ترك المبعوث الفرنسي وزير الخارجية السابق، جان إيف لو دريان، لبنان وحمل ما جمعه من آراء على أنْ يضعها في تقرير سيرفعه إلى الرئيس الفرنسي مع التوصيات التي استخلصها، وبالتالي يُحدّد في ضوئها الخطوات المُقبلة، ليعود إلى لبنان، إمّا بطرحٍ جديد، أم يذهب إلى إحياء الحوار المفقود بين اللبنانيين، أو ينكفئ.
يربط عضو تكتل الجمهورية القوية، النائب غيّاث يزبك، تقييمه زيارة لودريان بـ "مدى استفادة لبنان وفرنسا منها".
وتحدّث يزبك لجريدة "الأنباء" الإلكترونيّة، عن "نوعٍ من محاولة فرنسية لتراجع غير مربِك سعت من خلاله إلى إنقاذ ماء الوجه بعد سقوط المبادرة الأولى"، ويصف "مجيء لودريان بأنّه إعادة تموضع لدور فرنسا في الشرق الأوسط إبتداءً من الواقع في لبنان".
لذلك، فإنّه يرى أنّ "الزيارة بالنسبة للفرنسيين هي زيارة تصحيحية أكثر ممّا هي استطلاعيّة".
ويُشدّد على أنّها، "كانت في الحقيقة نوعاً من إعادة تموضع جديد للدور الفرنسي، انطلاقاً من ملف رئاسة الجمهورية بعدما ارتكبت باريس أخطاءً كبيرة من خلال تبنّيها لرئيس تيار المردة، سليمان فرنجية، بطريقةٍ أحادية ومُتسرّعة".
وهنا يُشير إلى أنّ "اليوم لا يُمكن التعويل على أول نتيجة للزيارة من خلال الأيام التي بقي فيها لودريان في لبنان"، ويعتبر أنّ "التقييم الفعلي يحصل بعد أن نرى كيف ستستكمل فرنسا مبادرتها انطلاقاً من الواقع المستجدّ. وبمعنى آخر، هل ستتموضع فرنسا في الوسط، وتبحث عن وسائل لتدخلٍ مُفيد وإيجابي في الملف اللبناني".
والتدخّل الإيجابي برأي يزبك، "يَكمُن بتوجّه فرنسا باتّجاه السعودية لتزخيم دورٍ إيجابي أكثر حرارة للرياض في اللعبة الداخلية المحلية، والأهم هو سعي باريس إلى إقناع إيران بضرورة أن تضغط على حزب الله لرفع يده عن الاستحقاق الرئاسي المخطوف"، مضيفاً "وعليه يظهر ما إذا كانت قد نجحت فرنسا أم لا".
ويُردف يزبك قائلاً، "نحن إذاً في انتظار ما سيحمله المبعوث الفرنسي في زيارته المقبلة. ولكن بالنسبة إلينا الأمر محسوم، إنْ على صعيد القوات والمعارضة بشكل عام، وحتى على صعيد التيار الوطني الذي يبدو أنّه لا يزال صامداً في تقاطعه معنا على ترشيح جهاد أزعور. فالتراجع باتّجاه تصحيح الأمور يجب أن ينفّذه حزب الله من خلال سحب دعمه لفرنجية تحريراً للمسار الرئاسي، وفيما بعد لكل حادثٍ حديث".
وهل لا زالت فرنسا برأيه متمسكة بفرنجية؟ لا يُقارب يزبك الأمر من زاوية "القراءات التي تدور في فلك الخط الداعم لفرنجية، والتي توحي بأنّ الفرنسي لا يزال داعماً"، ويسأل، "على ماذا يستند هذا الإعلام؟"، موضحاً أنّ "لودريان لم يقل بصريح العبارة فرنسا تخلت عن فرنجية، ففي اللغة الديبلوماسية هذا غير وارد، لكن الأداء العام، والدور الذي لعبه لودريان يؤكّدا أنّ فرنسا اعترفت بأنّها أخطأت وتراجعت خطوة إلى الوراء، ولو من دون أن تجهر بالتخلي علنياً عن دعم فرنجية. والدليل على ذلك أنّها لم تأتِ على ذكره في كل جولة لو دريان، وعدم إرسالها إشارات إلى أنّها تدعمه يُظهر بما لا يَقبل الشك بأنّ فرنسا تراجعت عن دعم فرنجية".
وفي ما يتعلّق بالحوار الذي يجري الترويج له يلفت يزبك إلى أنّه "بالنسبة للقوات لا جدوى من الحوار طالما أنّ فرنجية لا يزال مرشحَ الثنائي. والحوار الوحيد المجدي يكون في فتح باب المجلس النيابي وإجراء دورات انتخاب متتالية، يفوز بنتيجتها جهاد أزعور أو سليمان فرنجية ".
وعن الخطوات المقبلة، يقول يزبك: "نحن ليس لدينا سوى تصليب الصفوف وإجراء قراءات هادئة لنتائج الزيارة الفرنسية، وللنتائج الإيجابية التي نجمت عن توحّد المعارضة وتقاطعها مع التيار الوطني الحر في رفض مرشح الممانعة، وكيفية تمتين هذا الدور والصمود في هذا الموقع".
ومتى تجد القوات أنّ الوقت قد حان للتخلي عن أزعور؟ يلخّص يزبك جوابه بالقول: "في حال غيَّر الثنائي موقفه لمصلحة رئيس توافقي، عندها نرى ما إذا كان غيّر مواصفاته للرئيس التوافقي واقترب من مفهومنا له، فالرئيس التوافقي ليس رئيساً فارغاً يُعبّئ قصر بعبدا بالمزيد من الفراغ، بل يجب أن يكون سيادياً إصلاحياً يدعو حزب الله إلى وضع سلاحه على طاولة البحث في اتّجاه التخلي عنه، رئيساً يُعيد لبنان إلى الأسرة العربية، و إذا لم يَقبل حزب الله بهذه المواصفات فإنّ مُشكلتنا وإيّاه جوهرية ومستمرّة".