Advertise here

رغم طموح البعض... كان الجبل وسيبقى عصياً على محاولات التفرقة

01 تموز 2019 12:02:54

هناك من يطرق الأبواب بنيّة خلعها وكسرها، لا بنيّة الدخول كضيفٍ مرحّب به. معروفٌ كرَم الجبل للضيف. لكنّ السيف أيضاً لغدّاري الزمان، الذين يجلسون بالأحضان، ويسعون إلى تمرير أمواسهم على الذقون. في الجبل تنوّع تاريخي. ولم ينفضّ أهله من حول أنفسهم إلّا في صعابٍ تحكّمت بكل اللبنانيين. لكن اللحمة عادت وتحققت بجهود الكثيرين. هناك من تؤرقه تلك اللحمة، ولا يعيش على غير التفرقة وبثّ الفتن.

ولأن الكبار يدخلون من الأبواب العريضة، ويلتقون على كلمة سواء، كان الجبل أشمّ بجناحيه الدرزي والمسيحي، وسيبقى عصياً على كل محاولات التفرقة. وعلى ذلك شواهد كثيرة، من زيارات البطريرك نصر الله صفير إلى البطريرك الراعي، وما بينهما من زيارات أجراها رؤساء وزعماء موارنة. حتى رئيس الجمهورية ميشال عون خلال زيارته الشهيرة إلى الجبل، قصد الجبل من بوابته فجالَ إلى جانب وليد جنبلاط بسيارة واحدة.

لكن طموح البعض وغروره، يعمي عليه بصيرته. يتعتّم النور في عينيه، فلا ينظر إلّا لظلام الماضي، وهو الذي يستمرّ بحملة ممنهجةٍ منذ أشهر ضد أبناء بيئته وجلدته. وتلك الحملة الممنهجة تطال القوات اللبنانية في الجبل، وتحديداً في دير القمر. ومَن يفعل ذلك لاصطناع إنجازات وهمية ليس غريباً عليه أن يستفز البيئات الأخرى، وخاصةً من يضع نفسه أمامهم في خصومة سياسية، أي كما هو الحال مع الحزب التقدمي الاشتراكي.

منذ فترة والحملات كثيرة وممنهجة، أي منذ كلام أحد الوزراء عن أن المسيحيين يخافون النوم في بيوتهم. ومن يبني وجهة نظر كهذه، ويسعى لتعميمها على مناصريه زوراً وجزافاً، سيسعى لافتعال أي إشكالٍ يستدعي ردّة فعل لعلّه بذلك يستجدي تعاطفاً، وكسباً للشعبية. فاستعاد الرجل، المفترض أن يكون زائراً، خطاب الحرب الأهلية، ومسّ أعماق الأهالي في تذكيره بمعارك سوق الغرب والشحار، وهو يعلم بقرارة نفسه أن هذا الكلام سيكون له ردّ فعل، ولعلّ ذلك يعود عليه ببعضٍ من الاستعطاف.

طرق الرجل الباب فلقيَ الجواب. لا مجال للتبرير هنا، ولا للإشارة إلى الجهود التي بذلها مسؤولو الحزب التقدمي الاشتراكي لتهدئة الأجواء، وتخفيف احتقان الناس، وتمرير الزيارة بأقل التوتر الممكن. وذلك لأن ما أراده الرجل كان واضحاً، وهو استفزاز أبناء المنطقة وهو بينهم ظناً منه بأنه سيحرجهم، فإذا ما لجأوا إلى ردّة الفعل يكسب التعاطف. وإذا تجاهلوه لثبّت أن الحق معه في تاريخٍ يريد أن يكتبه وفق ما يشتهيه، ولذلك لم يعترض أحد عليه. هذا النوع من الناس، لا يريد أن يتعلّم أن لبنان محكومٌ بتوازنات، وباختلالها تتفجّر الساحات، ولا يفقه أن السياسة فنّ وإتقان، وليست شعبوية أو فتنوية.