تعتبر الساعات التي تسبق جلسة انتخاب الرئيس يوم الأربعاء في الرابع عشر من الجاري مفصلية في ظلّ الإنقسام العمودي بين الأطراف السياسية، وخاصةً بين فريقي المعارضة الداعم للوزير السابق جهاد أزعور والممانعة المتمسك برئيس تيار المردة سليمان فرنجية. وخصوصاً بعد فشل مساعي بكركي باتجاه الثنائي الشيعي لإيجاد حلّ للأزمة، ويمكن القول إنَّ المواجهة بين الطرفين أصبحت مكشوفة.
ومع اقتراب موعد الجلسة المنتظرة، جاءت دعوة رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط إلى مقاربة عقلانية للإستحقاقات الراهنة والإبتعاد عن لغة التحدّي والمواقف المتشنجة المتصلة بها، وأن القبول بمنطق العمل الديمقراطي المبني على أسس الحوار، وحده الكفيل بإستمرار البحث عن الخيارات الوفاقية والجامعة لمصلحة الوطن ومستقبله.
مصادر سياسية مراقبة استبعدت في حديث مع "الأنباء" الإلكترونية أن يقدم حزب الله على توتير الأجواء الأمنية عشية جلسة الانتخاب، كما استبعدت في الوقت نفسه تأجيل الجلسة للسبب عينه، ففي ظلّ أجواء الإنفتاح بين إيران والسعودية ليس هناك من مصلحة لإيران بتوتير الأجواء في لبنان، وبالتالي لا يمكن لحزب الله أن يتفرد بقراره عن طريق اللجوء الى افتعال مشاكل أكان ذلك بقصد أو بغير قصد، لكنه حتماً قد يلجأ الى التعطيل اذا ما شعر أن أسهم أزعور تتقدّم على فرنجية.
المصادر اعتبرت أن جلسة الأربعاء بمثابة اختبار لما يمثله الحزب على الساحة السياسية، وأن حزب الله كما بات معروفاً غير مستعجل لانتخاب الرئيس ما لم يكن هناك ضغط دولي على إيران لتعديل موقفه.
وفي سياق المواقف، توقّع النائب بلال الحشيمي أن تكون جلسة الانتخاب، في حال حصولها، بداية النهاية لترشيح فرنجية الذي لن ينال في تأمين نصاب الجلسة أكثر من 46 صوتاً في أفضل الحالات، أما جهاد أزعور فقد ينال أكثر من 60 صوتاً، ما لم يعاود فريق الممانعة إعتماد الورقة البيضاء لتطيير النصاب كما كان يفعل في الجلسات السابقة.
ولم يستبعد الحشيمي حصول صفقة ما تكون بمثابة حلّ وسط بين الطرفين، لافتاً إلى أنه لا يتوقع أن يلجأ حزب الله الى افتعال مشاكل أمنية لإعاقة العملية الإنتخابية بدليل تراجعه عن التهديد والتهويل، لأن الفوضى في لبنان قد تنعكس سلباً على التقارب السعودي الايراني وسياسة الانفتاح بين البلدين وإعادة فتح السفارات في كلّ من الرياض وطهران.
الحشيمي أثنى على موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وكتلة نواب اللقاء الديمقراطي برئاسة النائب تيمور جنبلاط، ووصفه بالقرار الحكيم والمميّز بتأييد الوزير أزعور، معتبراً أنَّ هذا الموقف قلب المعادلة رأساً على عقب، مشيراً إلى أنِّ كثرة الاطلالات المتلفزة لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وقادة حزب الله أسهمت الى حدّ كبير بتوتير الأجواء مؤخراً.
إذاً، لبنان أمام أسبوع حاسم بانتظار ما ستؤول إليه مجريات جلسة الأربعاء وما سينتج عن جلسة مجلس الوزراء في ظلّ الشغور الرئاسي الذي يلقي بظلاله على مؤسسات الدولة العاجزة، لعلّ القوى المعنيّة تعي خطورة الوضع الراهن وتنتقل إلى لغة الحوار والتلاقي لأنها المخرج الوحيد لكلّ الأزمات.