الإسراف في شرب الماء يقتل أحياناً!

12 آب 2023 07:29:57

قد يستهجن البعض ان شرب الماء بكثرة في وقت قصير يؤدي الى فقدان توازن المعادن والاملاح في الجسم أي الكهارل "الالكتروليتات"، واي زعزعة في استقرار هذه العناصر قد يخفض الصوديوم في الدم الذي يساعد في الحفاظ على ضغط الدم وهي وظيفة حيوية تضمن عمل الاعصاب والعضلات وانسجة الجسم بشكل صحي.

وفرط السوائل، أو الإفراط في الماء، او (Water intoxication) هو اضطراب قاتل محتمل في وظائف المخ ينتج عندما يتم دفع التوازن الطبيعي للكهارل في الجسم إلى خارج الحدود الآمنة بسبب الإفراط في تناول الماء.

والتسمم المائي وفقا لهيئة الصحة العامة، يحصل عند تناول 12 الى 16 كوبا من الماء خلال مدة قصيرة جدا من الزمن، وهذا الامر يعتبر نادر الحدوث. ويمكن ان ينتج أيضا من حالة تسمى "العطاش النفسي المنشأ"، التي يشعر خلالها المصاب بالظمأ الشديد والاحتياج لشرب كميات فائضة من الماء على الرغم من ان جسمه لا يريد السوائل من الجهة الفسيولوجية، وتصيب هذه الحالة في الغالب الأشخاص المصابين بالفصام.

وبحسب موقع ABC NEWS، فان التسمم المائي كناية عن ثغرة تحدث في وظيفة الدماغ بسبب ارتشاف الكثير من الماء ويؤدي القيام بذلك الى مضاعفة مقدار السوائل في الدم، والذي يمكن ان يقلل من مستوى الكهارل "الالكتروليتات". هذه الاملاح تساعد على تنظيم كمية الماء التي توجد في الخلايا وحولها. اما في ما يخص نقص صوديوم الدم، فإن واحدا أو اثنين من العوامل تتراوح بين حالة طبية كامنة، أو تناوُل الكثير من الماء يتسبب بتقليص المعدل الطبيعي لهذه المادة داخل الجسم. عندما يحدث ذلك، ترتفع نسبة الماء في الجسم، وتبدأ الخلايا في الانتفاخ وانتقال السوائل من الخارج الى داخل الدماغ، مما يؤدي الى تكاثرها وتعاظمها، وهذا يمكن ان يهدد الحياة.

التسمم بالماء حقيقي

وفي السياق، أحدث خبر وفاة سيدة بالغة من العمر 35 عاما من ولاية انديانا الأميركية نتيجة شربها الكثير من الماء بلبلة، بعد ان تجرّعت نحو 4 زجاجات خلال 20 دقيقة مما سبب لها تسمما مائيا. وعلى الرغم من ان هذا الفعل لا يحدث في كثير من الأحيان، لكن الأطباء يقرون ان التسمم المائي حقيقي.

وفي هذا السياق، شرح اختصاصي طب الطوارئ د. روس كاينو من كاليفورنيا، "ان التحدي الكبير مع التسمم المائي هو في تأثيره في مستويات الكهارل او "الالكتروليتات" الرئيسية في الجسم. انه يدعم الاعصاب والعضلات وانسجة الجسم الأخرى ويساعدها على العمل بشكل صحيح، وهو ضروري للحفاظ على ضغط الدم".

وفصّل كاينو، "ان احتساء الكثير من المياه بسرعة كبيرة يؤدي ذلك الى انتقال المياه الى خلايا الدماغ، وبالتالي تورّم هذا الأخير وحدوث مشكلة كبيرة".

واسنادا الى “Cleveland Clinic"، "يمكن للإفراط في شرب المياه خلال وقت قصير ان يؤدي الى ظهور عدد كبير من الاعراض المحتملة مثل تشنج العضلات او ضعفها والغثيان والتقيؤ وانخفاض الطاقة والصداع وتبدل الحالة العقلية. اما في الحالات الشديدة، فيمكن للتسمم المائي ان يؤدي الى الغيبوبة والموت".

وقد يحدث عند شرب كميات وافرة بعد ممارسة التمارين الرياضية لفترة طويلة، فيفقد خلالها الجسم مجموعة هامة من المعادن والاملاح بسبب المجهود البدني المبذول والتعرق، فإذا كان الفرد يمارس الرياضة لمدة تزيد عن ساعة، فإن المشروبات الرياضية تعد خيارا جيدا لاحتوائها على السكر والالكتروليتات مثل الصوديوم والبوتاسيوم.

جرعة زائدة تسبب التسمم!

وعن الجرعة اللازمة للتسبب في التسمم المائي، أوضح د. روس كاينو، "انه يصعب معرفة ذلك، اذ لا توجد قاعدة عامة او ثابتة في هذه الحالة بخلاف الاستماع الى الجسم. في حال غياب العطش لن يحتاج الشخص عادة الى شرب المزيد من السوائل".

بالموازاة، تنصح U.S National Academies of Sciences, Engineering، and Medicine النساء باستهلاك 11.5 كوبا من السوائل من خلال الطعام والمياه يوميا، لترتفع الكمية عند الرجال الى 15.5 كوبا. ومع ذلك، قد يحتاج الانسان الى جرعة أكبر قليلا من المعتاد خلال الطقس الحار نتيجة النضْح الشديد".

الوقاية والعلاج

يوصي الأطباء بتقليل تناول السوائل، واخذ مدرات البول لزيادة كمية الاخير التي ينتجها الجسم، كما يجب تجنب اخذ الادوية التي قد تسبب او تزيد هذه المعضلة واستبدال الصوديوم في الحالات الشديدة.

الماء يقتل أيضا

تقول أحدث الدراسات ان الافراط في شرب الماء يعمل على تثبيط عملية البلع في الدماغ. كما ان استهلاك كميات أكثر مما تستدعيه الحاجة يلغي آلية الوقاية. لذلك يحذر الخبراء من ان ذلك قد يعرض الناس لخطر التسمم بالماء الذي يؤدي الى الوفاة. لذلك دأب الأطباء والعلماء على ارشاد الناس بشرب 8 اكواب يوميا. وحذروا من ارتشاف كميات كبيرة على غرار ما حدث مع بعض ممارسي رياضة الماراثون بعد ان لقي رياضيون حتفهم لأنهم شربوا كميات من الماء أكثر من اللازم. والسبب انهم التزموا بتطبيق التوصيات والتعليمات بشرب معدلات من الماء أكثر من حاجة اجسامهم. لذلك في حال دخول الماء الى الجسم بصورة أسرع من القدرة على التخلص منه، فان الشوادر في الدم تصبح أخف وأكثر هشاشة.