Advertise here

الحلول الإقتصادية قاصرة عن إجتراح التسوية السياسية: مؤتمر البحرين نموذجاً!

24 حزيران 2019 06:05:00 - آخر تحديث: 24 حزيران 2019 15:02:58

عشية مؤتمر البحرين الذي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والثقافية العربية، ورفضاً فلسطينياً واسعاً وشاملا للخطة وللمؤتمر، أكّد الرئيس محمود عباس أن موقفه من صفقة القرن الأميركية، والورشة الاقتصادية، في البحرين لم ولن يتغير، لأنه غير مستعد لأي نقاش اقتصادي قبل تسوية الوضع السياسي.

وقال عباس في مستهل اجتماعٍ للّجنة المركزية لحركة فتح في رام الله: "فيما يخصّ صفقة العصر، نحن قلنا موقفنا منها، وما زلنا على موقفنا. هذه الصفقة لا يمكن أن تمرّ لأنها تنهي القضية الفلسطينية". وأضاف: "نحن لن نحضر ورشة المنامة أيضاً، والسبب أن بحث الوضع الاقتصادي لا يجوز قبل أن يكون هناك وضع [حلٍ] سياسي".

لاآت الرئيس الفلسطيني، تأتي في الوقت الذي أعلنت فيه مصر والأردن مشاركتهما في المؤتمر الاقتصادي في البحرين، والذي ستشارك فيه إسرائيل أيضاً، وحيث من المقرر أن يقدم  صهر الرئيس ترامب جاريد كوشنر في مؤتمر البحرين، والذي سيُعقد على مدى يومَي 25 و26 حزيران الجاري، خطة "الازدهار من أجل السلام"، ويكشف عن الجوانب الاقتصادية من صفقة ترامب للسلام. وقال كوشنر في لقاءٍ مع وكالة "رويترز"، إن أول مرحلة من (صفقة القرن) تتمثل بإقامة مشاريع بقيمة 50 مليار دولار في الأراضي الفلسطينية، والأردن، ولبنان، ومصر، وتقترح كذلك إقامة طريق بتكلفة خمسة مليارات دولار، عبر إسرائيل، لربط الضفة الغربية مع قطاع غزة. وتقترح أيضاً، لتنفيذ الخطة، إنشاء صندوق استثمارٍ عالمي لدعم اقتصاديات الفلسطينيين، والدول العربية المجاورة.
 
مصادر دبلوماسية عربية متابعة، قلّلت من أهمية مؤتمر البحرين الذي بات حاجةً إعلامية أميركية، وذلك بعد أن فقد عناصر تأثيره بفعل الرفض الفلسطيني المطلق، والفراغ السياسي الإسرائيلي، والذي تمثّل في عدم قدرة نتنياهو على تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة تملأ الفراغ السياسي الإسرائيلي الراهن. ورأت [المصادر] في اتصالٍ مع "الأنباء"، أن، "المؤتمر الاقتصادي الذي تستضيفه المنامة، العاصمة البحرينية، لاستعراض الشق الاقتصادي من "صفقة القرن"، والتي تقول الإدارة الأميركية بأنها تتضمن خطة متكاملة للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بات حاجةً إعلامية أميركية، أكثر منه مؤتمراً لإنجاح مسارات عميقة لاستنهاض الاقتصاد الفلسطيني، أو مسارات حلّ القضية الأكثر تشابكاً وتعقيداً في العصر الحديث، والتي تجاوز عمرها المئة عام".
 
ورأت المصادر، أن الإدارة الأميركية بفعل الواقع الراهن وجدت نفسها أمام خيارين:
•    إما تأجيل الإعلان عن ما يتعلق بصفقة القرن إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية، أي في الخريف المقبل، لتبدو بأنها تراجعت أمام الرفض الفلسطيني، والفشل الإسرائيلي.
•    أو أن تتابع سلوكها الدعائي، والمرتبط بالحملة الانتخابية لولاية ترامب الثانية، وبالتالي يصبح لمؤتمر البحرين وظائف انتخابية، أكثر منه وظائف دعم المسار السلمي لحل القضية الفلسطينية.

وهذا ما يبدو عليه المشهد العام عشية انعقاد المؤتمر، بحيث تصب تصريحات صهر الرئيس الأميركي، جاريد كوشنير، في سياق تصريحات انتخابية ترويجية لرؤية ترامب السلمية، وخاصةً بعد أن بدا ترامب بتراجعه عن ضرب ايران، حريصاً على أمن واستقرار المنطقة.
وعن المشاركة العربية في مؤتمر البحرين قالت المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن اسمها، "لا ينبغي البناء على المشاركة العربية في هذا المؤتمر على أنها نهاية المطاف، بل باعتبارها استهلاكاً للوقت، ولا سيّما من قبل الدول العربية ذات الصلة القوية بالإدارة الاميركة الراهنة التي تحاول التركيز على الخطر الإيراني المتصاعد في الخليج العربي".
 
وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تدلي للمرة الأولى بتفاصيل عن هذه الخطة التي لا تعتمد حلّ الدولتين، أعلنت أن المبادرة ستحاول إصلاح الاقتصاد الفلسطيني، وربطه بجيرانه، وذلك بهدف اجتذاب استثمارات دولية هائلة. ويرى البيت الأبيض أن هذه الخطة التي سوف يتمّ بحثها تفصيلاً في البحرين مع مسؤولين ماليين من دولٍ متعددة، فرصةً لعرض هذه الخطة التي ستتضمن لاحقاً جانباً سياسياً، بحسب مسؤولين. وقال البيت الأبيض إن، "الخطة تُعدّ الأكثر طموحاً، والأكثر شمولاً، بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني حتى الآن". ويمكنها أن تحوّل الضفة الغربية وغزة بشكل جذري، وتفتح فصلاً جديداً في التاريخ الفلسطيني"، وكشفت وثائق أميركية أن الخطة التي تقع في 40 صفحة، تشمل 179 مشروعاً للبنية الأساسية وقطاع الأعمال، سيتم تمويلها بدعمٍ عربي، وبصندوق استثماري خاص. 
في هذا السياق التنفيذي، وفي اللحظة الاشتباكية الراهنة، ترى المصادر بأن، "الدول العربية غير قادرة، ولا تريد فتح معركة مع الإدارة الأميركية الحالية من أجل صفقة القرن، لذلك هي تنتهج سياسة مزدوجة الخطوات: تساير الإدارة الأميركية في خطوتها العملانية الإجرائية من خلال مشاركة غير فاعلة في مؤتمر البحرين (مستوى الصف الرابع – نائب وزير وما دون). [ومن جهةٍ أخرى تحرص على] التمسّك بالموقف السياسي الرسمي العربي، وذلك من خلال الإدلاء بتصريحات سياسية تؤكّد التزامها مقررات قمة الدول العربية حول فلسطين - إعلان تونس – وما تضمنه من دعمٍ للموقف الفلسطيني، وخيار حل الدولتين، وهذا ما أعلنته أيضاً مملكة البحرين نفسها".
 
ولطالما أن "صفقة القرن" أصبحت عنواناً تنفيذياً لخطة تراكمية متغيرة، أكثر منها  تسوية شاملة واضحة العناصر، وحيث لا يوجد إجماع داخل الإدارة الأميركية على تلك السياسات، فإن الموقف العربي يترقب تلك التناقضات، ولم يُنتج أي سياسات رسمية جديدة، خاصةً وأن إسرائيل والإدارة الأميركية تعملان، وبشكلٍ متناغم، على ضمّ الخطوة الميدانية التي تريد تنفيذها على أرض الواقع، لتصبح جزأً من صفقة القرن.
وهنا تكمن مخاطر السياسات التنفيذية الجديدة الإسرائيلية – الأميركية، التي تتراكم ميدانياً لصالح إسرائيل، وتقضم الأراضي، والمساحات الخضراء، على حساب الجانب الفلسطيني دون أي مقابل.
هذه السياسات التي تشكل الخطر الأكبر على الحالة الفلسطينية، وكونها تتناقض ومبادئ التسوية السلمية التي قامت على معادلة (الأرض مقابل السلام)، تتطلب، وفق المصادر، "إنتاج سياسة عربية جديدة تغادر "الإعلان عن دعم الخيار الفلسطيني"، الى الدخول في "إجراءات تنفيذية عملانية مضادة". 
 
فالمسألة هنا تطرح السؤال أمام المواطن العربي، ماذا بعد إعلان تونس؟ وكيف يمكن ترجمة أولوية الموقف الفلسطيني إلى خيار حلّ الدولتين ضمن خطة تفصيلية.
فإذا كان إعلان تونس يشكّل أولوية الإجندة السياسية العربية، فإنه، يحتاج إلى "إعلانٍ تنفيذي"، يصوّب البوصلة العربية نحو الاتّجاه الفلسطيني بالمعنى الميداني التفصيلي، وبالتالي إنتاج آلياتٍ عملانية مؤسّساتية، تستجيب لحركة المواجهة المباشرة في القدس، والضفة الغربية، وقطاع غزة، وعلى المستوى الدبلوماسي الدولي.