لم تطمئن قلوب أبناء عين الحلوة بعد، ولم تتوقف مخاوفهم من تجدّد الاشتباكات بين حركة «فتح» و»تجمع الشباب المسلم»، على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه بمساع من رئيس مجلس النواب نبيه بري (14 أيلول 2023) وعدم حصول خروقات كبيرة له، والمضيّ قدماً في تطبيق بعض بنوده على أرض الواقع.
«أبناء مكة أدرى بشعابها»، مقولة يردّدها أبناء المخيم وباتت على كل شفه ولسان، في إشارة إلى أنهم يستشعرون الخطر ويعيشون القلق اليومي من انهيار الاتفاق فجأة أو عند أقل حادث على وقع التوتير، وهذا ليس لرسم صورة قاتمة عن الواقع المأسوي، بل لدعوة القوى السياسية الى اتخاذ المزيد من الإجراءات سريعاً لمنع انهياره أو حصول الأسوأ، بخلاف التطمينات والتعهّدات بعدم فتح اشتباك جديد.
في معادلتي المخيم المُطمئنة والمُقلقة، يجري مسؤول فلسطيني تقييماً بينهما، ويروي لـ»نداء الوطن»، أنّ الاتفاق أوقف الرصاص والمزيد من الخسائر البشرية والمادية، ونجحت هيئة العمل المشترك الفلسطيني في لبنان وبدعم سياسي وأمني لبناني بتثبيته، ثم بتعزيز القوة الأمنية المشتركة ونشرها في منطقتي الرأس الأحمر والطيرة ومفرق بستان القدس، ثم بإخلاء مدارس «الأونروا» والتموضع عند مداخلها بانتظار تسلمها.
ولكن بنوده لم تستكمل حتى اليوم، وأبرزها انتشار القوة المشتركة في حي حطين، ثمّة خلاف كبير حول هذه النقطة لجهة الانسحاب والتموضع، ثم سحب المظاهر المسلحة وفتح الطرقات وإزالة والدشم والمتاريس ورفع الشوادر، أحياء وشوارع المخيم ما زالت مقطّعة الأوصال، ثمّة ربط واضح بين كل ذلك وحسم كيفية التعامل مع المشتبه بهم في جريمة اغتيال اللواء أبو أشرف العرموشي التي أشعلت فتيل الاشتباكات.
ويضيف المسؤول عينه: «تكاد تكون المرة الأولى التي يعيش فيها المخيم هذه الأزمة بطول أمدها، بين معادلتي اللاحرب واللاسلم، ثمة إستنزاف غير مسبوق في تعليق دورة الحياة وحرق أعصاب الناس، في ظل غياب المؤشرات المطمئنة، ومنها عدم عودة العائلات النازحة بعد وما زالت تتوزّع بين قريب وصديق واستئجار موقت، ومنها تريث وكالة «الأونروا» في فتح أي من مراكزها الخدماتية والاجتماعية الصحية بعد قرارها نقل طلابها إلى مدارسها خارج حدود المخيم».
ويتابع: «اللافت والخطير هو الإشاعات والسجال الإعلامي المتواصل منذ اندلاع الاشتباكات في 30 تموز الماضي، وقد تجاوز حدود الخلاف السياسي وهو أمر غير معهود، بعدما تجاوز كل المحرمات الشرعية والأخلاقية والوطنية والقيم المتعارف عليها، وكاد يشعل المخيم مجدّداً لولا سرعة تداركه، ما يشير إلى مدى الاحتقان. ناهيك عن استهداف القوة المشتركة التي نفت كل الإشاعات عن استقالات في صفوفها أو استنكاف أو تراجع في أداء دورها، مؤكدة أنها ستبقى تحت سقف الإجماع الفلسطيني الضمانة لأمن المخيم».
سياسياً، استقبل رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة في لبنان الشيخ ماهر حمود وفداً كبيراً من أهالي حي حطين، وحارة السينما والكينايات، شكا إليه «استمرار وجود المسلحين من الطرفين في منطقتهم وفي بيوتهم، كما وجود بعض المظاهر العسكرية التي تُشعر باحتمال التحضير لمعارك قادمة».