، يجب الحديث عن الملّف الرّئاسيّ بطريقة عقلانيّة وموضوعيّة وتغليب لغة العقل والمنطق.. الدّاعية إلى التمسّك بالموقف المجديّ تِجاه هذا الملّف على نسق موقف وليد جنبلاط في مؤشرٍ إلى إنهاء الشّغور في سدّة الرّئاسة.. لا بد أن نستطرد الى ذكر الحركة النّهضويّة الّتي تهدف إلى قيام الفرقاء السّياسيين وتحرّرهم من عنجهيّة مواقفهم المتسلطة والمتشنجة..! والإقلاع عن سياسة الهّرطقات، النكايات، الكيديات والمناكفات! بالإضافة إلى المزايدات الشّعبويّة ونيران الكلام الملتّهب وعُلو النّبرات الخطابيّة! 

وعليه، يتوجب على الفرقاء السياسيين التّعاطي بسقف عال من المسؤوليّة والسير بخطوات إصلاحيّة وإنقاذيّة. بالتّالي، الانتقال من السِجال السّياسي المحتدم إلى أريحيّة التّحرّك الدّاخلي من أجل تسيير أمور البلد، بدلاً من ممارسة الدور التّعطيليّ لرئاسة الجمهوريّة.

في هذا السياق، فإن الترجمة العمليّة لتلك المسألة، تنطلق من سلوك طريق الحوارات الوطنيّة والوصول إلى التّفاهم والتّوافق.. وذلك من خلاا عملية لبننة التمكين لهذا التّوافق. يجوز التحصين بالذهاب إلى التّسوية وإبعاد الخصومة السّياسيّة! مثلما يُقال: "لا خصومة بالمطلق"، والّتي تُشير إلى بناء الثّقة المتجسدة في القناعة الثابتة. تليها الحفاظ على مبدأ الحوار بين الكتل النيابيّة عملاّ بتعزيز مسار التّسوية.

بعد ذلك، تسخيرها في نموذج جيد يُوحي بالحلّ المرتبط بالعمل الاستباقيّ للمساعدة على الانطلاقة الحقيقية من سكة الانطلاق نحو الاتفاق الأساسيّ والجوهريّ.. المراد منه الإقبال على انتخاب رئيس للجمهوريّة من دون معارضة أحد من القوى السّياسيّة. خصوصا بعد التأكد بأن هذا الرّئيس لا يكون أبداً رئيس تحدٍّ واستفزازي! بل على عكس ذلك، يكون رئيس يجمع ولا يُفرق! بطبيعة هذا الأمر فإنه يُسهل تشكيل الحكومة.

يأتي كل ذلك، بعد تِبيان مضمون المسؤوليين السياسيين وطِيب طياته من ناحية التّرفع عن كلّ شيء والنزول عن الشجرة! إنقاذاً لأنفسهم ولمصلحة البلد.

بالتّوازي لا بد من نزول أي سياسيّ متكبر عن الشجرة وملاقاة الطرف الآخر في منتصف الطّريق وإيجاد الحلّ الوسط وإتخاذ القرارات بالتّوافق، التّضامن، التّعاون والتنسيق. وسط تقديم تنازلات بين كلّ القيادات السيّاسيّة في مسعى منهم بوضع خطّة استراتيجيّة إنقاذيّة تُنقذ البِلاد والعِباد من الضائقة الاقتصاديّة والأزمات المتراكمة المتفاقمة الخانقة، المؤديّة إلى الظروف المعيشيّة البائسة واليائسة، ولعاجزة كلياً عن تأمين حياة كريمة وآمنة للمواطن.

اللأفت في هذا الإطار، بأن الشيء المؤثر من جانب التّسوية، رِضى التّساوي بين القوى السيّاسيّة المنطويين تحت مسميات 14 و 8 آذار بحسب القول المنطقي: 
"من ساواك بنفسه ما ظلمك" وفقاً للسّلوك السّويّ المعزز بالحِسّ الوطنيّ والغيرة على البلد، وعملاً بقاعدة "لا غالب ولا مغلوب"، إذ لا يُمكن غلبة فريق على فريق آخر لأن كلّ فريق يمتّلك الهويّة اللّبنانيّة. أيضاً، يُعتبر مكوّن أساسيّ من مكونات البلد.

بطبيعة الحال، يكونون سواسيّة بالسير في مسار الإصلاح والإنقاذ.. لكي يستمر البلد بشكل طبيعي.

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".