السويداء تُسقط ورقة التوت عن النظام... والأسد يُقيل ويُعيّن ضباطاً خوفا من الآتي

25 آب 2023 13:09:38 - آخر تحديث: 25 آب 2023 13:35:06

عادت الماكينة الإعلامية للنظام السوري لتشغيل اسطوانة "الخيانة والعمالة" تعليقاً على زخم المتظاهرين في السويداء الذي دخل حراكهم اليوم السادس على التوالي. دائرة النظام الاعلامية اعتبرت أن التظاهرات الحاشدة في السويداء نتاج "تنسيقيات لأجهزة مخابرات عملت في العام 2011، وعادت اليوم من الجنوب السوري مستغلة الواقع المالي" لتقوم، بحسب رواية النظام، بالتحريض عليه داخل ما أسماه إعلام الأسد "البيئة الحاضنة للدولة السورية". بإشارة واضحة إلى رمزية محافظة السويداء التي رفعت في حراكها الأخير الجامع الغطاء كلياً عن النظام السوري بعد أن توحَّد صفها تماماً وتلاقى بكل أطيافه على جملة من المطالب وموقف واحد عبر عنه رئيس مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ حكمت الهجري برفضه وساطة نظام الأسد للتهدئة على اعتبار أن المسألة لا تحتاج لوساطات أو اتصالات، مضيفاً رداً على محافظ السويداء بسام بارسيك، "لن نقبل أقل من مطالب الشارع المعروفة ولن يكون هناك تواصل مع أحد قبل تحقيقها".

 

تظاهرات السويداء سياسية.. "سوريا لنا وليست لآل الأسد"

مطالب أهالي السويداء محض سياسية أساسها أولاً تطبيق القرار الأممي رقم 2254 الذي ينص على الانتقال السياسي في سوريا كمخرج للحل. مطلب يُرفع كل يوم في الاحتجاجات. 

ويقول المحامي والناشط السياسي السوري عادل الهادي لجريدة "الأنباء" الالكترونية، "أصبح هناك قناعة راسخة أنه لا يمكن الوصول إلى حل اقتصادي في سوريا عبر هذه الحكومة لأن بشار الأسد بنفسه صرّح بعدم امتلاكه امكانيات لحل الأزمة الاقتصادية".

ويُضيف الهادي "السوريون باتوا على علم أن النظام باع ثروات البلاد للمحتل الإيراني أو الروسي وفي بعض الأوقات سداداً لديونه، لذلك أصبح من الواضح أن لا انتهاء لمشاكل السوريين الاقتصادية وتلك السياسية المرتبطة بكشف مصير المغيبين واطلاق صراح المعتقلين وعودة النازحين إلا عبر الانتقال السياسي الكامل من خلال هيئة حكم انتقالي وفق ما نص عليه القرار رقم 2254 ونصت عليه المبادرة العربية". 

كلام الناشط السياسي عادل الهادي المقيم في السويداء، يؤكده رئيس تحرير موقع السويداء 24 ريان معروف الذي وثق كل التظاهرات التي اجتاحت المحافظة بعشرات من مدنها. 

معروف بيَن الفرق بين احتجاجات اليوم والموجات السابقة في السنتين الماضيتين، معتبراً أن ما تشهده المحافظة الجنوبية اليوم استثنائي ويرتقي إلى درجة الانتفاضة، وذلك بحسب ما وثقه موقعه "السويداء 24". 

يقول معروف لـ"الأنباء": "سقف المطالب والشعارات في الاحتجاجات السابقة كان منخفضا ولكن لم يعد للناس خيارات اليوم". ويضيف: "الناس انتهت حرفيا، وما يحصل اليوم هو انتفاضة حرفية بكل ما للكلمة من معنى، وقد تطول الانتفاضة وقد تكون مؤقتة وقد يتعاطى معها النظام بطرق مختلفة، ولكن الأكيد أن السويداء لوحدها لا تستطيع اسقاط النظام دون أن ينتفض الشارع السوري بأكمله". 

مخاوف النظام تزداد من توسع رقعة الاحتجاجات

الواقع السياسي والاقتصادي في سوريا هو نفسه في كل مناطق سيطرة النظام. فشل الدولة في تأمين أبسط مقومات العيش الكريم وسيطرة الميليشيات المغطاة من الأجهزة الرسمية، وتنامي نفوذ "الشبيحة" أمر مشترك بين كل المحافظات، بحسب ما نقل الناشطين الذين حاورتهم "الأنبــاء". مع ذلك، إلا أن أبناء محافظة السويداء أكثر المتضررين من حواجز الفرقة الرابعة التي يقودها أخ بشار الأسد ماهر الأسد. فبحسب المحامي والناشط السياسي عادل الهادي، تقوم حواجز الفرقة الرابعة على طريق دمشق - السويداء بفرض جبايات مالية على أبناء السويداء ترهق كاهلهم، وكذلك يتعرض أبناء المحافظة لاسيما من الشباب والطلبة الجامعيين إلى مضايقات من قبل عناصر الحواجز الأمنية التي ينشرها النظام على الطريق. 

يخشى النظام السوري اليوم من توسع رقعة الاحتجاجات خارج محافظة السويداء. وهو بحسب المصادر المطلعة يمتنع على مضض عن اعتقال كل المتظاهرين إذ لا يقوى على فعل ذلك لأنه يدري أن رد الأهالي سيكون بإعتقال ضباط من عناصر المخابرات والجيش الموجودين في السويداء. فهذا هو واقع الحال منذ عامين مع تنامي التعديات على أبناء المحافظة التي اضطرت أن تواجه اعتقال أبنائها باعتقال ضباط وعناصر من المخابرات. 

تطالب السويداء اليوم من سكان الساحل السوري النزول إلى الشارع. ونداءات متكررة ورسائل واضحة تطلقها المحافظة لكل الشعب الرازح في مناطق النظام. وفعلا بدأت خيوط توسع الحراك تظهر إلى العلن في مدن خارج السويداء. وردود الفعل الرسمية على دعوات التظاهر في كل أنحاء البلاد اليوم الجمعة لإسقاط نظام الأسد، بانت إلى العلن مع تأجيل النظام السوري اطلاق الدروي السوري لكرة القدم الذي كان من المقرر اطلاقه اليوم الجمعة. وقد فسر ناشطون ذلك برغبة النظام بألا يكون هناك أي تجمعات في البلاد خوفا من تحولها إلى تظاهرات حاشدة. كذلك، وصل الخوف لدى النظام السوري من انتقال شعلة الانتفاضة من السويداء إلى غيرها، حد وصف المتظاهرين بالمرتزقة. فضلا عن قيام النظام خلال ال48 ساعة الأخيرة بتغييرات إدارية وتعيينات جديدة في المناطق الساحلية، أتت بوجوه أشد بطشا وعزما على تفكيك أي تظاهرة محتملة.

ومن إحدى الأمثلة البارزة على ذلك، إقالة بشار الأسد لمحافظ طرطوس عبد الحليم خليل يوم الأربعاء وتعيين مكانه العميد المتقاعد فراس أحمد الحامد الخاضع لعقوبات أوروبية بسبب تعذيبه لمعتقلين حينما شغل منصب رئيس فرع أمن الدولة في محافظة اللاذقية. وقد أتى هذا القرار بعد خروج أصوات معارضة من طرطوس تماشيا مع انتفاضة السويداء التي أكد أهلها على وطنيتهم ومركزية مطالبهم بوجه نظام الاستبداد الرافض للرأي الآخر والذي خلق مقاييس قمعية لم تكن موجودة لدى أي نظام آخر، على حد تعبير أحد ناشطي انتفاضة السويداء الذين حاورتهم "الأنباء".