في مؤشّر لافت على التداعيات التي يخلّفها إنهيار قيمة العملة الوطنية على أداء البلديات وقدرتها على تأدية وظيفتها الإنمائية، خصوصاً بسبب التفاوت الحاصل بين مداخيل البلديات التي لا تزال تحصّل بالليرة اللبنانية، ونفقاتها التي تحتسب بالدولار، اجتمع رؤساء بلديات قرى قضاء زحلة التي تعالج نفاياتها في مطمر زحلة الصحّي في مكتب محافظ البقاع كمال أبو جوده أمس، للتباحث في الرسم الذي تتقاضاه بلدية زحلة عن كل طن يدخل إلى المطمر، كجزء من كلفتها التشغيلية، وذلك بعدما أعربت البلديات عن عجزها عن الإستمرار في تسديد رسم 13 دولاراً المحدد منذ بدء تشغيل المطمر في أواخر القرن الماضي، إذا ما جرى إحتسابه على سعر منصة صيرفة.
على أثر الإجتماع، توافق الحاضرون مع رئيس بلدية زحلة على خفض تعرفة معالجة طن النفايات من 13 دولاراً إلى 4 دولارات وفق سعر صيرفة، وذلك بصورة موقتة، على أن تتم إعادة النظر بهذه التعرفة على ضوء المعطيات والأوضاع الإقتصادية العامة في البلاد وعند الإقتضاء.
إلّا أنّ رسم الأربعة دولارات عن كل طن لا يشكّل وفقاً للمعلومات سوى عشر الكلفة الحقيقية لمعالجة طن النفايات في مطمر زحلة الصحّي، ويكرّر رئيس بلدية زحلة أسعد زغيب في كل مناسبة أنّها تبلغ 42 دولاراً. وإذا كانت بلدية زحلة قد تحمّلت في السنوات الماضية الجزء الأكبر من عبء القرى المحيطة بها، من دون أن يتسبّب ذلك بأعباء على ميزانيتها كواحدة من أكبر بلديات لبنان، فإنّ الواقع تبدّل منذ بداية إنهيار العملة اللبنانية عام 2019، حيث باتت معالجة النفايات تمتص الجزء الأكبر من ميزانية بلدية زحلة، وقد ذكر زغيب سابقاً أنّها أصبحت لا تغطي سوى تكاليف النظافة ومن بينها معالجة النفايات ورواتب الموظفين.
وهذا الواقع يبدو أسوأ في البلديات الصغرى، حيث تمتنع أيضاً شريحة واسعة من المواطنين عن تسديد القيم التأجيرية، في ظلّ محدودية مداخيل هذه البلديات، والتأخير المستمرّ في تسديد عائداتها من الصندوق البلدي المستقلّ. هذا بالإضافة إلى العبء الإضافي الذي فرضه تضاعف كمّيات النفايات في بعض القرى نتيجة للنزوح السوري.
وحتى لا يؤدّي هذا الواقع إلى تراجع الحالة النموذجية التي حقّقها مطمر زحلة الصحي من خلال إستمرار تشغيله في أسوأ الظروف التي مرّت على لبنان، بعدما حلّ مشكلة بيئية خطيرة كانت تتسبّب بها المكبّات العشوائية المنتشرة على إمتداد 26 قرية بقاعية، أكّد رئيس بلدية زحلة الإستمرار بالوقوف الى جانب هذه البلديات، من خلال خفض الرسم بصورة موقّتة، إلى أن تتمكّن من تعديل رسومها، وتحسين مداخيلها. ولفت إلى أنّ هذا الرسم ليس نهائياً، وإنما سيجري تعديله بحسب المعطيات بشكل متكرّر، الى أن يقترب بشكل أفضل من الكلفة الفعلية للمعالجة.
مع الإشارة الى أنّ إجتماع المحافظة خرج أيضاً بتوافق على «تفعيل الجباية، والتعاون مع الأهالي في موضوع جمع ونقل النفايات، وذلك حفاظاً على البيئة وعلى الصحّة العامة، ومنعاً لحصول أي ضرر أو تلوّث».