درس من خارج النشاط المنهجي، قام به طلاب بعض المدارس الخاصة في صيدا، وجسدّوا فيه معاني الوطنية والشعور بالإنسانية من خلال التضامن مع أترابهم من الطلاب الفلسطينيين في غزة، الذين يتعرضون يومياً لمجازر همجية ويواجهون بدلاً من الالتحاق بصفوفهم ومدارسهم وبناء مستقبلهم.
بدأ الدرس بوقفة في ساحة "الشهداء" وسط صيدا، تلبية لدعوة اللجان والروابط الطلابية وتجمع المدارس في المدينة والجوار. وبدلاً من قرع الجرس، انطلقت الهتافات وقد بحّت الحناجر المؤيدة لغزة وشعبها ومقاومتها، فيما استبدل الطابور الصباحي بالوقوف دقيقة صمت وقراءة سورة الفاتحة عن أرواح الضحايا.
ورفع الطلاب المشاركون الأعلام اللبنانية والفلسطينية بدلاً من الأقلام، واعتمروا الكوفية بدلا من الزي المدرس، فيما استبدلوا الكتابة على اللوح الأخضر بشعارات خطّوها على لافتات بيضاء باللغتين العربية والإنكليزية تندّد بالصمت الدولي وسياسة الكيل بمكيالين.
وقالت الطالبة بارعة المصري لـ"نداء الوطن": "جئت لإيصال رسالة إلى شعب فلسطين بأننا معكم ولن نخذلكم ولو فعل العالم بأسره، نعيش وجعكم ونشعر بحزنكم ولن يدوم إلى الابد". وأعلنت الطالبة بتول مرعي التضامن مع شعب فلسطين "لأنه مظلوم وترتكب بحقه الجرائم من دون أي ادانة أو دعوة لوقف إطلاق النار".
وسط ساحة "الشهداء"، اصطفت طالبات ثانوية "الفرقان" وحملن علم بلد عربي ووضعن لاصقة على افواهنّ تعبيراً عن الصمت، وقالت الطالبة نور حسن "في هذا المقام الصمت أبلغ من الكلام، خلص الحكي أمام دماء الشعب في غزة"، بينما قالت بتول مرعي "نحن على استعداد لتقديم الغالي والنفيس من أجلكم والدفاع عن الأقصى والقدس".
وأمام منصة نصبت على عجل، وقف مئات الطلاب يردّدون قسم الوفاء لفلسطين والدفاع عنها، وقالت الطالبة تالا صليبا من مدرسة "لأفق الجديد" لـ"نداء الوطن"، "جئنا نعبر عن غضبنا ورفضنا للمجازر التي ترتكب بحق المدنيين وخصوصاً الطلاب وندعو لهم من قلبنا بالصمود والنصر"، بينما قالت زميلتها عائشة بوجي "من واجبنا نصرتهم في ظل الصمت الدولي، أنهم يموتون على مرأى العالم من دون إدانة".
وصبّت الطالبة شهد اسامة مستو من مدرسة "الجنان" جام غضبها على تحويل الاشخاص مجرّد ارقام، وقالت لـ"نداء الوطن": "لقد فقد العالم إنسانيته حين يتحول الانسان مجرد رقم لا قيمة له، حتى بات المحظوظ منهم من يعرف اسمه وهو مضرج بدمائه"، بينما قالت ملك شناعة "ستبقى فلسطين قضية كل العرب والمسلمين وسنبقى يداً واحدة في وجه الاحتلال الإسرائيلي".
وعلى وقع الأناشيد الحماسية، انتهى الدرس بعد نحو ساعة، لم يكن في علوم الجغرافيا ولكنه كان يكتب التاريخ لشعب حرّ أُحتلت أرضه منذ 75 عاما وما زال يناضل من أجل تحريرها والعيش بحرية وكرامة، ولم يكن في اللغة الانكليزية بل في اللهجة الوطنية، قبل أن يختتم بحرق الأعلام الاسرائيلية وأكثر من مرة، وسط صيحات التكبير والهتاف "الحرية لفلسطين والنصر لشعبها المعطاء".