ان تعيش حراً، ان تعيش بكرامة، ان تعيش بأرضك عزيزاً، عقيدة لا يمكن المساومة عليها.
ليس من السهل إتخاذ قرار المواجهة والتحرر من ظلم واستبداد نظامٍ مجرمٍ قضى خمسة عقود متربعاً على كرسي الحكم، وعاث فساداً وإفساداً في وطن لم يرَ يوماً هناء العيش، بعد استعمارٍ ظالم وانقلابات عسكرية دموية الى ان وصل البعث الأسدي وبنى دولة الامتيازات والتمييز دولة القهر والفقر دولة كبت الحريات والسجون المتخمة بالأبرياء والأحرار، دولة الاغتيالات وتصدير الفتن والمؤامرات.
لم يعد الشعب السوري قادراً على السكوت عن الذل والتهجير والقتل الذي يمارسه النظام بحقِّه، وقد أصبح الاستحصال على رغيف الخبز انجاز كبير. عائلات تعيش على وجبة واحدة في اليوم واطفال ينامون عراة ودون عشاء، وشبيحة النظام وأذنابه يتلذذون في اذلال الناس وقهرهم وتدنيس كراماتهم، وقتل أولادهم بالمخدرات التي ينشرونها في صفوف الشباب بطريقة ممنهجة للقضاء على المجتمع والعائلة.
كان وما زال جبل العرب موئل الحرية ومقلع الابطال والأحرار وقاهر الأعداء والظالمين وناصر الحق والمظلومين، ما استكان يوماً ولا نام على ضيم، فهو القدوة والراية الحرّة الخفّاقة ضد كل استعمار واستبداد وظلم.
وليس جديد على أهله التضحية في سبيل الحرية والعزة والعيش الكريم، وما يقوم به أهل الجبل اليوم سيكتبه التاريخ بأحرف من ذهب، كما كتب تاريخ أسلافهم وفي مقدمتهم المناضل الكبير المرحوم سلطان باشا الأطرش، لكن عليهم التنبُّه من شر النظام ومرتزقته، ومن المؤكد بان الثورة في السويداء سوف تواجه الكثير من المخاطر والتحديات التي يجب العمل على مواجهتها بوعي وحكمة. وبناءً عليه فالمطلوب ومن عين المراقب:
أولاً: المحافظة على وحدة الكلمة والموقف وهي الأساس، ثانياً: أخذ الاحتياطات اللازمة من الاغتيالات التي يتقنها النظام واتباعه ومرتزقته، ثالثاً: المحافظة على سلمية الثورة مع العمل على كل الاحتمالات وتوقع كافة السيناريوهات، رابعاً: الإعتماد على الذات وعدم الوقوع في فخ الوعود الخارجية مع مواكبة الثورة سياسياً وإعلامياً، خامساً: عدم تطييف الثورة والتواصل والتعاون مع كافة المكونات داخل سوريا، القريبة والبعيدة والتنسيق فيما بينها، سادساً: الأخذ بالاعتبار الوقت وقدرة الناس على الصمود، والعمل على تأمين مختلف أنواع الدعم المادي والسياسي والمعنوي والإعلامي. هذه بعض التحديات التي يجب التنبه لها كي تحقّق ثورتكم المشرّفة أهدافها النبيلة.
لم يقبل أهل الجبل على مدى تاريخهم حكم الظالمين ولن يقبلوا، كما لن ينجروا الى التقوقع والتقسيم وحكم العصبيات الضيقة، فقد كانوا دائماً فكراً وممارسةً دعاةً للوحدة والتضامن والانفتاح، وجبل العرب عربياً كان وسيبقى قلب العروبة النابض.
أنتم يا أهل الجبل الميامين أصحاب حق، وكل السوريين الشرفاء معكم، وهم يعلقون آمالهم على نجاح ثورتكم، فكونوا أقوياء بوحدتكم كما أنتم دائماً ولا تسمحوا للفتنة والمفتنين بالدخول بينكم، أصبروا فالصبر مفتاح الفرج وفجر النصر آتٍ انشاءالله وكما قيل "إن للظالم جولة".
(*) د. منصور سليمان أ.