باتَ جليّاً أنَّ مصرف لبنان دخلَ في حالة تخبّطٍ، وسطَ الأجواء المشحونة التي رافقت مغادرة رياض سلامة، وما تبعها من تطوّرات، مع توقّف منصة صيرفة عن التداول أو بمعنى أصح توقف المركزي عن بيع الدولارات عبر المنصة، ومؤخراً تردُد معلومات حول التوقف عن تمويل الدولة بالعملة الأجنبية، ممّا قد يُشكل خطراً مباشراً على تأمين الأدوية، والرواتب بالدولار على وجه الخصوص.
مصادر متابعة لفتت في حديثٍ لـ"الأنباء" الإلكترونية إلى أنَّ "هناك قرار بوقف تمويل الدولة بالدولار إلّا عبر قانون صادر عن مجلس النواب، تطلب الحكومة من خلاله استخدام الإحتياطي الإلزامي وبمبالغ محددة لتسديد حاجات الدولة بالدولار"، معتبرةً أنَّ الحاكم السابق كان يحاول تأمين العملة الأجنبية من السوق لسدّ حاجات الدولة، وبذلك كان يخلق نوعاً من التوازن، لكن برأي نواب الحاكم اليوم يجب أن تطلب الحكومة ما تريد بموجب قانون ليتمّ على أساسه التمويل.
وإذ أشارت المصادر إلى إنخفاض الاحتياطي إلى ما يُقارب الـ9 مليار دولار، أكّدت تمسّك نواب الحاكم بوجوب تأمين غطاء قانوني لهم، يؤمن لهم الحماية، عبر تقدّم الحكومة بطلب الاقتراض من المركزي للاستفادة من الاحتياطي الإلزامي الموجود وبالتالي تأمين الدولار للدولة لدفع الرواتب ودعم الأدوية، خصوصاً أدوية الأمراض المستعصية وتسديد قروض خارجية عاجلة وطارئة.
وذكرت المصادر أنَّ نفقات الدولة تُقدّر بنحو 200 مليون دولار شهرياً، وبذلك فإنَّ الإحتياطي يستطيع التمويل لمدّة 4 سنوات، ولكن بحسب المصادر لا يجوز المسّ بالاحتياطي باعتباره أموال المودعين، إذ إنَّ النّاس تُطالب بأموالها عاجلاً أم آجلاً، علماً أنّ الدولة سابقاً كانت تضغط على المركزي، عبر قرارات وقوانين مثل الكهرباء، ولكن اليوم تغيّر الوضع، لذا فلتتحمّل مسؤولية إيجاد الحلول، لعدم صرف أموال المودعين وبالتالي تطبيق الإصلاحات الأساسية المطلوبة.
إذاً، في ظلّ الأجواء الضبابية السائدة والجمود الحاصل في الملف الرئاسي، تغيبُ أيّ مؤشرات حلحلة على المدى القريب، بل قد تزداد الأمور تعقيداً ليتكبّد المواطن عناء عبءٍ جديد ويتحمّل مرّةً أخرى عواقب إهمال وتلكؤ الدولة.