"أوضح خطاب" و"أدق توصيف" ... هل فهم المعنيون رسائل جنبلاط؟

09 أيلول 2023 15:58:20

كلماتٌ قليلة قالها الرئيس وليد جنبلاط في حضور البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في المختارة، إلّا أنّها حملت أكثر من رسالة عميقة لمن يهمه الأمر من الفرقاء الداخليين والخارجيين، حيث أشار إلى مكامن الخلل في التعاطي مع الأزمة، ومسؤولية كل فريق في إستمرار الوضع الخطير في لبنان!

كيف يمكن قراءة كلام جنبلاط ومن استهدف في بعض سهامه؟

يشير الصحافي داوود رمال إلى أنّ "البعض وضع خطاب وليد جنبلاط بالأمس، في إطار الرسائل النارية، في حين أن البعض الآخر وضعه بإطار الرسائل بكافة الإتجاهات، وحتى أن هناك من ذهب إلى القول بأنه أعاد مسك القرار على مستوى الحزب والكتلة". لكن رمال اختصر قراءته بالقول إنه "خطاب من أوضح الخطابات، حيث وصف المشهد السياسي الداخلي على حقيقته ومن دون أي مواربة من خلال ربطه بالتدخلات الخارجية، وذلك عندما تناول مسألة كبير مستشاري الطاقة في البيت الأبيض آموس هوكشتاين ووزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وربط الترسيم البحري بترسيم ما سماه ترسيم حقل بعبدا".

وهنا يرى رمال خلال حديثٍ مع جريدة "الأنباء" الإلكترونية، أنه "لم يسبق أحد جنبلاط على "توصيف حقل بعبدا"، وما يختزن حقل بعبدا من أزمات ومشاكل يدفع ثمنها المكون المسيحي وكل لبنان"، هذا التوصيف هو "من أدق التوصيفات"، يتابع رمال، "ذلك لأن الأزمات المتماثلة في لبنان مصدرها خارجي، ولأن تمحور البعض خارجيًا يحوّل الساحة اللبنانية إلى ساحة لشد الحبال لا بل إلى ساحة لتصفية الحسابات".

ويردف قائلًا "لا يُخفى على أحد أن من يمسك بالقرار الرئاسي والحكومي، وحتى بأي قرار له علاقة بإستحقاقات أساسية مصيرية في لبنان هما الولايات المتحدة الأميركية التي تقود محورًا معينًا، وإيران التي تقود محورًا معينًا أيضًا".

إلا أنّ رمال يضيئ على النقطة الأهم في كلام جنبلاط، وهي "تحميل الأحزاب المسيحية مسؤولية ما يصيب الموقع الرئاسي من ضعف ووهن من خلال وضع شروط ومواصفات لمن يجب أن يشغل هذا الموقع الرئاسي، فالجميع يعلم أنه وفق الدستور وتحديدًا دستور الطائف، فإن القيادة في لبنان لم تعد قيادة أحادية، أي لم تعد قيادة رئيس الجمهورية لكي تجهد القوى السياسية نفسها في إختيار الشخصية القادرة على هذه القيادة الآحادية". ويتابع "بعد الطائف القيادة أصبحت قيادة جماعية والمسؤولية مشتركة وصياغة القرار الوطني هي صياغة إجماعية تشاركية".
بالتالي يعتبر رمال أن "وضع مواصفات على من يريد أن يشغل موقع رئاسة الجمهورية هو بمثابة إضعاف هذا الموقع ومَن سيشغله أكثر".

لذا يرى أنّ "رئيس الجمهورية والذي يفترض أن يُنتخب قبل شهرين من إنتهاء ولاية الرئيس السابق، يكفيه أن يكون منزهًا ومجردًا من أي غايات شخصية وأن يعمل بمنطق الدستور الذي أعطاه أهم صلاحية لم يعطها رئيس من قبله عندما جعله هو الحكم، فعندما يتحول رئيس الجمهورية في لبنان إلى حكم يعني بإستطاعته أن يمون على جميع القوى والمكونات اللبنانية، إنطلاقًا من موقعه الحكمي وبالتالي يصبح موقع إحترام وجذب لكل هذه القوى التي تجد في الموقع مرجعًا لحل كافة الخلافات والمشاكل".

ويختم رمال حديثه، بخلاصة أنّ "كلام جنبلاط في المختارة بالأمس مختصر جدًا، ولكن من يريد شرحه يحتاج إلى صفحات، فبين ترسيم الحدود البحرية ومحاولة ترسيم الحدود البرية وترسيم حقل بعبدا هناك الكثير الكثير من المعطيات التي خزنها وليد جنبلاط في هذه العبارات القليلة".    

ولكن السؤال في الختام يبقى، هل قرأ من قصدهم جنبلاط في كلامه  ليتفكروا في كيفية مقاربة الأزمة من منظار جديد ليتحمّلوا مسؤولية إنقاذ أو إغراقه!