نعيش في اللادولة. بتنا نعرف ذلك وأكيدين منه. ولأنّنا في اللادولة، لا كهرباء ولا مياه ولا دواء... ولائحة اللاءات بتنا نعرفها أيضاً. وقد تسبّب ذلك في ترقيع "عَ اللبناني"، كالمولّدات والصهاريج المياه وغيرها. وبعدما قبلنا بأن ندفع الثمن مرّتين، مرّة للدولة من دون خدمة ومرّة لأصحاب الموتيرات والصهاريج مقابل الكهرباء والمياه، صرنا ندفعها 3 مرّات. والثمن الثالث كبير.
نضرّ صحّتنا وندفع من أعمارنا، بسبب غياب الدولة والتفلّت. وليس غريباً أبداً أن نتصدّر قائمة البلدان بارتفاع نسب السرطان، فإنّنا... نتنشّقه!
في هذا السياق، وفي محاولة لتخفيف من حدّة "المجزرة" البيئيّة والصحيّة أصدر وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين تعميماً ومواصفات جديدة ملزمة للحدّ من التلوث الناتج عن المولدات. فكم كلفة الضرر؟ وهل ستتمكّن الوزارة من تطبيق التعميم أم يبقى حبراً على ورق؟
يُشير مدير مختبر علوم البيئة والمياه في الجامعة اللبنانية جلال حلواني، في حديثٍ لـ"الأنباء" الإلكترونيّة، إلى أنّ موضوع المولدات وتوليد الكهرباء عن طريق المولدات الخاصة ليس أمراً طبيعيًّا في حياتنا اليوميّة وأنّه من واجب الدولة أن تقوم بالمهمّة ولكن بسبب الأزمة لجأ البعض لاستعمال المولد الخاص أو الإشتركات بمولّدات المنطقة. ويُضيف: "لتشغيلها يُستخدم إمّا البنزين أو المازوت، والنتيجة هي ضرر على البيئة أوّلاً لناحية تلوث الهواء الناتج عن عملية احتراق الوقود المستخدم ما ينتج عنه إنبعاث غازات وجزيئات دقيقة لا تُرى في العين المجرّدة إلا أنّها تدخل إلى جسم الإنسان. وثانياً التلوّث السمعي أو الضجيج، ولذلك أيضاً تأثير سلبي على صحّة الناس وقد يتسبّب بأمراض عصبيّة وأخرى نفسيّة".
تلوّث الهواء يؤدّي إلى أمراض تُصيب الجهاز التنفسي والعصبي والقلب، فماذا عن الأرقام؟
يؤكّد حلواني أنّ "محطات الرصد الموجودة في لبنان متوقّفة كلّها ولذلك ليس لدينا أرقام دقيقة حول حجم التلوث الناتج عن المولّدات". لكن، يقول الأخير: "إذا استمرّينا على هذا المنوال فإنّ الضرر سيكون مؤثّراً جدًّا ويمكن أن نُطلق على المولدات إسم القاتل الصامت لأنّ كلّ الإنبعاثات والضرّر منها يتراكم في جسم الإنسان ويمكن أن يتسبّب بأمراض وخيمة ولذلك لا يمكن السكوت عن هذا الأمر".
إذاً، حتى لا ندفع بأعمارنا الثمن، يجب الالتزام بالمواصفات التي حددتها الوزارة حفاظاً على البيئة والصحة. فهل ستتمكّن الأخيرة من ضبط هذا الأمر وفرض الالتزام بالمواصفات؟
يُجيب حلواني: "وزارة البيئة ليست جهة تنفيذيّة وليس لديها الجهاز الذي يمكن أن يُتابع تنفيذ هذه الإجراءات ودورها يقتصر على تحديد المواصفات والأمور التنظيميّة. أمّا التنفيذ فيقع على البلديات، وكل بلديّة مجبورة أن تقوم بواجب المراقبة. وفي حال ليس لديها الإمكانيات يمكن أن تستعين بقوى الأمن الداخلي أو المحافظ".
التعميم صدر، أمّا التنفيذ فرهن الأيّام، فلننتظر ونرى...