يستكمل المبعوث القطري جاسم بن فهد آل ثاني تحرّكه لمحاولة حل الأزمة الرئاسية اللبنانية بزيارات على قيادات وأحزاب سياسية بدون ضوضاء وبعيدًا عن الأضواء، مصحوبًا بلائحة من المرشحين. ومع ذلك، يبقى الانطباع السائد حتى الآن هو أن التوازنات الإقليمية والدولية لا تسمح للدوحة بتحقيق الخرق الآن، ودورها الحالي يبدو مقتصرًا على ملء الفراغ في انتظار نضوج التسوية والتسمية.
وأكد رئيس تحرير صحيفة "اللواء" صلاح سلام أنه "لا شك في أن مجيء الموفد القطري ينعي بشكل أو بآخر مبادرة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، لأنه لا يمكن أن يكون هناك وساطتين في وقت واحد، خصوصا وأن الدولتين هما أعضاء في اللجنة الخماسية. ومن هذا المنطلق يُعتبر أن مبادرة الموفد القطري تولد من جديد وهي لا تستكمل من حيث انتهت مبادرة لودريان وحتى الآن فإن الزيارات التي يقوم بها الموفد القطري بسرية تامة وبهذه الجدية توحي بأن فرص النجاح أكبر مما حصل مع الموفد الفرنسي".
ويعتبر سلام أن اللائحة التي يحملها الموفد القطري في جعبته والتي هي بحسب المعلومات 4 أسماء النائب نعمة افرام، الوزير السابق زياد بارود، مدير عام الأمن العام اللواء الياس البيسري إلى جانب "الأوفر حظاً" قائد الجيش جوزيف عون، قابلة للتغيير وإضافة الأسماء فهي ليست مُقدّسة ويمكن تغييرها كنتيجة لزيارات الموفد القطري التي يجريها على الأطراف السياسية اللبنانية إذا ما حصل نوع من توافق بين الأطراف اللبنانية. خصوصا وأن مبادرة الحوار التي دعا إليها الرئيس بري قد ضاعت مع رفض المكونين المسيحيين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر له، ولكن لا بديل للبنانيين عن الحوار من أجل التوصّل للتوافقات المنشودة للخروج من الأزمة الرئاسية.
وفي السياق، أشار سلام إلى أن "ما يزيد من فرص نجاح المبادرة القطرية هو الدعم الأميركي الذي تحظى به هذه المبادرة على خلاف المبادرة الفرنسية التي كانت تتصرّف بتفرّد في القرارات والطروحات، إضافة إلى موافقة اللجنة الخماسية والغطاء العربي والدولي الذي تناله هذه المبادرة، وبالتالي هذا يعني أنها تجاوزت حقل كبير من حقول الألغام التي كانت قد اعترضت مهمة لودريان وأنهت المبادرة الفرنسية ما يعني أن الدعم الواسع الذي يناله الموفذ القطري يسهّل عليه العمل ويفتح أمامه أبواب حلول كثيرة".
واعتبر أنه "من حيث المبدأ المبادرة القطرية تحصل بناءً على توافق اللقاء الخماسي وهذا ما كانت قد طالبت به المندوبة الأميركية في نيويورك في الاجتماع الأخير لمندوبي اللقاء الخماسي، وبالتالي فأنا أعتقد أن قطر تتحرك في سقف زمني حدوده أواخر هذا العام ليس أكثر من ذلك".
وختم سلام قائلا "لا شك في أن الخروج من أزمة الفراغ الرئاسي اليوم قبل الغد والأمس قبل اليوم هو أفضل لبنان، ولكن هناك أمر واقع يفرض على لبنان عيش هذا الفراغ ويفرض نفسه أيضا على اللبنانيين الذين يحاولون التكيف مع هذا الواقع وهذه الأزمة بشكل أو بآخر ويدفعون ثمنا باهظا لهذا الشلل الذي تعيشه الدولة اللبناني".
بناءً على ما ذُكر أعلاه، لا حل في الوقت الراهن إلا انتظار نتائج المبادرة القطرية التي قد تأتي برئيس، ويبقى السؤال هل يمكن اعتبار أن الأمور رست على خيار قائد الجيش العماد جوزيف عون بانتظار الضوء الأخضر، خصوصا وأن ولاية عون تنتهي بالأشهر القليلة المقبلة ما يعني أنه لن يعد بحاجة إلى تعديل دستوري حينها؟ والسؤال الأخطر هل سيحتمل لبنان المزيد من الفراغ إلى حين الوصول إلى تسوية ما تُخرجه من كبوته الحالية؟ فلننتظر الإجابة.