وقف تمويل الحكومة لم يعد خياراً. هذا ما قاله النائب الأوّل لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري في مؤتمره الصحافي الذي عقد أمس بعد انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. فماذا يعني أن يتوقّق المركزي عن تمويل الحكومة؟ ومن أين ستأتي الدولة بالتمويل؟
يؤكّد البروفيسور في العلوم الاقتصادية وعضو هيئة مكتب المجلس الاقتصادي والاجتماعي أنيس أبو دياب، في حديثٍ لـ"الأنباء" الإلكترونيّة، أنّه عامة الدولة هي التي تموّل نفقاتها وهي التي تشكّل إحتياطي من إراداتها الناتجة عن رسوم وضرائب ومن والمؤسسات ذات الصفة الإنتاجية كالاتصالات والكهرباء والمياه، ولكن طبعاً في وضعنا الحالي مؤسساتنا غير منتجة وغير مربحة ولذلك نلجأ للضرائب والرسوم. ولكن حتى هذه الضرائب والرسوم بسبب سوء إدارتنا غير كافية لتغطية النفقات". ويوضح أنّه "خلال الفترة من 2017 حتى اليوم لجأت الدولة إلى المصرف المركزي للتمويل وبداية كان التمويل من الإحتياطي الإلزامي أمّا لاحقاً بات التمويل من خلال طباعة العملة التي هي حقّ حصري للمركزي".
كلّ ذلك أدّى إلى تداعيات كارثية تقاسم المواطن والليرة أعبائها. ولذلك، رفض منصوري والحاكمية الجديدة حاليًّا تمويل الدولة إلا من خلال إصدار قانون. وفي هذا السايق، يلفت أبو دياب إلى أنّه أساساً التمويل أو المساس بالاحتياطي يحتاج إلى قانون من المركزي ولذلك اليوم هم يُطالبون بقانون من المجلس النيابي لتمويل العجز في الموازنة. ويقول: "أستغرب أن يكون لدينا عجر في الموازنة بعد رفع الرسوم الجمركية وبعد تصريح وزير الأشغال علي حمية بأن المطار يُدخل رسوماً بمقدار 250 مليون دولار سنويًّا. فإن ذلك بالإضافة إلى الرسوم الجمركية التي أصبحت على سعر صيرفة يعني أنّه لدينا إمكانية لتغطية نفقاتنا ولكن سوء الإدارة تعرقل ذلك".
أمر أساسي آخر يتطرّق إليه أبو دياب، إذ يُشير إلى أنّنا لا نستفيد من عدد من الإيرادات بسبب توقّفها كالنافعة والدوائر العقارية مثلاً وأنّنا نحتاجها لتغطية نفقاتنا العامة ومنها رواتب القطاع العام مثلاً. ويختم بالقول: "يبدو أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وعد نواب الحاكم بتقديم مشاريع قوانين لإقتراح إقتراض 600 مليون دولار على 6 أشهر، ولا خيارات إلا باعتماد هذه الآلية فنحن في إنعدام التوازن في غياب المؤسسات".
جلّ معاناة هذا البلد ليس في موارده وقدارته... فهو غني. معاناتنا هي بسبب من يديرون المؤسسات... ويسرقونها!