لا حرب على الأبواب... وهل الترسيم البرّي قريب؟

06 تموز 2023 08:00:03

قواعد جديدة تحكم الأرض في جنوب لبنان، وما كان يصحّ في السابق لم يعد ذي فعالية اليوم. فالحرب احتمال وارد في أي لحظة لكنها ليست "على الحامي"، وإذا كان دخول جرّافة اسرائيليّة الى الشريط الحدودي كافٍ لإشعال حرب في العام 2006 فإن قضم كل الجهة اللبنانية من قرية الغجر لن يستنفر أكثر من بيان صادر عن وزارة الخارجية وبند في اجتماع الناقورة الثلاثي، وأما في المعنى العسكري وقواعد الاشتباك فالأمر أبعد من ذلك بكثير.

تتراكم الأحداث جنوباً من دون أن تعني الإيذان بالحرب، أقلّه في المدى القريب، فالحرب غير المحسوبة ستكون مكلفة لإسرائيل، في حين يبدو حزب الله أكثر لياقة في ممارسة الاستفزاز المقصود، ما يرفع من نقاط قوته ومكاسبه الميدانية ويكسر شوكة العدو، تماماً كما فعل عندما نصب الخيمتين في مزارع شبعا.
جاء الرد الإسرائيلي في الأسلوب نفسه من خلال إعادة ضمّ الجزء الشمالي من الغجر من خلال السياج الجديد واستقدامه مكعبات إسمنتية إلى المنطقة التي شهدت تحركاً منذ فترة في مرتفعات كفرشوبا. الأمر الذي سيجعل قوات الاحتلال الإسرائيلي أمام مواجهة متوقعة في أي لحظة مع الأهالي هذه المرة وليس "الحزب" كما حصل في كفرشوبا وقبلها في أرنون عشية التحرير.

إذاً معادلة جديدة تُرسى في الجنوب المتأهّب دائماً على وقع تطورات الأراضي المحتلة في جنين وقبلها غزة، ما اضطر إسرائيل الى نشر القبة الحديدية تحسباً لأي رد من جهة لبنان. ولكن ماذا تقول حقيقة المعطيات؟ وهل نحن أمام حرب؟ أم أن تسوية ما قد تقود هذه المرة الى ترسيم برّي قريب؟

علّق العميد المتقاعد ناجي ملاعب على التطورات بالقول: "من حيث المبدأ عندما تستفرد إسرائيل في غزة أو جنين، كما تفعل هذه الأيام، تخشى أن يكون هناك أيّ ردّ من أي جهة ممكن أن تفتح عليها النيران، والجنوب اللبناني أكثر ما يمكن أن يشهد على هكذا ردّ، ليس من حزب الله ولكن ربما من قبل فلسطينيين في مخيم الرشيدية وساحل القليلة باتجاه شمال فلسطين، وبالتالي إسرائيل تحتاط بهذا الاتجاه ولذلك قامت بنشر القبّة الحديديّة بالتوازي مع قيامها بعملية عسكرية ضخمة أعدّت لها سنوات ولم تقدم عليها، في حين أقدمت عليها الحكومة اليمينيّة اليوم ودخلت مخيم جنين وتقوم باحتياطاتها".

وأوضح ملاعب، في حديث لموقع mtv، أن "نشر القبة الحديدية ليس نتيجة تفاعل الوضع على جبهة الجنوب اللبناني، والخيمتان اللتان نصبتهما مجموعة من حزب الله في أراضٍ لبنانية محتلة في مزارع شبعا هي قيد تفاوض لدى الأمم المتحدة، وهناك من يقول إنها سُحبت أو أن تفاوضاً قائماً بهذا الاتجاه. هذا نوع من مسمار جحا للقول "نحن هنا" أو استطلاع بالنار، وهذا الاستطلاع هو رهن ردة فعل اسرائيل كيف ستكون ويبدو أنها لجأت الى الأمم المتحدة ولم تُزل الخيمتين، وبالتالي هناك جوّ بارد وليس ساخناً على الحدود في الجنوب".

ولكن هل التصعيد ممكن جنوباً؟ يجيب ملاعب: "إسرائيل إذا ما فكّرت بأي تصعيد على جبهة الجنوب اللبناني لن يكون أمامها فرصة من الوقت لتتحكم كيف ستنتهي الحرب، فمن الممكن أن تبدأها لكنها لن تعرف كيف يمكن أن تنتهي لأن الجنوب وحزب الله جزء من محور مقاومة ليس معزولاً كما هي غزة أو كما هو الوضع في جنين، إنما هو محور بعيد المدى ولديه من المسيّرات والمدفعية ومن الصواريخ ونوع من الدفاع الجوي والبحري، ومن الصعب على اسرائيل البدء به من دون أن تعرف كيف تنهيه".

أما السؤال الأهم: هل يمكن أن تكون تطورات الجنوب مقدّمة لترسيم برّي قريب؟ يقول ملاعب: "الأمور مرهونة بأوقاتها وإسرائيل هي مَن تقرر والتفاوض يجري بين الأميركي والإيراني لأن الموضوع ليس محلياً ونحن ندفع الثمن ودولتنا للأسف غائبة".