وجه المدينة التي أنهكتها الأزمات

04 آب 2023 20:57:13

ثلاثُ سنوات مرّت وما زالَ جرح بيروت ينزف، والأملُ يتضاءلُ بالوصول إلى الحقيقة، التي لطالما طالبَ بها أهالي الضحايا، جرّاء ضغوط سياسية وقضائية عرقلت التحقيق منذ انطلاقه، في محاولات عدّة لإقفال الملف وتفلّت المجرمين من العقاب.

يوم الثلاثاء في الرابع من آب 2020، اندلع حريقٌ في العنبر رقم 12، تلاه بعد دقائق انفجار هائل توقّفت به عقارب الساعة عند السادسة والسبع دقائق، لتقلبَ بضعُ دقائق حياة المئات من النّاس الأبرياء، وتغيّر وجه المدينة، من مدينة الفرح والسلام 
إلى مدينة يكسوها الحزن ويعتريها الدمار.

عقابٌ حُكِم به على شعب لبنان بالمؤبد، ومأساة لا تزال تُلاحق الناجين، فالدولة راقدة في سُبات عميق غير آبهة بحياة الناس التي تأن من الوجع في ظلّ الأوضاع الكارثية اللامتناهية التي يمرّ بها اللّبنانيون يومياً، أمّا أهالي الضحايا فما زالوا يروون قصص أبنائهم ويبكون على صورة لم تعد موجودة في الحقيقة. يبحثون في كلّ زاوية عن صوت يبعث الأمل في نفوسهم علّ الحياة تحتضنهم من جديد.

أّما القضاء فحكاية أخرى، مُسيّر وملفات نائمة في جوارير مهترئة، في ظلّ الفساد المُتفشي في أروقة المحاكم والتدخلات السياسية التي لطالما سعت إلى التستر عن المجرم وعرقلت ولا تزال الطريق نحو  تحقيق العدالة.

في الذكرى السنويّة الثالثة ما زال المشهد مطبوع في عقولنا والوجع في قلوبنا، والمطالبة نفسها، تحقيق شفّاف يكشف الحقائق ليخفّف من وجع ومأساة ومعاناة أهالي الضحايا، وما زالت بيروت ضحية أكبرَ انفجار غير نووي عرفه العالم.
 
وها هي ماجدة الرومي تستذكر انفجار المرفأ بهذه الكلمات:
عندما ترجع بيروت إلينا بالسلامة
عندما ترجع بيروت التي نعرفها
مثلما ترجع للدار اليمامة
سوف نرمي في مياه البحر أوراق السفر
وسنستأجر كرسيين في بيت القمر
وسنقضي الوقت نقضي الوقت
في زرع المواويل وفي زرع الشجر.