حرب فياض - ميقاتي، أو كما وصفها مراقبون عبر الأنباء "مسرحية الحكومة"، تحمل البلد إلى عتمة شاملة وإلى انهيار إضافي في قطاع الطاقة في لبنان، ففي ظل إدارة أثبتت فشلها بالأرقام والنتائج لا يُتوقّع أي تحسّن أو تطوير في هذا القطاع، بالرغم من وجود قوانين واضحة تنظّم وتدير مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة إلا أنه يبدو أن القيّمين عليها يستفيدون من هذا الإنهيار الحاصل!
مسؤول الملف الاقتصادي في الحزب التقدمي الاشتراكي عضو مجلس القيادة محمد بصبوص اعتبر في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية أنه "أولا وبشكل بعيد كل البعد عن السياسة كل الذي يحصل على مستوى مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة بالمرحلة الأخيرة ما هو إلا امتداد للسياسات التي اتبعوها في الفترة السابقة، وتحديدا منذ عام 2008 حتى تاريخ اليوم ولم يتغير أي شيء في إدارة هذا القطاع، وكل ما يعاني منه اللبنانيون من أزمات في قطاع الطاقة والكهرباء خصوصاً، هي نتيجة السياسات المتراكمة والذي حصل تحديدا في المرحلة الأخيرة وخاصة بعد رفع التعرفة من قبل مؤسسة كهرباء لبنان تم بشكل مخالف لأبسط القواعد العلمية والتقنية. هذه من ناحية، لأن كل الجهات المانحة وتحديدا البنك الدولي كان قد طلب من وزارة الطاقة عدم البت برفع التعرفة قبل تخفيض الهدر التقني وغير التقني الذي قدّروه ب 40% لأدنى مستوياته ومن ثم يعود التفكير في عملية زيادة التعرفة، ومع وصول الوزير وليد فياض ذهبت الأمور باتجاه معاكس تماماً فقد قاموا بزيادة التعرفة، والعمل الذي قاموا به في هذا القطاع أثبتت نتائجه أنه قد فشل".
واستطرد بصبوص قائلاً "بتصريح لفياض منذ أشهر قليلة قال بأنه في حال تمت زيادة التعرفة بالشكل الذي يريدونه سوف يكون هنالك توازن مالي ما في مؤسسة كهرباء لبنان، وبالتالي لن يكون هناك حاجة إلى أي دعم إن كان من قبل مصرف لبنان أو من قبل الحكومة، وهذا ما نرى عكسه تماماً اليوم ونكتشف أن الحسابات والكلام لم يكن دقيقاً وهذا بحد ذاته ما يحصل أيضا في ملف الفيول اليوم".
أما عن الهدر في الوزارة، فأشار بصبوص إلى أن مؤسسة كهرباء لبنان أعلنت أنها قد حصّلت 58 مليون دولار تحديداً خلال فترة خمسة أشهر هذا يدل على أن هناك نسبة هدر ونسبة عدم جباية تتخطى 85% لأن هذا الرقم في حد ذاته، وخاصة بالأرقام التي صدرت تحديدا عن مؤسسة كهرباء لبنان في مؤتمر صحافي، وباحتسام عدد المشتركين وقدرة الإنتاج، فإن هذا الرقم يجب أن يكون أكبر بكثير وهذه هي المشكلة الاساسية. وبالرغم من زيادة التعرفة لا زلنا نتخبط في نفس المشاكل وتجلياتها تظهر في أزمة اليوم وقد بات موضوع زيادة التعرفة "شمّاعة" لتمرير الفشل كما كان يحصل سابقاً، والوزير يريد الآن من مصرف لبنان حوالي 38 أو 39 مليون دولار لكي يستطيع أن يدفع للبواخر علما أنه وفي جلسة اللجنة الوزارية الأخيرة التي حصلت أقر أنه كان مخطئاً في متابعة موضوع بواخر الفيول gas oil. كل هذه السياسات تزيد من الأعباء على كاهل المواطن وتزيد التأكيد بأن إدارة هذا القطاع خاطئة".
ومن ضمن الفضائح والمخافات الحاصلة في هذا القطاع لفت بصبوص إلى أنه "أعلن البارحة كمال حايك مدير عام مؤسسة كهرباء لبنان انه استحصل في هذه الفترة من الجباية حوالي 4314 مليار ليرة عن شهري تشرين الثاني وكانون الأول من سنة 2022 والتي كانت على أساس سعر صيرفة والذي كان بتلك الفترة 43,600 ألف، إذ إن المخالفة الكبيرة التي قاموا بها والذين يقومون باجبار الناس على دفعها هي جمع فاتورة شهرين بفاتورة واحدة، خصوصاً وأنه حسب التعرفة الجديدة، بغض النظر عن التحفظات الموجودة عليها، التعرفة الجديدة تقول إنه أول 100 كيلو وات يُحتسبوا على أساس 10 سنت للكيلو وات الواحد لحد أول 100 كيلو وات، من ثم كل شيء يزيد عن 100 كيلو وات يصبح على أساس 27 سنت بغض النظر عن الرسوم الثابة وهي رسم المقطوع والعداد. فمثلاً لو أتت فاتورة أحد الأشخاص في شهر تشرين الثاني بمصروف 300 كيلو وات وبشهر كانون الأول 400 كيلو وات وبعد جمع الفاتورتين يصبح المصروف 700 كيلو وات وبالتالي هم يحسبون أول 100 كيلو وات على 10 سنت وأصبحوا يحسبون 600 كيلو وات على 27 سنت بينما الواقع ليس كذلك".
واعتبر بصبوص أن "هذه مخالفة ليست عادية وهذا ما يجعل الناس تطلب إلغاء إشتراكات الكهرباء وهذا ما أعلن عنه الحايك في مؤتمره الصحافي مشيرا إلى أن طلبات الإلغاء وصلت إلى 17 ألف طلب في المناطق اللبنانية معتبرا أنها نسبة ضئيلة، ولكن في الحقيقة هذا العدد ليس بقليل خصوصا وأن طلبات الإلغاء هذه تأتي قبل رفع التعرفة واحتسابها على سعر صيرفة 85,500 بدلا عن 70,000 أي أن الأسعار ستزداد حوالي 20% وهذا يعني أنه عندمت ستصدر الفواتير الجديدة نحن متوجهين إلى الأسوأ حكما".
أيضا وأيضا فعدم الواقعية في الأرقام دفعت بصبوص إلى اعتبار أنه "بحسب الأرقام التي أدلى بها الحايك فإن مبلغ الجباية لا يصل إلى 4314 مليار إذ إنه إذا حسبنا الأرقام التي ذكرها لكل محافظة من الحافظات ستكون قيمة الجباية 1729 مليار باحتساب الشمال وعكار وبجبل لبنان الشمالي بلغت قيمة الجباية 740 مليار وببيروت 256 مليار وبعلبك وهرمل والبقاع 80 مليار وجبل لبنان الجنوبي 341 مليار والنبطية والجنوب 312 مليار فيكون المجموع 1729 مليار وبذلك لا يكون المجموع 4314 ولا ادري من أين أتى بهذا الرقم".
وختم بصبوص مؤكدا أن كل هذه المؤشرات التي ذكرناها سابقا تعني أن الإنهيار سيزداد "ومع عدم وجود أي مبرر لتأخير الفواتير، وكل المخالفات التي تقوم بها مؤسسة كهرباء لبنان تعني شيئاً واحداً وهو أن هذه السياسات مدروسة ومتعمدة من أجل زيادة إنهيار هذا القطاع وأخذه نحو الخصخصة لأنه من غير المعقول أن تكون كل هذه السياسات والخطوات التي تقوم بها المؤسسة غير مدركة لنتائج هذا العمل ولا لتأثيره السلبي والإنهيار الذي يودي إليه، وبالتالي فلا نتائج إيجابية متوقّعة من هذه الإدارة والمُنتظر هو المزيد من الإنهيار والهدر والخسارات وكل هذا يتكبّده المواطن".
بعد كل هذه الإرتكابات والإخفاقات التي ذكرت آنفا يبقى السؤال، إلى متى ستبقى إدارة هذا القطاع ضاربة عرض الحائط كل القوانين الناظمة والتي بامكانها تنظيم هذا القطاع وأهمها قانون 462، وإلى متى سنبقى بلا محاسبة للمرتكبين بالرغم من وجود أدلة دامغة حول الإرتكابات؟