باتت كل العبارات والكلمات والمصطلحات ذات الدلالة على الإجرام مرادفة لإسرائيل، مع استمرار الفظائع والمذابح والإبادة التي ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المحاصر، بغطاء سياسي وعسكري غربي.
وبالرغم من الوحشية الإسرائيلية التي خلّفت آلاف الشهداء والجرحى والدمار الكبير على إمتداد قطاع غزة، إلا أن الميدان لا يزال للفصائل الفلسطينية التي تمكنت ليل أمس الأول من صد محاولة التوغل في شمال وشرق القطاع رغم آلاف الأطنان من القنابل والصواريخ التي أسقطتها الطائرات وأطلقتها الدبابات والمدافع. وكان لافتا إطلاق المقاومة عشرات الصواريخ على المستوطنات في نفس اللحظات التي كان فيها القطاع يتعرض للقصف الهستيري، ما يؤكد قدرة هذه الفصائل على القيادة والسيطرة.
ومع اشتداد وتيرة الحرب في غزة، تسجل الإعتداءات الإسرائيلية في جنوب لبنان المزيد من التدهور الخطير في القطاعات الثلاث الغربي والاوسط والشرقي، وانتقالها إلى عمق أكبر طاول جبل صافي في قضاء جزين خارج ما يعرف بقواعد الاشتباك.
السخونة على الحدود الجنوبية قابلها تكثيف في اللقاءات والاتصالات التي يجريها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع القيادات السياسية وسفراء الدول الأجنبية للعمل من اجل عدم انزلاق الأمور في الجنوب نحو الأسوأ.
وفي سياق التحرك الذي يقوم به الرئيس وليد جنبلاط منذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى، أعلن جنبلاط من بلدة بيصور في لقاء جامع في منزل الوزير غازي العريضي، أن كل ما يتمناه ويسعى إليه ألاّ نستدرج إلى الحرب.
وفي المواقف من الحرب، أشار النائب الياس جرادي في حديث لجريدة "الأنباء" الالكترونية إلى ان العدو الاسرائيلي يريد أن يفعل في غزة نوعا من رد الاعتبار الى هيبته، لكن بالمقابل أهالي غزة متشبثون بأرضهم، وهذا الإجرام الذي تمارسه اسرائيل لن يعيد لها ما خسرته مهما تعاظمت لديها آلة القتل العسكرية بشكل لا إنساني ومتوحش.
وقال جرادي إن "صمود اهل غزة إذا وقع الهجوم البري أو لم يقع، لن يمكّن اسرائيل من ان تفعل شيئاً. فما جرى كان هجوماً حقيقياً، واستخدام إسرائيل لهذه القوة المدمرة لم يكن محاكاة للهجوم، لأن حجم الخسائر التي لحقت بالجيش الاسرائيلي كبيرة جداً، وهذا واضح من حجم الدمار وقتل الأهالي المدنيين. فالهجوم على غزة دونه صعوبات، وحجم المقاومة بدأ يظهر من خلال وقف التوغل جنوباً".
واعتبر جرادي أن "قرار دفع الامور الى الهاوية هو إسرائيلي محض. فالجانب اللبناني مازال يحاكي التطورات التي تحصل بدقة لعدم توريط لبنان بحرب شاملة".
على خط آخر رأى جرادي أن "ما يحصل من اجراءات حكومية تقوم بها حكومة تصريف الأعمال هو تصريف وقت، لأن هشاشة المؤسسات والتخبط اوصلتنا الى ما نحن عليه. وقد رأينا عدم جهوزية، وخططاً ارتجالية لا ترقى الى مستوى الادارة لأن خطط الازمات يفترض أن تكون جاهزة. فنحن ليس لدينا خطة جاهزة، لكننا بالمقابل نعول على تعاضد الشعب والمجتمع المدني، وأهم شيء ألا يكون بيننا مستغلين وتجار أزمات".
ووسط كل هذا المشهد القاتم لا بد من الضغط باتجاه تعزيز وحدة الموقف الوطني بالدرجة الأولى، ووضع الخطط الاستباقية، فذلك يبقى الخيار الأفضل في مواجهة التحديات.