تحذيرات الرعايا والرئاسة وعلاقة الرياض ببيروت... عسيري يكشف التفاصيل لـ"الأنباء"

15 آب 2023 15:34:52 - آخر تحديث: 15 آب 2023 19:05:17

يصف السفير السابق للمملكة العربية السعودية في لبنان الدكتور علي عواض عسيري، وبرأيه الشخصي بعيدًا عن الرأي الرسمي، الأزمة في لبنان بأنها "صناعة لبنانية بامتياز، ولذلك فمسؤوليتها تقع على عاتق من سبّبها حصرًا، وهم القادرون على إيجاد الحلول اللازمة لها".

ورغم ذلك يبدي عسيري إعتقاده أنه في الملف الرئاسي "ليس من حق أي طائفة فرض شخص لتولي رئاسة الجمهورية اللبنانية، لأن الرئيس هو رئيس كل اللبنانيين، والمطلوب أنْ تعجل القوى السياسية اللبنانية ممثلة بمجلس النواب بالتوافق على مرشح مقبول من الجميع ولا يشكل تحديًا لأحد، وبالتالي إختيار رئيس حكومة من خارج الأحزاب، وتشكيل حكومة مطعّمة باختصاصيين".

كلام السفير عسيري جاء خلال حوار مع جريدة "الأنباء" الإلكترونية، حيث شرح الأزمة اللبنانية والعلاقات اللبنانية السعودية ورؤيته للحلول في لبنان.

 

فيما يلي نص الحوار كاملًا:
 

س: كيف تصف العلاقات اللبنانية السعودية، وكيف ترى مستبقل هذه العلاقة بين السعودية واللبنانيين؟
ج: العلاقات السعودية اللبنانية علاقات تاريخية مميزة تجاوزت الأطر الدبلوماسية التقليدية لتطغى عليها الجوانب الإنسانية والإجتماعية، لذلك فالمملكة ليس من طبعها أن تتخلى عن الشعب اللبناني الشقيق، اذ يعيش في المملكة مئات آلاف اللبنانيون ويشعرون أنهم بين أهلهم وذويهم، ومواقف المملكة مشرفة مع الشعب اللبناني في أحلك الظروف كما حصل في حرب تموز 2006 حينما أمر خادم الحرمين الشريفين آنذاك الملك عبدالله رحمه الله بمساعدات مالية وعينية للبنان للمساهمة في إعادة بناء بعض القرى والمدارس والجسور التي تهدمت إثر الحرب؛ هذه المساعدات هي خير تعبير عن إلتزام المملكة العربية السعودية تجاه الأشقاء اللبنانيين بكل طوائفهم وإنتماءاتهم.
 

س: هل من الممكن أن يطرأ أي تغيير بالموقف السعودي في الملف الرئاسي؟ 
ج: بالنسبة للأزمة اللبنانية، فهي صناعة لبنانية بإمتياز ولذلك فمسؤليتها تقع على عاتق من سببها حصرًا، وهم القادرون على إيجاد الحلول اللازمة لها والسعي عاجلًا إلى إنهاء الإنسداد السياسي والشحن الطائفي والمناكفات والإصطفافات السياسية والعمل على إيجاد آلية أفضل مما سبقها عنوانها إنقاذ الوطن والمواطن، والمأمول من الذين يخوضون غمار المكايدة التي تسببت بكثير من الضرر للمواطن اللبناني أنْ يتأملوا في ما يعانيه كل مواطن لبناني في حياته اليومية.

س: هل فعلًا نأت المملكة العربية السعودية بنفسها عن الأزمة اللبنانية رغم أنها هي عضو باللقاء الخماسي؟ 
ج: المملكة رعت إتفاق الطائف الذي وافقت عليه كل القوى السياسية اللبنانية والذي أصبح مظلة آمان للبنان واللبنانيون، ولو تم تنفيذ بنوده لما وصل لبنان إلى ما وصل إليه اليوم، والمطلوب هو الإلتزام بتنفيذ إتفاق  الطائف، وكما ذكرت عن مشاركة المملكة في اللجنة الخماسية فقد كانت المملكة ولازالت عضوا فعالا في اللجنة الخماسية وعبّرت عن أهمية أن يقوم مجلس النواب اللبناني بمسؤوليته بإنتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وأن يكون الرئيس صنع في لبنان.

س: صدرت مؤخرا بيانات من قبل السفارات الخليجية حثت فيها رعاياها على مغادرة لبنان، إلى ماذا إستندت هذه التحذيرات؟ إلى معطيات أمنية؟ أم أنها تأتي في إطار الضغط على الدولة اللبنانية في الملف الرئاسي كما يروج؟
ج: بالنسبة لما صدر من تحذير للمواطنين السعوديين وحثهم على مغادرة لبنان، فالجميع يعلم مدى حرص خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وما يوليانه من حرص وأهمية بالغه برعاية وسلامة المواطن السعودي داخل المملكة وخارجها، وما حصل من مستجدات في مخيم عين الحلوة الفلسطيني مؤخرًا وإختطاف المواطن السعودي الذي كان يعمل في الخطوط السعودية لخدمة المسافرين اللبنانيين وغيرهم، والذي أنقذته مخابرات الجيش مشكورة، تلك أحداث تدعو إلى القلق، ولذلك إتخذت قيادتنا الكريمة القرار المناسب حرصًا على سلامة المواطن السعودي، وهذا لا يعني أن المملكة تخلت عن لبنان، فهناك سفير قدير ويتواصل مع كل القوى السياسية وسفارة فعالة تقدم خدمات التأشيرات لإخواننا اللبنانيين بمختلف أنواعها الحج والعمرة والزيارات العائلية والتأشيرات التجارية وغيرها.

س: لاحظنا أن هناك محاولة سعودية للم الشمل السنّي في لبنان، كيف ترى ذلك؟ 
ج: حكومة المملكة تتمنى دائمًا أن يكون هناك لحمة وطنية وتوافق لبناني لبناني لإنقاذ لبنان ومن ضمنهم الطائفة السنية، ولم شمل السنة يقع على عاتق القيادات السنية المنتخبة.
 

س: من خلال خبرتك الطويلة بالعمل الدبلوماسي، هل تعتقد أن الحل لملف إنتخاب رئيس في لبنان سيكون داخليًا أم خارجيًا؟ 
ج: في ما يتعلق بإنتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، فإنني لا أرى كمراقب ومحب للبنان أنه ليس من حق أي طائفة فرض شخص لتولي رئاسة الجمهورية اللبنانية، لأن الرئيس هو رئيس كل اللبنانيين، والمطلوب أن تستعجل القوى السياسية اللبنانية ممثلة بمجلس النواب بالتوافق على مرشح مقبول من الجميع ولا يشكل تحديًا لأحد وأن يكون على مسافة واحدة من كل القوى السياسية، وأن يكون أيضًا مقبولا في الخارج، آملًا أن نرى رئيساً بجهود لبنانية لبنانية بامتياز، والتوقف عن الإعتماد على الخارج كما حدث في الماضي بإختيار 13 رئيسا من الخارج، ويُستحسن أن يتزامن مع إنتخاب رئيس للجمهورية إختيار رئيس حكومة لا ينتمي لأي حزب سياسي، والتمكن من تشكيل حكومة مطعمة بإختصاصيين مشهود لهم بالمهنية المميزة ويكون همّ الحكومة الأول والأخير هو إنقاذ لبنان العزيز.