تصاعدت حدّة التوتر في الآونة الأخيرة بين إسرائيل و"حزب الله" لأسباب عديدة مباشرة وغير مباشرة، وآخرها كان تهديد إسرائيل باغتيال القيادي في حركة "حماس" صالح العاروري المقيم في لبنان، وهي معلومات نقلها وفد استخباراتي عربي زار لبنان قبل أيام إلى "حماس".
في ضوء وصول الوفد الاستخباراتي للحؤول دون حدوث تصعيد بين إسرائيل و"حماس"، ألقى الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله خطاباً أوضح فيه أن "أي اغتيال تقوم به إسرائيل على الأراضي اللبنانية، لن نسكت عنه، ولا يغيّر في الأمر شيئاً إذا كان ضد لبناني، أو سوري، أو فلسطيني، أو إيراني، التابعية ليست مهمة، وسيكون له ردة فعل قوية، ولن نسكت عنه." ورفض نصر الله تغيير قواعد اللعبة، وأن يصبح لبنان ساحة للاغتيالات".
كما تطرّق نصر الله إلى كلام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل تتعرض لهجوم "إرهابي توجّهه وتموّله إيران"، فقال: "هو يريد اتهام إيران، ويخلق واقعاً، مفاده أن كل الوضع في الضفة الغربية هو مؤامرة إيرانية، وأن كل الفلسطينيين هم أداة في يد طهران. وهذا استخفاف بذكاء العالم وذكاء الإسرائيليين أنفسهم، فهم يدركون أن المقاومة في الضفة الغربية هي تعبير عن إرادة فلسطينية فقط".
وفي سياق متصل، التقى وزير الدفاع يوآف غالانت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، ولفت أمامه إلى ازدياد فرص التصعيد على الحدود الشمالية جرّاء الانتهاكات التي يقوم بها "حزب الله" لـ"السيادة الإسرائيلية". ومما قاله غالانت: "إيران تدفع حزب الله إلى القيام بعملية، وعلى الأمم المتحدة الحرص على بذل كل جهد والعمل بصورة مستقلة في الجنوب اللبناني"، وفق ما نقلت مؤسسة الدراسات الفلسطينية.
وخلال الاجتماع، بحث الرجلان في التهديدات التي "تقوّض" الاستقرار في الشرق الأوسط، وفي طليعتها نشاطات إيران ضد إسرائيل، بواسطة تمويل وتسليح "حزب الله" و"حماس" وتنظيمات أُخرى. واستعرض غالانت أمام الأمين العام للأمم المتحدة التدخلات الإيرانية المتصاعدة على الحدود مع لبنان وسوريا وأراضي الضفة الغربية، وشدد على ضرورة "صدور إدانة رسمية من الأمم المتحدة ضد مثل هذا النوع من الأعمال".
وتوقف وزير الدفاع أمام الحاجة الملحة إلى التدخل المباشر للأمم المتحدة في خفض التوترات، من خلال تعزيز حرية حركة قوات اليونيفيل في المنطقة، وتطبيق مهمتها على الحدود الشمالية. وعرض أمام غوتيريش انتشار مواقع لحزب الله على طول خط الحدود، وأوضح له أن "إسرائيل ستتحرك ضد أي انتهاك لسيادتها وأي تهديد لحياة مواطنيها".
ويأتي اجتماع غالانت وغوتيريش على خلفية التوترات المستمرّة على طول الحدود، ومع وجود خيمة لـ"حزب الله" داخل الأراضي المحتلة في منطقة مزارع شبعا.
وبدأ التصعيد على الحدود الشمالية خلال الأشهر الأخيرة، وفي تقدير للوضع نُشر قبل شهر، أشار باحثون في مركز علما لدراسة التحديات الأمنية في الشمال أنهم لاحظوا أسلوباً واضحاً لحزب الله في خلق احتكاك وتصعيد في المنطقة المتنازَع عليها على الخط الأزرق - وهو الخط الذي يفصل بين إسرائيل ولبنان، بحسب قرار الأمم المتحدة، وفق ما تنقل المؤسسة الفلسطينية نفسها.
وأشار مركز الأبحاث إلى وجود 13 نقطة مختلَف عليها في تلك المنطقة، يدّعي لبنان أن إسرائيل سيطرت عليها. بدأت الأحداث التي يعتبرها الباحثون في المعهد "قفزة في التوتر وتوجهاً مستمراً ومتصاعداً" في حزيران، مع الكشف عن توغُّل مقاتلين من حزب الله مزارع شبعا ونصبهم خيمتين تتواجد فيهما قوات مسلحة. لكن هناك مَن يقول إن بداية التصعيد كانت مع الـ 34 صاروخاً التي أُطلقت من لبنان على إسرائيل عشية عيد الفصح اليهودي، وكان هذا أكثر إطلاق للصواريخ كثافةً شهدته المنطقة منذ حرب لبنان الثانية في تموز 2006.
وفي الإطار، قال مسؤولون أمنيون إسرائيليون إن التصريحات المتبادلة التي يطلقها مسؤولون في إسرائيل ولبنان تساهم في التوتر عند الحدود بين الجانبين. واعتبروا خلال مداولات لتقييم الوضع عُقدت أخيرا في هيئات أمنية وسياسية، أن تصريحات قادة في لبنان وقطاع غزة وإيران تخدم مصالح داخلية، ولا تتلاءم بشكل دقيق مع الوضع الميداني، على ما نقلت عنهم صحيفة "هآرتس" اليوم الأربعاء.
وقال مسؤولون في الاستخبارات الإسرائيلية، في هذه المداولات، إن نصرالله ليس معنياً بالوصول إلى حرب مع إسرائيل، لكنه يحاول مواجهتها بمستوى أدنى، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة التوتر.
وبحسب تقديرات تعالت خلال المداولات، فإن نصر الله يرصد أن إسرائيل تواجه أزمة داخلية، ويدرك أنه بالإمكان تحديها بصورة موضعية، مثلما جرى لدى نصب خيمتين في مزارع شبعا والتي تعتبر إسرائيل أنها "تحت سيادتها".
وأشار المسؤولون الامنيون الى أن نصر الله امتنع عن تعزيز قوات حزب الله عند الحدود بشكل من شأنه أن يؤدي إلى حرب.