استقبل سماحة شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى في دارته في شانيه البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك في اطار زيارة اليوم الى منطقة الجبل، برفقة وفد ضم: الوزير السابق ريشار قيومجيان والمطرام جورج اسادوريان ومسؤول العلاقات العامة شربل بسطوري والآباء: رافي اوهانسيان وآرام ابراهاميان وكارو كلنجيان وفاعليات، واستهلها بلقاء شيخ العقل حيث استقبله بحضور قاضي المذهب الدرزي الشيخ غاندي مكارم ومشايخ واعضاء من المجلس المذهبي وممثلين عن مؤسسة العرفان التوحيدية ومستشار مشيخة العقل الاعلامي الشيخ عامر زين الدين المكلّف تنسيق الزيارة وبحضور رئيس بلدية شانيه حسين ابي المنى وفاعليات من البلدة.
والقى البطريرك ميناسيان كلمة جاء فيها: "سماحة شيخ العقل الاخ سامي ابي المنى، اولاً اود ان أشكركم على ضيافتكم لي في دياركم، هذه الدعوة اعتبرها سلسلة مشوار جنباً لجنب، في سبيل شهادة حب اخوي يعمل حقا بروج الوطنية الصادقة والتعايش سويا في خدمة الاله الواحد. في ديننا المسيحي نؤمن بروح والله الذي يُلهمنا بالاعمال الصالحة ويُذكّرنا بالنعم التي نلبسها يومياً من الله الاب الذي يرانا ويعيش معنا متمنياً علينا بأن نكون أولاده الاطهار ومحبين لبعضهم البعص".
اضاف: "ما هي المحبة غير التضحية في سبيل اسعاد بعضنا البعص، اليوم انا اشعر بالسعادة بوجودي واخويتنا في دياركم، اشعر بالفرح لان المحبة المنشودة تفوح على وجوهنا اجمع، اشعر بالفرح لانني، وانا بينكم ذاكرتي تاخذني الى صفحات التاريخ، تاريخ الماضي الذي يتكرر اليوم بضيافتكم لنا.
وختم: "في الماضي البعيد الارمن وديرهم في كسروان كانوا على علاقة وطيدة واهل الجبل اذا اعتبر نفسي واخوتي نواباً ووزراء وشعبا واكليروس تكملة لما كان من تعايش واخوّة ولا يزال، وأومن بانه سيُكمل المسيرة الى مستقبل افضل وانشط ووطنا يحوي الجميع ويرعاهم، تحت سمائه بالتساوي".
شيخ العقل
ورد سماحة شيخ العقل بكلمة ترحيبية قائلا: "اشكركم اولا صاحب الغبطة على كلمتكم الطيبة وعلى تشريفكم إلى دارنا في هذا الصباح الجميل المبارك مع الأخوة جميعاً، أصحاب السيادة وصاحب المعالي، الأخوة من المشايخ الأحباء في المجلس المذهبي وفي البلدة والأخوة من مؤسسة العرفان التوحيدية أن نستقبلكم معاً في هذا الصباح وما تفضلتم به يعبّر عن لسان حالنا. قال تعالى: "وَاعتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً ولا تَفَرَّقُوا"، هذه دعوة إلهية أن نعتصم بحبل الله، أن لا نتفرق، أن نجتمع، أن نكون أخوة دائماً، أخوة في المجتمع وفي الوطن وفي الانسانية، وقال تعالى: "إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أتْقاكُمْ"، لم يقلْ إن أكرمكم عند الله هو أشدّكم زنداً وأقوامهم عدائيةً بل قال أتقاكم. والتقوى تشمل الصفات الطيّبة، القرب من الله سبحانه وتعالى والقرب من الإنسان، أخينا الإنسان، بقدر ما نكون قريبين من الله ومن الإنسان بقدر ما نكون أتقياء ومكرّمين عند الله سبحانه وتعالى. ما يجمعنا كثير، فرسالتنا رسالة واحدة، هي رسالة المحبّة هي رسالة الأخوة هي رسالة العيش الواحد هي رسالة بناء الإنسان لبناء المجتمع لبناء الوطن ولبناء الإنسانية. في الوطن هناك تحدّيات كبيرة نواجهها معاً وتحتاج إلى كلمتنا الموحّدة، تحتاج إلى صلواتنا وتحتاج إلى توصياتنا ونداءاتنا المشتركة لنحثّ المسؤولين على المبادرة إلى إيجاد الحلول المناسبة التي تريح الشعب، تريح الناس".
اضاف: "نحن اليوم في خضم الدعوة إلى انتخاب رئيس للجمهورية، ولأن نُعليَ الصوت فانما لكي نحثّ المسؤولين على التوافق لانتخاب رئيس قادر على جمع اللبنانيين وعلى إصلاح ما فسد وعلى ترميم علاقة لبنان مع الدول العربية ومع الخارج وعلى إنقاذ الوضع الاقتصادي الذي يعاني منه جميع اللبنانيين. دعوتنا تتلاقى مع دعوة غبطة البطريرك الراعي، مع دعوات أصحاب السماحة والغبطة الذين يجب أن تكون كلمتهم محفّزة للسياسيين، لذلك آن الأوان أن نختم هذا الجرح. دعوتنا لجميع المسؤولين أن يحكّموا ضمائرهم وأن يعملوا بعقول منفتحة وبقلوب صافية لإنتاج هذا الحل الذي ننتظره والذي لم يعد من المصلحة أبداً أن يتأخر، كلّما نلتقي مع مرجعية روحية كلّما يكبر الأمل في قلوبنا بأننا قادرون على الإلتقاء والارتقاء وعلى عقد لقاءات وقمم روحية قادرة أن تحرّك الوضع، الناس تنتظرنا وتتطلّع إلينا كأننا قارب نجاة، نحن صوتنا يجب أن يوجّه وأن يكون الشراع الذي يقود هذه السفينة على الأقل روحياً وأخلاقياً، أما العمل السياسي فهذا ليس من شأننا، كلمتنا يجب أن تحفزهم وأن تحثّهم على إنتاج الحل، هذا هو نداؤنا وهذه هي صلاتنا في هذه الصبيحة المباركة".
الارز
ثم انتقل البطريرك ميناسيان والوفد المرافق الى محمية ارز الشوف حيث كان في استقباله في محمية غابة ارز الباروك وفد من المشايخ والاباء وفاعليات البلدة ومسؤولين من المحمية، والقى رئيس بلدية الباروك – الفريديس المحامي ايلي نخلة كلمة ترحيب، اكد فيها هلى ان "زيارة البطريرك ميناسيان مكملة لزيارات من سبقة من البطاركة في بلدة القديسين الباروك الجامعة والموحدة لاجل الوطن، بلدة سيدنا الشيخ ابو حسن عارف حلاوي ورشيد نخلة والتي ستبقى صلبة كالارز صونا للبنان وحصنا لوحدته"، ثم المختار الشيخ يوسف حلاوي، مؤكدا على "دور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في الحفاظ على المحمية وكل الجبل والوطن والداعي دوما الى الوحدة، وهذا الارز كما هو رمز الصمود انما يعكس صورة لبنان التنوع والعيش الواحد وكما نريد الوطن شامخا وقويا رغم كل الصعوبات".
وبعد كلمة ترحيب ايضا من الشيخ عماد حلاوي، عرض مدير محمية ارز الشوف نزار هاني لواقع المحمية ودورها على الصعد البيئية والثقتفية والاجتماعية والتاريخية حيث نقف في ظلال شجرة ارز يفوق عمرها 500 عاما، والتنوع البيولوجي وتفاعل المجتمع المحلي مع المشروع".
ميناسيان
وختاما القى البطريرك ميناسيان كلمة قال فيها: "سلام الرب معنا، لتكن زيارتي لكم بصمة شكرٍ وتقدير. لقد زرنا للتو سماحة شيخ العقل الدكتور سامي ابي المنى وعشنا معه الفرح الاخوي، كما تمنينا ان تكون زيارتنا له اول خطوة في مسار التاريخ الذي جمعنا في الماضي ولا نزال نسيرعليه بامانة ورثناها من اجدادنا، أنكم اليوم تعملون في حقل المجتمع البشري الذي يحوي في قلبه أفراداً من جميع الاطياف ولكنهم اولاد اله واحد خالق الكائنات في هذا المحور جميعنا اخوة وحبذا أن بعيش الاخوة بسمفونية تنعش قلب الرب".
وتابع: "انا أكيد بانكم تعملون على تسهيل حياة هذا المجتمع، انا أكيد من تضحياتكم الجمّة التي تقدمونها لهذا الشعب المتألم وخاصة في هذه الايام الصعبة التي يمر بها لبنان الوطن العزيز، الوطن المجروح فعسى ان كُنا من هؤلاء الذين يُلحموا الجروح ويقووا العزائم على الشدائد لنسير كما كنّا من ماضي قريب. الماضي الذي كان يستضيف أهل الدار وزوارهم ، تلك الايام السعيدة التي بسماحتكم ومن معكم تردونها لنا، لتبرز المحبة الاخوية التي كنّا ولا نزال نكنها لكم وللوطن وطننا لبنان".
بعد ذلك زرع البطريرك ميناسيان شجرة ارز باسمه في المحمية الى جانب اشجار مزروعة لشيخ العقل ابي المنى والبطريرك الراحل نصر الله صفير والكاردينال بشارة الراعي، وشارك في معرض لوحات لاحد المصورين من خارج لبنان قام بتصوير الطيور في المحمية وضمّنها معرضا داخل الغابة.
العرفان
وزار البطريرك ميناسيان والوفد المرافق مؤسسة العرفان التوحيدية في السمقانية وكان في استقباله رئيسها الشيخ نزيه رافع واداريين ووكيل داخلية الشوف في الحزب التقدمي الاشتراكي د. عمر غنّام.
والقى الشيخ رافع كلمة ترحيبية قال فيها: "نرحب بكم في رحاب مؤسسة العرفان أصدقاءَ أحباء وأخوةً أعزاء، مؤكدين أن صرحَ العرفان كان ولا يزال منذ أكثر من نصف قرن عنوانًا للإنفتاح والتلاقي والمحبة، ومثالًا للوفاق والوحدة الوطنية واللحمة والأخوة الإنسانية. هكذا اراده أسلافُنا ، وهكذا نريده اليوم وتريده القيادة السياسية الحكيمة التي رعت وترعى مسيرة العرفان الإنسانية، التربوية والإجتماعية، وأعني زعامة دار المختارة التي تمثلت خلال عقود بالقائد الشهيد كمال جنبلاط والزعيم الأستاذ وليدجنبلاط ورئيس اللقاء الديمقراطي الأستاذ تيمور جنبلاط.
نرحب بكم غبطة البطريرك في العرفان، المؤسسة التي انطلقت عام 1971 وأصبحت اليوم سلسلة مدارس منتشرة على مساحة الوطن من قلب الشوف إلى جرد عاليه وغربها، إلى وادي التيم في راشيا وحاصبيا، ومؤسسة تضم مركزًا طبيًا ومعهدًا تقنيًا ومراكزَ رعاية إجتماعية وثقافية. والعرفان ما كانت لتستمر لولا سمو غاياتها وإنسانية أهدافها في رعاية اليتيم وكفالة الفقير والمحتاج ودعم المبدعين واحتضان المتفوقين، ومساعدة الناس والوقوف إلى جانبهم في كل الظروف والاوقات وفي زمنِ والأزمات".
اضاف: "إن حضورَكم وتشريفَكم اليوم إلى المنطقة وإلى العرفان خيرُ دليل على ما تتمتون به من رؤى وإنفتاح وحبٍ لهذا البلد المتنوع بحضارته وثقافته ومذاهبه، وهو دليل أيضًا على حكمتكم في التلاقي والحوار وتبادل الهواجس والشجون التي تعنينا جميعًا في هذا البلد الحبيب الجريح. ولأننا نحترمُ ونقدرُ من تمثلون وما تمثلون، فإننا نحيي من خلال غبطتِكم إخوانَنا في الطوائف الأرمنية الذين خلقوا من الظلم تمردًا وحرية، ومن الحاجة ثورة حضارية وصناعية، ومن الإضطهاد فلسفة كيانية وجودية، ومن النزاعات سلامًا وإنسانية حقيقية. كما نثمنُ لديهم الحفاظ على الأعراف والتقاليد السامية في التعاضد والتآخي ولم الشمل وحب الجماعة ومساندة الإخوان، وهي مبادىءٌ يتشاركها مع الأرمن أبناء طائفة الموحدين الدروز الذين يعتبرون أن المحبةَأشبهُ بمياه الينبوع، كلما كان الزرعُ أقربَ للنبع إرتوى أكثر حبًا وتعاضدًا وأخوَة.
وردّ البطريرك ميناسيان بكلمة شكر على الاستقبال وحسن الضيافة، وقال: "اليوم بنيت هذه الكلمة بدون اي تحفظ واحترام لكل المراكز والتسميات بكلمة اخوتي الاحبة، لان في هذه الكلمة اجد نفسي قريباً من كل فرد وجماعة، لان بالمحبة هي عربون الصداقة والتقارب والينبوع لحياة جديدة تنعش القلب وتعطينا آمال بالمحبة وفي تسامح وتقارب وتعايش، وهذا ما نحتاجه اليوم في أيام آلامنا وصعوباتنا التي نمر بها، تمنياتي وشكري العميق لهذه الزيارة وان شاء الله كما ذكرنا ستعاد وتعاد، لنبرز للمجتمع هذه النفسية في التعايش والمحبة المتبادلة بين الاخوة".
وتبع ذلك جولة في ارجاء المؤسسة لا سيما المتحف وغداء شارك فيه سماحة شيخ العقل الشيخ الدكتور سامي ابي المنى مرحباً بصاحب الغبطة في "بيته العرفاني".
بيت الدين
وزار البطريرك ميناسيان والوفد المرافق مطرانية بيت الدين المارونية حيث كان في استقباله النائب العام الخورأسقف المونسنيور مارون كيوان ممثلا المطران مارون العمّار وعدد من الآباء والفاعليات البلدية والاجتماعية من بيت الدين، فزار الكنيسة وجال في المطرانية.
دير القمر
واختتم جولته في كنيسة مار الياس للكاثوليك في دير القمر حيث استقبله الارشمندريت نعمان قزحيا ممثلا المطران ايلي بشارة حداد ورئيس بلدية دير القمر السفير السابق ملحم مستو وعدد من المخاتير واعضاء المجلس البلدي والفاعليات.