Advertise here

"الإشتراكي"- "المستقبل" نحو التهدئة... ولكن!

25 حزيران 2019 13:05:00 - آخر تحديث: 04 أيلول 2020 11:35:52

يلتزم فريقا تيار "المستقبل" و"الحزب التقدمي الإشتراكي" بالتهدئة التي تمّ التوصل إليها بعد حرب التغريدات في فصلها الأخير، ويعمل الفريقان بمبادرة من الرئيس نبيه بري على إعادة ترتيب العلاقة والشروع في حوار يعيد الخلاف في الرؤى والمقاربات إلى مكانها الطبيعي داخل المؤسسات. ولكن تطويق السجال لا يعني أنّ التباين لم يعد قائمًا بين الفريقين، لاسيّما وأنّ أسباب الخلاف ما زالت موجودة، وتكمن في المقاربات المختلفة في كيفية إدارة البلد من الناحيتين السياسية والإقتصادية. 

في الشق السياسي لا يختلف إثنان على وجود انطباع ليس لدى "الإشتراكي" فقط بل داخل البيئة السياسية للرئيس الحريري، مفاده أنّ وزير الخارجية جبران باسيل يتخطى موقع رئاسة الحكومة في ملفات عديدة، ومنها ملف النزوح السوري، ويُظهر نفسه بموقع المقرّر في تجاوز فاضح لإتفاق الطائف. وفي هذا السياق يتلاقى "الإشتراكي" مع عدد من القوى السياسية في رفضهم "طحشة" شريك الحريري في التسوية ومحاولته الإستئثار بالقررات، بما يمثل تجاوزًا للصلاحيات الدستورية المنوطة بالرئاسة الثالثة، من هنا أتى تحذير جنبلاط من "تحنيط الطائف"، وهو الأمر الذي عبّرت عنه أيضا شخصيات داخل الطائفة السنية، ودخلت على خطّه دار الفتوى ورؤساء الحكومات السابقون أكثر من مرة رفضًا لتجاوز صلاحيات رئاسة الحكومة، بعد التسريب الأخير للوزير باسيل وقبله. 

مكوّنات سياسية أخرى تتلاقى وجنبلاط  في رفض هذا الواقع، وإن اختلفت في طريقة التعبير، كحزب "القوات اللبنانية" وتيار "المردة"، مع فارق أنّ جنبلاط وحده يواجه حملة شرسة من حلفاء النظام السوري لإضعافه. الرئيس بري أيضًا سجّل استياءه من هذا الواقع وذلك في عبارته اللافتة التي نقلها عنه النواب في لقاء الأربعاء النيابي، وتلت اجتماع الخمس ساعات بين الحريري وباسيل، قال فيها  "التوافق على الصفقات اغلى من كلفة الاصلاح "، في حين أنّ "ما يحكى في الصالونات عن تجاوز الصلاحيات يتخطى بكثير ما يتمّ التعبير عنه في التصريحات والمنابر الإعلامية، بحسب مصادر نيابية. 

في الشق الإقتصادي عمل "الحزب التقدمي الإشتراكي" على إعداد ورقة اقتصادية شاملة، عرضها على مختلف القوى السياسية، وضمّنها مقاربته لمعالجة الوضع الإقتصادي، ورؤيته لحل معضلة الكهرباء في لبنان على سبيل المثال، وفيها تشديد على وجوب تأليف الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، في المقابل تمّ الذهاب بتسويات وخطط أطاحت بالهيئة الناظمة للقطاع. وفي مشروع الموازنة أيضًا قدّم "اللقاء الديمقراطي" اقتراحات لتقليص العجز وزيادة الإيرادات بعيدًا عن المسّ بحقوق وتقديمات الفئات الشعبية، ومن الإقتراحات ملف الأملاك البحرية، ولكن لم يُؤخذ به. والمفارقة أنّه حتى الخلاف بالرؤى الإقتصادية يؤخذ إلى غير مساره ويُصور على أنّه يستهدف هذا الفريق. 

الرئيس بري يستكمل مسعاه لسحب فتيل التوتر بين "الإشتراكي" و"المستقبل" من خلال الحوار. النائب بلال عبد الله في حديث لـ "لبنان 24" نفى أن تكون التعيينات سبب الإشكال الأخير قائلًا "هناك أمر عالق في الموضوع السياسي وفي الشق المتعلق بإدارة البلد سياسيًا، ووفق الطريقة التي تدار بها الأمور في الحكومة". 

وعن السبب الذي جعل الحريري يبدأ السجال بتغريدته، وما إذا كانت تغريدته الأولى أتت ردّا على كلام للوزير وائل أبو فاعور وصف خلاله العلاقة مع تيار "المستقبل" بأنّها ليست على ما يرام قال عبد الله "لا أعتقد أنّ الأمر عائد إلى تصريح أبو فاعور، فما قاله ليس بجديد وهو معروف، كما أنّ أبو فاعور هو من أشدّ الحريصين على انتظام العلاقة بيننا وبين تيار المستقبل". 

أضاف عبد الله "أتمنى أن تعود الأمور إلى مجراها الطبيعي بيننا وبين المستقبل". وعن مسعى عين التينة أضاف: "الرئيس بري يعمل على إبقاء الأمور بين الجميع في إطارها انطلاقًا من حرصه على البلد وعلى استقراره ". 

خطاب التهدئة هذا انسحب أيضًا على المسؤولين في تيار "المستقبل" الذين رفضوا الخوض في أسباب تغريدة الحريري مكتفين بالقول "لا تعليق".

مما لا شك فيه أنّ سجال "الإشتراكي" – "المستقبل" أسعد البعض بصرف النظر عن منطلقاته وتداعياته، وبدأت محاولات استثماره في اللحظات الأولى لإشتعاله، ولكن المستغرب أن يقارب المؤتمنون على إدارة شؤون البلد أي خلاف بالرؤى بهذه الخفّة، وأن يعمدوا من خلال تجديد تسوية أنقذت البلد من الفراغ المؤسساتي إلى تكريس ثنائيات أثبت التجارب أنّها لا تصب في مصلحة البلاد والعباد.