خلاف القرنة السوداء يستعر... ماذا في خلفياته؟
03 يوليو 2023
04:30
Article Content
تتفاعل واقعة القرنة السوداء التي هزّت منطقة الشمال وراح ضحيّتها شابّان من عائلة طوق مع استمرار انتظار كشف الملابسات، فيما الأبعاد المعبّر عنها على نطاق المواكبين العلميين عن كثب في المنطقة متداخلة بين "نيران" الخلاف الحدوديّ و"رصاصات" البعد السياسي. وتسلّط الأضواء على الإشكال العقاري القائم في المنطقة وعمره عشرات السنين، مع الإشارة إلى أن المسائل تتفاقم بشكل أكبر خلال الفترة الماضية. ومن هذا المنطلق، يروي القيادي في حزب "القوات اللبنانية" عن منطقة بشري النائب السابق جوزف إسحق أن "التعدّي كان سافراً من أشخاص معيّنين على عائلة طوق ما أدّى إلى استشهاد الشابين هيثم ومالك طوق، في وقت يُطلب من الدولة بكامل سلطاتها الأمنية والادارية القيام بجهودها كاملة لمعرفة هوية الذين قاموا بإطلاق النار وإيقاف المسائل في مكانها الصحيح للحدّ من ردود الفعل ومعرفة هوية مقترف الجريمة لتسيير الأمور على السكّة الصحيحة".
ولم يصل حلّ موضوع الخلافات العقارية إلى خواتيمه المرجوّة حتى اللحظة، وفق تأكيد إسحق لـ"النهار"، وذلك "رغم اللجوء إلى القضاء وحصول تدخّلات وطلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تكليف الجيش بالاجراءات اللازمة لمنع أيّ تطورات حاصلة في المنطقة المتنازع عليها". لكن، "لا امكان لتوجيه اتهامات نحو فريق معيّن مع الحرص على عدم استباق المسائل للحدّ من التأزم مع انتظار سير التحقيقات بالسرعة اللازمة والثقة بالأجهزة المختصة القادرة على معرفة منفّذ عملية القتل. ويستمرّ التخوف من تكرار الأحداث المؤسفة مع الطلب إلى الدولة اللبنانية تحمّل مسؤولياتها في مسألة قضائية يقوم عليها خلاف عقاري. ولا استباق للمسائل لعدم زيادتها تأزماً بل محاولة الضغط لكشف المجريات وعندها يكون لكلّ حادث حديث".
وإذ استفاقت بشري على أحداث مؤلمة راح ضحيّتها أفراد من عائلة طوق، فإنّ القراءة في المسبّبات التي يتناول تفاصيلها النائب السابق فارس سعَيْد، تنطلق من الإشارة إلى أن "هكذا أحداث تأتي نتيجة تقصير الدولة اللبنانية باعتبار أن 35% من أراضي لبنان لم تستكمَل فيها أعمال المساحة والتحديد وينابيع المياه. وتتطلّب هذه المسائل إصدار مراسيم من وزارة الطاقة بهدف تنظيم الحقوق المكتسبة على المياه وتوزيعها وفقاً للقانون". ويُضاف إلى الأسباب المُشار إليها لـ"النهار" انطلاقاً من مقاربة سعَيْد، "التقصير الذي أدّى إلى استمرار النزاع العقاري حول الانتفاع من المياه على مستوى القرنة السوداء بين الطيبة وبشرّي، في وقت تستمرّ مطالبتي باستكمال أعمال المساحة والتحديد منذ عام 2000 على نطاق الجرود وإصدار مراسيم الحقوق المكتسبة على المياه خصوصاً في المناطق الجبلية حيث تنشب النزاعات على المراعي والمصادر المائية لكن (لا حياة لمن تنادي)". ولا يغيب عن تشخيص سعَيْد للظروف المؤدّية إلى الحالة المأسوية التي شهدتها بشري خلال الساعات الماضية، "التقصير المزدوج من المعنيين كأولاد جرود وبلديات وسياسيين، خصوصاً من الدولة ووزارتي الطاقة والمال المعنيّتين في ملف توزيع المياه واستكمال أعمال المساحة والتحديد. وقد أكّد ما استجدّ في بشري أن غياب الدولة وانهيارها سيؤدي إلى مزيد من الأحداث، مع تأكيد التضامن الكليّ مع أهالي بشرّي وطلب استكمال أعمال المساحة والتحديد. ويأتي ذلك بعد استكمال الفرنسيين مسح 50% من أعمال المساحة والتحديد على مستوى لبنان التي انطلقت ساحلاً من دون الوصول إلى الجرود في غياب الوقت. وحتى اليوم، لا تزال 35% من الأراضي اللبنانية غير مستكملة على نطاق أعمال المساحة والتحديد، بما يقارب 3500 كلم2 تحت سيطرة وزارة المال والجميع يعلم ما يحصل".
إلى ذلك، وفي تقويم عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب رازي الحاج، فإن "ما حصل أتى نتيجة غياب حضور الدولة في حسم الملفات العالقة على المستوى القضائي وسط نزاع حول المساحة في غياب حسم الدولة لهذه المسألة على نطاق وضع الحدود مع تمييع القضايا ما يجعلها مشتعلة وسط تغذية للروح العدائية بين المنطقتين من أخصام في السياسة يعمدون إلى توتير الأجواء بين منطقة تجاه أخرى من المعروف موقعها وواقعها السياسي". ويعتبر الحاج أن "ما حصل يشكّل واقعة مؤسفة ومدانة ولن تطوى طالما لا مساحة محدّدة ولم يعتقل المجرمون الذين يتوجب تسليمهم إلى الأجهزة الأمنية وسط جريمة غدر طاولت شابّين من بشرّي. ولا علاقة للبعد السياسي بالحادثة تحديداً بل إن الحقد والاستقواء بمرجعيات مدعومة ومتفلّتة يؤدي إلى نوع من المناخ الاستعلائي التحريضي مع ضرورة حسم الملف وبسط القوى الامنية لسيطرتها على الدولة".