يتأزّم الوضع أكثر فأكثر على الضفة السياسية التي تُرخي بظلالها على مختلف الأصعدة في لبنان، لكن الموسم السياحي فرض نفسه لاعبًا قويًا فسمح للسياسة بإجازة طويلة خرقها بيان نواب حاكم مصرف لبنان الذي أحدث ما يُشبه الخضة التي اُعطيت "مُسكنًّا" بإنتظار التطوّرات في المُقبل من الأيام لا سيّما مع عودة الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان في الفترة اللاحقة.
ولا يجد الكاتب والمحلل السياسي نبيل بو منصف، في حديث إلى جريدة "الأنباء" الإلكترونيّة "فرقاً بين صدرو البيان من عدمه، لأننا ذاهبون إلى مشكل نحن في ظل صدور البيان ومن دونه، فكيف اليوم مع البيان؟".
ويتحدّث عن المعطى الجديد، لأنّ "نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة على ما يبدو مصرون على الإستقالة رغم كل ما حصل، لا سيما مع إصرار الرئيسين نجيب ميقاتي ونبيه بري على عدم تعيين حاكم أو حتى التمديد له، لذلك فنوابه الأربعة يرفضون أن يتسملوا بشكل طبيعي".
و"السيناريو اليوم يقوم على إستقالتهم، ومن ثم يتم تكليفهم بتصريف الأعمال، وهذا أمر وفق ما يصفه بو منصف "سيء سيء سيء".
ووفق هذا الواقع الذي سيفرض نفسه بعد 31 تموز، يُشير إلى أنّ "الحاكمية تُصبح بحالة تصريف أعمال أيّ "حاكمية تصريف أعمال"، وهو واقع جديد ولا مثيل له من قبل فالوضع حرج جدًا".
وحتى في حال لم يستقيلوا ولم يُمسكوا بمسؤولياتهم، فإن لذلك وفق بو منصف "ذات الإرتدادات السلبية"، ويخشى "في هذا الوضع من المفاعيل المالية لهذا التطور"، متسائلًا "هل سيبقى هنالك إستقرار في سوق النقد من جانب الدولار والليرة؟، وأم سنرى قفزات مخيفة وكبيرة بالنسبة لإرتفاع الدولار وإنخفاض الليرة".
لذلك يتوّجس من "الذهاب إلى متاهة جديدة من هذا النوع سيهتزّ معها الإستقرار النقدي والمالي والمصرفي كثيرًا في أخر الشهر، إذا كنا سنذهب إلى حالة تصريف أعمال كما يخطّط النواب الأربعة".
ويرى أنّ "السبيل الأسلم في هذا الموضوع أنْ لا يستقيلوا بل أنْ يتوَلوا مسؤولياتهم حسب ما ينصّ عليها قانون النقد والتسليف، أي أنّ النائب الأول للحاكم يتولى المسؤولية والنواب الثلاثة الآخرين يعاونوه في المجلس المركزي للمصرف المركزي".
وهنا يلفت بو منصف إلى أنّ "النواب الأربعة بتصرّفهم هذا يعتقدون بأنهم سيُخففون عن أنفسهم عبء المسؤولية التي سيتحملونها بعد إنتهاء ولاية الحاكم، علمًا أن لا أحد سيُحملهم مسؤولية أي شيء لأن الجميع يعلم بأنهم هم يرثون حالة في غاية الخطورة".
ولا يٌبرّر "للنواب حالة الرعب الموجود لديهم من تحميلهم المسؤولية لدرجة أنْ يُعرّضوا الوضع من جديد لخضة بالغة الخطورة".
ولا يَجد بو منصف أن "الوضع الامني مرتبطًا بهذه القضية ما دام ليس هناك واقع إجتماعي يتحرّك فليس هناك مَن جاع، ففي حال حصول ذلك يمكن أن تحصل إضطرابات عندها يمكننا الحديث عن إضطراب أمني".
لكن رغم ذلك يستبعد "حصول هذا الأمر"، مشيرًا إلى أنّه هناك "شيئًا يُقال بالكواليس هو أن اللبنانيين لم يجوعوا بعد وعندما تقوم حركة إجتماعية كبيرة تكون جاعت الناس، لكن مع كل الانهيار الحاصل اللبنانيون لم يجوعوا بعد، ولكن إذا جاعوا بالتأكيد سيحدث شيء خطير" .
وعلى ضفة الملفّ الرئاسي، يقول: "أوّلا لا يُحكى بالملف الرئاسي إلّا من زاوية واحدة وهي ماذا سيفعل لودريان ومتى سيعود؟ وما هي الأجندة التي سيقدمها؟ وستُعقد طاولة الحوار أم لا؟".
إذًا، يخلص إلى القول بأن "الملف الرئاسي وكأنه مرتبط بمهمة لودريان، في الوقت الذي لا نعلم به ما هي الأجندة الجديدة للودريان، وكل ما يصدر من معلومات هو من لبنان، فالفرنسيون ولا حتى لودريان نفسه قال ما هي الأجندة الجديدة بمهمته القادمة، كما أنه لم يعلن حتى عن عودته، وكل ما يحكى عن تاريخ عودته هم كلام مصدره لبناني".
كما يسأل، "ماذا سيحمل لودريان فإذا كان سيعود ليُحيي مسألة الحوار فهي فاشلة سلفًا، وهل يا ترى غيّرت فرنسا مقاربتها للإستحقاق الرئاسي أي لم تعد منحتزة لمرشح معين وهو رئيس تيار المردة سليمان فرنجية أم لا؟
وبالمحصلة، لا يرى بو منصف في ختام حديثه أنّ "هناك مؤشرات عملية مُبشرة بأن الإستحقاق الرئاسي ذاهب في المدى القريب إلى حلّ".