انتقلت الأسئلة المطروحة بعد تثبيت ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية من تجمّع يضمّ قوى المعارضة إلى جانب "التيار الوطني الحرّ"، حول ما إذا كانت المرحلة ستشرّع الأبواب الواسعة نحو تفاهمات سياسية محيطة بين القوى السياسية الداعمة لوصوله إلى القصر الرئاسي؟ وماذا في التفاصيل التي يمكن أن تبنى مرحلة ترشيحه على أساسها من ناحية شروط وعناوين أو مطالب يمكن أن تضعها الأحزاب المؤيدة له؟
وفي غضون ذلك، ينطلق السياق المعلوماتيّ الذي اطلعت "النهار" على تفاصيله، من انقسام المشاورات السابقة إلى ثلاث مراحل بدءاً من رفض ترشيح بعض الأسماء المطروحة للرئاسة، ما ساهم في بلورة الاتفاق الأول بين قوى المعارضة و"التيار الوطني الحرّ". وانطلقت المرحلة الثانية من البحث عن اسم في الامكان للأطراف المعارضة التوافق حوله مع العمل على وضع عناوين تمهيدية تشبه برنامجاً مبدئياً للاسم الذي سيطرح للرئاسة الأولى باعتباره خارجاً عن إطار الانضواء في كتلة نيابية متماسكة وليس حاضراً على الساحة السياسية. وانطلقت الفكرة الأساسية من أن يكون للقوى الداعمة للمرشح الرئاسي إطارها التشاوري مع الاسم الذي تدعمه حول برنامج واضح يلتزم بتفاصيله الأساسية.
ووُضعت عناوين عامة رئيسية جرى على أساسها التوافق على اسم جهاد أزعور بين القوى التي شملتها المفاوضات الرئاسية ووافقت على اختياره، من شأنها أن تشكّل عناوين "برنامج ترشيحي" بدءاً من ضرورة استكمال مسار التنقيب عن النفط والغاز، إضافة إلى عناوين أخرى كالتدقيق الجنائي في مصرف لبنان واستقلالية القضاء ومحاربة الفساد. وهي جميعها تفاصيل تعطي انطباعاً مشجعاً بالنسبة إلى المواكبين، حول امكان الوصول إلى معالجات معينة في المرحلة المقبلة. ولم تصل المداولات السياسية إلى التداول في موضوع بحث الحصص الوزارية ومرحلة التقسيم الاداري للمراكز، بل يكمن الأساس في برنامج بديهي والاتجاه إلى تشكيل حكومة جديدة تتولى مواكبته عند وصول المخاض الرئاسي إلى خواتيمه مهما طال موسم المراوحة. ولا يلغي ذلك إبقاء احتمال خيار "الاسم الثالث" قائماً إذا وصلت نتيجة الأصوات النيابية إلى تعادل سلبي بين أزعور وفرنجية. وستبنى المرحلة المقبلة على استكمال اجتماعات خليّة قوى المعارضة تأسيساً لما يشبه مروحة نيابية ملتقية حول ترشيح أزعور ومقاربة كيفية خوض المعركة الانتخابية. وتتكوّن الخلية النيابية من تكتلات "القوات اللبنانية" وحزب الكتائب وكتلة "تجدّد" وبعض المستقلين والتغييريين إضافة إلى لقاءات على مستوى موفد "التيار الوطني الحرّ".
ويطرح ممثل "القوات" في المفاوضات النائب فادي كرم تساؤلات منطلقة من الاشارة إلى أن "القرار اتخذ بين المجموعات النيابية بهدف دعم ترشيح جهاد أزعور للرئاسة، لكن السؤال المطروح يتمحور حول هامش استمرار فريق "الممانعة" في الأسلوب الرافض عقد جلسة جدية تسهم في انتخاب رئيس للجمهورية. ويُنتظر أن تحسم الكتل المتردّدة خيارها عند الاتجاه إلى انعقاد جلسة نيابية، على طريقة تأييد مرشح أو آخر بعيداً عن انتهاج أسلوب الحياد. وليس في الامكان الاستمرار في المراوحة القائمة بل إن ترشيح أزعور سيفرض انتقال فريق "الممانعة" إلى مرحلة جديدة ينبثق التصرّف على أساسها".
وإذا كانت "القوات" ستحضر على مستوى سلطة العهد المقبل، فإنّ كرم يؤكّد أن "تلك المسألة ستكون مرتبطة بنتيجة التطورات الرئاسية وإذا كان في الامكان إيصال رئيس للجمهورية راهناً مع اتخاذ القرار حول كيفية المشاركة مع التأكيد على هدف أساسي ينطلق من السعي إلى إنهاء حال الشغور الرئاسي. وليس مطروحاً العمل على استعادة الاتفاق السياسي مع "الوطني الحرّ" بل الانطلاق من مبدأ أساسه مشروع بناء الدولة حتى عند الخروج من السلطة".
ويحضر "التيار الوطني الحرّ" في المفاوضات المستمرة أيضاً مع إضاءة النائب غسان عطالله على مداولات قائمة يجريها تكتل "لبنان القوي" في موضوع انتخابات رئاسة الجمهورية مع قوى المعارضة، حيث "يتولى النائب جورج عطالله التواصل مع "القوات اللبنانية". ويأخذ النائب السابق ايدي معلوف على عاتقه التواصل مع حزب الكتائب. ويتوزّع التواصل على عدد من نواب تكتل "لبنان القوي" مع النواب المستقلين". وفي النقاط الأساسية التي يضيء عليها عطالله، فإن "هناك مرشحا جديّا على نطاق قوى المعارضة في مقابل ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية. ويتوجب على رئيس المجلس النيابي فتح أبواب البرلمان لانتخاب رئيس للجمهورية بعيداً عن الذرائع القائلة بعدم انعقاد جلسات عقيمة شبيهة بالسابق".
ولا يقرأ غسان عطالله "جدية حقيقية حتى اللحظة للمباشرة في انعقاد جلسات سريعة للانتخابات الرئاسية، لكن تطلُّع الدول إلى تطورات الوضع اللبناني والتحذير من استمرار الفراغ وفرض العقوبات إذا استمرّت مقاطعة الجلسات، هي بمثابة أجواء مؤشرة بشكلٍ ما إلى ورقة ضغط يمكن أن تسهم في الوصول إلى انتخاب رئيس".
وفي المحصلة التي تتفق عليها قوى المعارضة و"الوطني الحرّ"، لا يكفي الالتقاء على ترشيح اسم معين فحسب للرئاسة بل مقاربة المسائل بطريقة ضامنة لحصول جلسة انتخابية والاستمرار في المعركة للوصول إلى الهدف القائم على انتخاب رئيس للجمهورية. وتعود المسألة للأفرقاء السياسيين في مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية لاتخاذ خياراتهم المتاحة لمواجهة للتعطيل. وعُلم أن هناك مقاربات ستأخذها التكتلات المعارِضة على عاتقها للاستمرار في السعي للوصول إلى انتخابات رئاسية والتصدي لتطيير النصاب من خلال بحث سبل خرق المراوحة. ووفق المعلومات، تتمثّل الخطوة الأولى التي سيتّخذها المؤيدون لترشيح أزعور على تنوّعهم في التمسّك بالالتقاء معاً للحضّ باتّجاه انتخابات الرئاسة ومواجهة أي مطبات في الأسابيع المقبلة.