لقد ساهمت الاتّفاقية التي تمّ توقيعها للمرّة الأولى في الأول من تموز من العام 2021 بين كل من لبنان والعراق في إعطاء دفع ولو بسيط لأزمة الكهرباء المستفحلة. تقضي هذه الاتفاقية بتزويد لبنان ببعض احتياجاته من زيت الوقود والنفط الخام مقابل التزام الدولة اللبنانية بتأمين السلع والخدمات الطبية والتعليمية والتجارية المختلفة للعراقيين المتواجدين في لبنان بما يعادل قيمة العقد الموقّع. بدأ تنفيذ الاتفاقية المذكورة العام الماضي، وفي شهر تشرين الثاني 2022 أتت الموافقة العراقية على تمديد هذه الاتفاقية لمدّة سنة جديدة مع زيادة الكمية من 80 ألف طن الى 160 ألف طن بحسب بيانات وزارة الطاقة والمياه. واليوم يتمّ طرح التجديد مرّة أخرى كما ورد في الدعوة التي تمّت إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء اليوم الخميس 7 أيلول 2023 والتي وضع على جدول أعمالها «طلب وزارة الطاقة والمياه الموافقة على تجديد مضمون الاتفاقية بين الطرفين العراقي واللبناني لتجهيز لبنان بكمية أخرى من مادة النفط الأسود بمقدار 1.5 مليون طن متري، وفقاً للآلية المعمول بها سابقاً والتي ستتمّ مبادلتها بمادتي الغاز أويل و/أو الفيول أويل بنوعيه (A) و(B) لصالح مؤسسة كهرباء لبنان».
الكميات التي تشملها الإتفاقية
بحسب مصادر وزارة الطاقة والمياه، تشمل اتّفاقية التوريد نوعين من المشتقات النفطيّة بحيث يصل مجموع حجمها الإجمالي إلى 3.5 ملايين طن سنوياً: «مقسّمة إلى مليون ونصف طن من زيت الوقود (Fuel Oil) ومليوني طن من النفط الخام (Crude Oil). تقوم وزارة الطاقة باستبدالها بحسب المواصفات المطلوبة من مؤسسة كهرباء لبنان (بما يناسب مواصفات تشغيل معامل إنتاج الكهرباء في لبنان)، وذلك ضمن آلية تنافسية شفّافة ووفق شروط ميسّرة تتضمّن آلية دفع مؤجل لستة أشهر من تاريخ الاستلام من دون ترتيب أي فوائد مالية وبسعر يراعي الأسعار العالمية التنافسية». مع الإشارة إلى أن محطات الإنتاج في لبنان تعمل على الغاز أويل والفيول.
كم ساعة كهرباء؟
لقد ساهم الفيول العراقي في زيادة ساعات التغذية الإجمالية بالتيار الكهربائي، وذلك بعدما كان التقنين يصل إلى 22 ساعة في اليوم. واليوم وبعد الإشكال الذي حصل حول باخرة الفيول، تمّ التأكيد بحسب ما صرّح وزير الطاقة والمياه أن اتفاقية الفيول العراقي لا تؤمّن سوى 500 ميغاواط أي حوالي 4 ساعات تغذية كحد أقصى. وأضاف فياض «أن المخزون المتوفّر يكفي فقط لهذا الشهر والشهر المقبل بمعدل 4 إلى 5 ساعات يومياً، وإنما بحلول شهر تشرين الأول، وإذا لم يتمّ استقدام بواخر جديدة فهناك احتمال لتخفيض ساعات التغذية، فبغياب هذه الكمية يصبح المخزون في دائرة الخطر». لذلك فالحاجة إلى تأمين زيادة مستدامة في التغذية بالتيار الكهربائي تحتّم شراء كميات كبرى من الفيول، فالكميات التي تشملها اتّفاقية الفيول العراقي لا تكفي وحدها.
جدل الباخرة
بعد الجدل الذي أخذه موضوع باخرة الفيول المخصّصة لكهرباء لبنان، أضحت أدنى حقوق العيش الكريم في لبنان أسيرة المناكفات السياسية والمزايدات الإعلامية، وذلك بعد حملة البيانات والبيانات المضادة والسجال الإعلامي الذي دار بين رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الطاقة. فبعد استقدام باخرة فيول بهدف تأمين ساعات تغذية إضافية بالتيار الكهربائي وفي ضوء عدم استحصال وزير الطاقة على موافقة صريحة ومسبقة على شراء الغاز والفيول أويل من اللجنة الوزارية الخاصة بقطاع الكهرباء، أتى قرار إلغاء العقد المبرم مع شركة «كورال إنيرجي» (Coral Energy DMCC) وردّ الباخرة التي كانت راسية في البحر اللبناني.
فيّاض يؤكّد
بحسب تصريح وزير الطاقة وليد فيّاض، تمّ التأكيد على أن «مجلس الوزراء ومن خلال موافقته على الخطة الوطنية للنهوض المستدام بقطاع الكهرباء وافق على خطة الطوارئ التي أقرّ تمويلها بسلفة خزينة حدّدت بمبلغ 300 مليون دولار. وعلى هذا الأساس قامت وزارة الطاقة والمياه بإجراء مناقصة تمّت بموافقة هيئة الشراء العام طُلب بموجبها شحنتا غاز أويل بكميّة 66 ألف طن لزيادة ساعات التغذية باعتبار أن اتفاقية الفيول العراقي لا تؤمّن سوى 500 ميغاواط أي حوالي 4 ساعات تغذية كحد أقصى، مطالبة بتأمين الاعتمادات اللازمة لذلك من مصرف لبنان».
موقف اللجنة ورئاسة مجلس الوزراء
وفي كتاب وجّهه رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي إلى وزير الطاقة والمياه وليد فيّاض بتاريخ 31 آب الماضي، أكّد «أن اللجنة وباجتماعها يوم 21/8/2023، لم توافق على المضيّ قدماً بعملية الشراء وبالتالي فإن وزير الطاقة طلب استقدام الباخرة ووقّع العقد من دون موافقة اللجنة الصريحة والمسبقة. لذلك فإنّ العدول عن طلب الباخرة يضحي الحلّ المناسب للموقف الراهن الناتج عن الخطأ المرتكب ويقتضي السير به، خاصة بعدما أكّد كلّ من مصرف لبنان ووزارة المالية تعذّر فتح الاعتمادات المطلوبة حالياً».
أزمة أخرى في الأفق
في هذا الإطار أكّد المكتب الإعلامي لوزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فيّاض في بيان أصدره أمس الأول الثلثاء تمسّك الوزير بباخرة الفيول واستعداده لإجراء مناقصة جديدة. كما شدّد على أن «إعادة الباخرة جاء بطلب من رئيس اللجنة أي رئيس الحكومة خلال اتصال هاتفي بتاريخ 30 آب المنصرم أكد خلاله عدم القدرة على فتح اعتماد مصرفي بالدولار الأميركي لتغطية ثمن شحنة الفيول لزوم معامل الكهرباء لا اليوم ولا غداً. عندئذ، قام الوزير فيّاض بمراسلة اللجنة وأمّن إلغاء عقد الشراء مع شركة (Coral Energy DMCC) من دون أن يرتّب ذلك أي كلفة على الدولة، وأعيدت الباخرة مع العلم أنه لو تمّ السير بالشراء لنتج من ذلك وفر بحدود مليوني دولار للشحنتين كفرق أسعار».
توضيح من كورال
مع الإشارة إلى أن شركة «ذي كورال أويل كومباني ليمتد» أوضحت في بيان لها «أنها غير معنيّة بما يتمّ تداوله في بعض وسائل الإعلام عن شحنة الفيول الأخيرة التي كانت قيد الاستيراد لصالح مؤسسة كهرباء لبنان التي تمّ إلغاؤها. إذ لفتت إلى أن الشركة المعنيّة بالشحنة قيد التداول الإعلامي هي شركة (Coral Energy DMCC) المسجّلة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ونفت أي علاقة مباشرة أو غير مباشرة بينها وبين الشركة المذكورة في موضوع شحنة الفيول هذه أو أي شحنة فيول أخرى لا سابقاً ولا حاضراً».