تواجه حرية الصحافة أشدّ أساليب القمع والاجرام تحت وطأة الأحداث الأليمة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلّة، خاصةً وأنَّ المحتلّ الإسرائيلي يجاهر بدعم الغرب له، في حين أنَّ الأخير لم يترك وسيلة إلّا واستخدمها في سبيل تشويه الحقائق ومنع العالم، الغربي خاصةً، من رؤية إجرام الاحتلال في غزة منذ بدء عملية "طوفان الأقصى".
وفي حين تستشري المزاعم والتضليلات الإعلامية، لتشويه الحقائق، يفاقم العدو إجرامه ليطال هذه المرّة الصحافيين، باستهداف مباشر على الحدود الجنوبية أدّى إلى استشهاد الزميل والمصوّر في وكالة "رويترز" عصام عبدالله، كما إصابة صحافيين آخرين، في جريمة متعمّدة لقمع الصحافة وحظر الرسالة السامية للإعلام، وسبقها استشهاد عدد من الصحافيين في غزة.
وفي معرض تعليقه على الأحداث، اعتبرَ الصحافي نذير رضا أنَّ "الواقعة الأخيرة أثبتت أنَّ الحماية المطلوبة للصحافيين، مفقودة، كذلك قواعد احترام القانون الدولي والالتزام بمعايير حقوق الانسان"، لافتاً في حديث لـ"الأنباء" الإلكترونية إلى أنَّ"العدو الإسرائيلي يضرب هذه الأسس بعرض الحائط، وقد خبرنا هذا الأمر في حادثة استهداف طواقم إعلامية يفترض أنها موجودة في مكان آمن، وتعرّف عن نفسها جيداً من خلال اللباس والمهمة ومعدات البث".
وإذ رأى رضا أنَّ "إسرائيل بهذا المعنى لا تفرق بين مدني وصحافي وغير ذلك"، مشدّداً على أنَّ "هذا الأمر يشكّل معضلة إنسانية كبيرة، وحلّها لا يكون بالإدانة والاستنكار فحسب، بل بضغط دولي جدي ومحاسبة حقيقية ووضع حد للإفلات من العقاب، إذ لو تمّت محاسبة إسرائيل على قتل الصحافيين في السابق، وخصوصاً بعد اغتيال شيرين أبو عاقلة بدم بارد، ولو أُلزمت على تطبيق معايير حقوق الإنسان والقانون الدولي، لما تجرأت على استهداف الصحافيين والمدنيين في غزة، ولا على استهداف الطواقم الإعلامية في علما الشعب، لكنّها للأسف تثق بأنها قادرة على الإفلات من العقاب، لذلك تمضي في إسكات الاعلام في خطة لطمس معالم جرائمها"، على حدّ تعبيره.
وعليه، فإنَّ لا قانون يحمي سياسة التنكيل والاعتداء الغاشم على الصحافيين، خاصةً في فترة حرب مماثلة لما يجري اليوم في قطاع غزة، والإبادة التي يقوم بها العدو بالشعب الفلسطيني، وسعيه لحجب الصورة الحقيقية لكيانٍ يستفيد من السيطرة على عدد كبير من وسائل الإعلام الكبرى حول العالم، إلّا أنَّ الحق لا بدّ أن ينتصر في نهاية المطاف وأن يحظى الشعب الفلسطيني بحقوقه الوطنية المشروعة ودولته المستقلّة.