Advertise here

الإنزلاق نحو الهاوية!

21 حزيران 2019 13:58:00 - آخر تحديث: 21 حزيران 2019 15:43:26

صحيحٌ أن البلد "غارقٌ حتى أذنيه" إذا صح التعبير، في الطائفية والمذهبية. وصحيحٌ أن كل أسس النظام السياسي ترتكز على المحاصصة القائمة على مراعاة حسابات الطوائف والمذاهب. وصحيحٌ أن الدستور يحفظ التوازنات الطائفية بمعزلٍ عن الحسابات الديموغرافية، وهذه مسألة في غاية الأهمية، ولكن الصحيح أيضا أن ثمة أطرافاً سياسية لا تتوانى عن إعادة بناء جدران الطائفية بين اللبنانيين بطريقةٍ أقل ما يقال فيها أنها مقيتة ومقززة.

فالخطاب السياسي الهابط من، "المسيحي الذي يخاف أن ينام في الجبل"، إلى المارونية السياسية التي سوف تُستعاد بعد القضاء على السنّية السياسية، الى قرارٍ بلدي يمنع أبناء البلدة من بيع أملاكهم الى أبناء الطوائف الأخرى، إلى العنصرية تجاه النازحين السوريين واللّاجئين الفلسطينيين، الى ما هناك من مواقف وسياسات وخطوات، وهي كلها تثير الريبة والشكوك حول الأهداف الحقيقية لهذا الفريق الذي يقود البلاد نحو المجهول.

إن الإصرار على التغاضي عن التوازنات الدقيقة التي أرساها اتفاق الطائف، والتبجّح بتعديله "بالممارسة"، وإعادة إحياء الخطاب "الحزبي" البذيء، واستحضار عبارات المارونية السياسية والسنّية السياسية، وفوق كل ذلك، توفير الغطاء السياسي لرئيس بلدية يخالف الدستور والقانون، ويمنع حق التصرف بالملكية، يعني إن في هذه السلوكيات والأدبيات مجتمعة شيء من الجنون السياسي تعكسه  قلة الخبرة والصبيانية التي تتحكم بأداء البعض.

ليس اللعب على حافة الهاوية مغامرةً ممتعة، بل إنها قد تكون مؤذية ومدمرة، كما أن التلاعب بالتوازنات السياسية في لبنان لطالما كان يماثل إضرام النيران في الغابات.

حذارِ من التمادي في هذه السياسات الهوجاء التي يظهر البعض ممن يعنيهم الأمر في لجمها، وكأنهم يعيشون في كوكب آخر. حسابات المصالح الخاصة، على ما يبدو، تفوق الحسابات الوطنية الكبرى.
ثمة كتاب بالإنكليزية للمؤلف والباحث الباكستاني الشهير أحمد رشيد، والذي صدر منذ سنوات وعنوانه: "الانحدار نحو الفوضى"، وهو يتحدث فيه عن واقع منطقة آسيا الوسطى، لا سيما أفغانستان وباكستان. ولعلنا نقتبس منه العنوان بتصرّف لنعدّله بالقول إن لبنان يعاني من حالة "الانزلاق نحو الهاوية"!

قليلٌ من الوعي قبل فوات الأوان!