قراءة في قصيدة "اذهبي اذهبي ولتتبارك الأرض" للشاعر أنسي الحاج

09 تشرين الأول 2023 06:00:00 - آخر تحديث: 09 تشرين الأول 2023 15:37:29

أنت إذا قرأت القصيدة ترى كلمات مبتلّة بالحزن والضياء تمرّ سراعا.

إنّ كلمة "اذهبي" ما كانت لتشعرك بأيّ شيء لولا تضمّخها بعطر ? أزليّ " روائح الليمون"، لكنّ العطرَ نسيمُه رحلَ قبل الفجر "اذهبي.. ولا ترجعي". وإذا كان اقترانُ الشِّعر بالرحيل قديمًا جدّا، فالشاعر مذ وعى نفسه ميّالٌ إلى الرحيل. أهو الهروب الوجوديّ؟ أم هو التوق دائمًا لما لا يكون؟

الشموس كلّها تنعكس ، لكنّ أنسي الحاج يرسم صورة التجلّي والإخفاء بلغة? جديدة لن تتكرّرَ مطلقًا ، فتحتلّ المرأة مثل
َ هذه المكانة: "توزّعي في الشعاع لا تنعكسي... تصاعدي تصاعدي لا تمطري".

هذه الصورة الفائقة النور يخاف الشاعر أن يهشّمها الكون.
أهو الصراع بين العدم والوجود؟ أم هو التوق دائمًا للأشياء الّتي لا يمكن رؤيتها؟

ويختفي الجسدُ في احتماليّة تلاشيه: "اصعدي إلى الروح غيبي في الماء اهبطي إلى الروح".

وهذا الّذي يقول اذهبي: "... ولا ترجعي"يحاول أن يبزغَ بين الحرمان "عصافير.. زهر"، فيرى بلادَه على حقيقتها:" في بلادي لا تنتهي الحدود.. في بلادي يسحقني الحرمان"، في بلاده لا يوجد عالم سعيد.

اذهبي اذهبي في روائح الليمون ولا ترجعي بعد القطاف
اتّحدي ولا تنفصلي
تضمّخي توزّعي في الشعاع لا تنعكسي
تصاعدي تصاعدي لا تمطري
ليكن شعركِ غيمة وكوني عاصفة
اذهبي اذهبي ولتتبارك الأرض
اصعدي إلى الروح غيبي في الماء اهبطي إلى الروح  خلّصيني أنا الصغير من حبّك
في بلادي حيث الحدود عصافير، لا تنتهي الحدود
في بلادي حيث الزهر يشقّ الصخر، يسحقني الحرمان.
 
 

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".