لم يعد شيء في بلدنا كالسابق. التراجع طال كلّ القطاعات، إلا أنّه ابتلع قطاع التعليم تحديداً. وبعدما كنّا نتغنّى بأطبّائنا ومهندسينا وأساتذتنا وكلّ من يحمل شهادة من مدارس وجامعات لبنان، بتنا اليوم نخجل. نخجل من الانحدار الذي يحصل في التعليم، ومن مستوى لا يشبهنا. فأيّ تلاميذ نخرّج؟ ولمن نُسلّم مستقبل البلد؟
تتالت الأزمات التي فرضت تغييراً على نمط التعليم والمناهج والامتحانات الرسميّة، وعلى قدرة الأهل في تحمّل أعباء المدارس الخاصة. هذه العوامل كلّها أدّت إلى تراجع المستوى، فبعد الإضرابات والتعلّم عن بُعد الذي لا يزال مستمراً في عدد من الجامعات جاء تقليص المناهج وإلغاء الامتحانات ليزيد الطين بلّة. وبالإضافة إلى "النزوح" إلى المدارس الرسميّة "اللي حالتها حالة"، حذّرت منظمة "اليونيسيف" من أن الخطر يداهم قدرة الطلاب على اللحاق بركب الدراسة، وأنّه بات نحو 700 ألف طفل خارج المدارس.
وفي هذا السياق، لا بدّ من تسليط الضوء على أنّ التراجع في مستوى التلاميذ يصل إلى 50 في المئة بشكل عام وخصوصاً في اللغات، بسبب الأزمة وبسبب هجرة الأدمغة إن كان أساتذة أو طلاب متفوّقين، وفق ما يؤكّد الأستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانيّة د. عماد مراد لموقع mtv. ويُضيف: "عوامل عدّة أدّت لذلك، فالوضع الاقتصادي المتردي في أي بلد كان يجعل مستوى التعليم يتراجع وبسبب الأزمة الاقتصادية الحادة التي نمرّ بها تأثر التعليم والأساتذة والمدارس والطلاب. ولا شك أن أي إلغاء لإمتحانات رسمية هو ضرب لمستوى التعليم والدليل أنّه خلال الحرب، حين ألغي "التقديم"، تراجع مستوى التعليم كثيراً".
ويُتابع: "التعليم الرسمي يمرّ بأزمة وجوديّة لأنه مرتبط بالقطاع العام بسبب غياب الحكومة والإدارة السليمة أمّا القطاع الخاص فتعافى نوعاً ما، ورغم التراجع في المستوى إلا أنّه تحسن وبدءاً من السنة المقبلة سيشهد تحسناً أكبر".
لا يقتصر الأمر على كلّ ذلك، فالمدارس والجامعات لم تسلم أيضاً من آفة المخدّرات. ورغم أنّها ليست ظاهرة جديدة إلا أنّها تنتشر بشكل أوسع أخيراً. هنا تؤكّد رئيسة جمعيّة نضال لأجل الإنسان ريما صليبا أنّ الأعداد ترتفع رغم غياب الإحصاءات الدقيقة. وتقول لموقع mtv: "الوضع الاقتصادي وغياب فرص العمل دفع بالبعض إلى اللجوء للمخدّرات. وكبار التجار والمافيات يستغلّون نقطة ضعف هؤلاء، ويقنعونهم بالمخدرات والترويج لأنّها أسهل طريقة لجني الأموال. هذا بالإضافة إلى أنّ اليأس يدفعهم إلى التجربة و"الإحساس الحلو" الذي يشعرون به ونسيانهم للوضع الحالي يجعلهم يتعلّقون ويكرّرون التجربة".
ما الحلّ إذاً؟ "هناك جمعيات تعمل على هذا الموضوع ولكن دورها لم يعد كافياً والأموال التي كانت تُرصد لم تعد كافية وباتت تُخصّص لأمور أخرى بسبب الأوضاع. الدولة غائبة كليًّا واللجان المعنية بهذا الموضوع يجب أن تتفعّل كما أنّه على وزارة الصحة التركيز على تأمين الأموال لمعالجة المدمنين بصفر كلفة "لأن كتار مش قادرين" تُجيب صليبا.
جودة التعليم تتراجع. وحتى لا نتحوّل إلى مجتمع جاهل، أنقذوا تلاميذ لبنان!