استذكار التاريخ للعبرة لا للفتنة
04 سبتمبر 2023
07:10
آخر تحديث:04 سبتمبر 202308:04
Article Content
العاقل والحريص على التضحيات وعلى دماء الشهداء، هو ذلك الذي يتعلّم من تجارب التاريخ، خصوصاً تلك التي كانت مؤلمة ومدمّرة.
العاقل والحريص هو الذي يستذكر التاريخ بأخطائه لكي يتفادى الوقوع بمثلها، ويردد إنجازاته لحفظها ولتكرارها. وفي كل ذلك يبقى الهدف الأساس صياغة مفاهيم تعالج الأسباب التي أدت إلى الأزمات والحروب التي كانت قاسية على لبنان، وما زال يدفع ثمنها لغاية اليوم في بعض وجوه أزماته الحالية.
أما استذكار الماضي بلغة نبش المآسي وإثارة النعرات، فهذا لا يمتّ إلى الحرص بصلة، وليس في ذلك حفظٌ للذاكرة، بل هو محاولة جديدة لتدمير ما تم إنجازه في المصالحة التاريخية التي عقدها الرئيس وليد جنبلاط والكاردينال مار نصرالله بطرس صفير.
اليوم على أعتاب الزيارة التي يقوم بها غبطة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الى الجبل، ثمّة من ينشط في التذكير بمآسي الحرب والاقتتال، في مسعى مشبوه، لكنه مكشوف الأهداف، إذ إن الزيارة تأتي في سياق نهجٍ واضح راسخ، اعتمده الرئيس وليد جنبلاط ويسير عليه الحزب التقدمي الإشتراكي، ويتمسك به عند كل محطة مفصلية، وهو نهج الوحدة الوطنية والمصالحة، ونهج الحوار الهادف والتسوية. وبذلك فقط تتم معالجة أزماتنا ومشاكلنا، ونحفظ تراثنا وتاريخنا ونصون تضحياتنا ونمنع تكرار المآسي.
بعض أصوات النشاز المشبوهة، في مواقع التواصل أو في غيرها، تتلطى بعناوين خادعة، كحفظ التاريخ، لكنها لن تنجح في التشويش على زيارة البطريرك الراعي، وستفشل في محاولة بث طروحات قديمة - جديدة تدعو إلى التقسيم تحت عناوين ومسميّات متعددة، وهي حتما لن تنجح في محاولة ضرب المصالحة.
لقد جرّب اللبنانيون طوال العقود الماضية كل شيء، واختلفوا على كل شيء. آن الأوان أن يتعلم الجميع أن الوطن، والمجتمع، لا يبنى ولا يتطور بغير الحوار، ولا يقوى إلا بالتعلم من أخطاء الماضي والنظر نحو المستقبل برؤية حديثة متجددة.