بين استغلال الطفولة من أجل زيادة عدد المشاهدات، وغياب الرقابة على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من قِبَل الأطفال، مجتمعٌ بأسره يقع في مستنقع المجهول حول ما سيكون شكل المستقبل وسط أربع سنوات من الواقع التعليمي المتردّي، وأعوام مقبلة غير واضحة المعالم فيما إذا كانت المدارس ستكون قادرة على احتواء الطلاب، وتقديم ما يلزم من مناهج تعيدهم إلى سكةٍ "سليمة" في التعلّم والنمو الفكري والثقافي اللّازم.
الباحثة الأكاديمية والأستاذة الجامعية، الدكتورة حسناء بو حرفوش، تؤكّد عبر "الأنباء" أنّ، "انعدام الرقابة على استخدام الأطفال لمواقع التواصل الاجتماعي يؤدي بشكلٍ كبير إلى إدمانهم لهذه المواقع، ويؤثّر بطبيعة الحال على حالتهم العصبيّة، وبالتالي أيضاً على مستواهم الفكري، خصوصاً عند غياب التوجيه الصحيح لاستخدام هذه المواقع والمنصات، لأنّ العشوائية في الاستخدام تؤدي لأن يكون هناك خطر لما يتلقّاه الأطفال من معلومات وأفكار وتصرّفات يتمّ دفعهم من خلالها إلى تقليد ما يرونهم عبر هذه المنصات بدون أن يكون لديهم أي فكرة عن القيَم، وما هو صحيح أو خاطئ".
ما المطلوب من الأهل؟
تعتبر بو حرفوش أنّه، "من غير المنطقي أن يتعامل الأهل مع أطفالهم بطريقة قاسية تجاه هذا الموضوع لأنه سيشكّل بطبيعة الحال ردة فعل عكسية لدى الأطفال، وخصوصاً لدى المراهقين. وفي فترة بداية العام الدراسي يصعب أمر تنظيم الوقت بين الدراسة والانضباط و"الفروض" المنزلية، وبين من يعتبرون أنّه يعطيهم سعادة، ونوعاً من اللّذة و"الممنوع المرغوب" في هذه الفترة من السنة". وتضيف بو حرفوش قائلةً، "إنّ ما يجب فعله هو محاولة مواكبة هذا التطوّر بالشكل السليم، خصوصاً من قِبل الأطفال، لأنّ ما سيعيشونه في المستقبل سيكون مليئاً بالتطوّر التكنولوجي، ومن الضروري أن يكونوا متماشين مع هذا التطوّر العالمي، ولكن برقابة وتفهّم من قِبل الأهل لكي لا يتحوّل النصح والرقابة إلى تشبّث وعصبية وانحراف من قبل الأطفال نحو الأسوأ".
وعن سُبل استخدام تقنيات التطوّر ومواقع التواصل الاجتماعي تشير بو حرفوش إلى أنّه، "يمكن أن يستعين الأهل أولاً بخبرة الأطفال في استخدام التقنيّات، أو تعليمهم كيفية استخدامها في واجباتهم المنزلية بطريقة تساعد نموّهم الفكري، لأن لا شك في أن هذا التطوّر، بالرغم من الكثير من سلبياته، لديه العديد من الإيجابيات التي يمكن استغلالها في سبيل تعليم الأطفال بشكلٍ أفضل وجعلهم يتعلمون كيف يستخدمون هذه المواقع، وهذا التطوّر بشكل مفيد".
في الختام، تقع مسؤولية كبيرة على عاتق الأهالي في حماية أطفالهم والمجتمع بأسره من الأضرار والمخاطر المحتملة، والتي قد يولّدها "الإدمان" على التكنولوجيا. وبالرغم من الإيجابيات الكبيرة لهذا التطوّر تبقى الرقابة والإرشاد هما الحجر الأساس لتمكين الأطفال والمراهقين من الاستفادة من هذا التطوّر، وعدم السماح له بالتأثير السلبي عليهم، والدور أيضاً كبير على المدارس التي يجب أن تبدأ بإدخال نماذج تعليمية تكنولوجيّة على مناهجها التربوية، مما سيساهم بشكلٍ كبير في تحسين المستويات لدى الطلاب وزيادة إقبالهم على التعليم واكتساب المعلومات أكثر فأكثر!.