تمكنت القوى العسكرية والامنية امس من تطويق اي تداعيات محتملة لعملية خطف مواطن سعودي في لبنان، على العلاقات اللبنانية – السعودية، ونجحت في تحريره في سرعة قياسية، مانعة عودةَ الفتور اليها. لتأكيد ذلك، طمأن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، بعد زيارته سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد البخاري امس، ان الموضوع لن يؤثّر على العلاقة بين لبنان والسعودية فهي ثابتة ومكرّسة ولا أحد يُمكن أن يُهدّدها أو يهزّها". اما البخاري فقال "نشكر قيادتي الجيش وقوى الامن الداخلي"، لافتا الى ان "الجهود الأمنية المبذولة تؤكد حرص السلطات اللبنانية على تأمين أمن السياحة".
لكن بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية"، يبدو ان ثمة اصرارا من قِبل الفريق الممانع في البلاد- الذي للتذكير تم نقل المخطوف امس الى مناطق واقعة تحت نفوذه- على إبقاء لبنان خارج دائرة التهدئة الاقليمية وخارج مفاعيل الاتفاق السعودي – الايراني.
ليس ما حصل "أمنيا" في الساعات الماضية الدليل الوحيد على هذا التوجُه غير المُطمئن، بل تُضاف اليه مثلا المناورة العسكرية التي نفذها حزب الله في عرمتى منذ ايام. فهي اتت غداة البيان الذي صدر عن القمة العربية التي عقدت في جدة وحمل تشديدا على رفض انتشار التنظيمات المسلحة في المنطقة، وقد نص في الفقرة الرقم 6 منه على "وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية والرفض التام لدعم تشكيل الجماعات والميليشيات المسلحة الخارجة عن نطاق مؤسسات الدولة".
اما سياسيا، وتحديدا على الضفة الرئاسية، يُصر حزب الله على معادلة "مرشحّي او لا أحد"، ويمضي في مواجهة الفريق الآخر في البلاد علما ان الاخير مد اليد له وارتضى السير بمرشح توافقي. لكن الضاحية على تشدّدها خلافا لكل سياسات مد اليد والحوار التي ارساها اتفاق بكين في المنطقة. في هذا الاطار، الثنائي الشيعي يرفع السقف. فقد رأى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أن "المرشح الذي يتداول بإسمه هو مرشح مناورة مهمته مواجهة ترشيح من دعمناه وإسقاطه"، داعيا الفريق الآخر الى "التوقف عن هدر الوقت واطالة زمن الاستحقاق"، مضيفا "نريد تفاهما وطنيا وشراكة حقيقية تحفظ البلد الذي نحرص عليه لا مرشحا بدل ضائع، في حين أن التعليمات الخارجية كانت توجه البعض في لبنان الذين يملكون الوقاحة اللازمة للتصريح علنا برفضهم وصول مرشح للممانعة، في مقابل رضاهم بوصول ممثل الخضوع والاذعان والاستسلام". وأضاف، "من لا يريد ممثلا للممانعة هو نفسه يقول لنا "لنا جمهوريتنا ولكم جمهوريتكم" ويريد تقسيم البلد".
اما رئيس مجلس النواب نبيه بري فبدوره، يرفض فتح ابواب مجلس النواب الا لانتخاب فرنجية. وقد أكد امس في حديث صحافي أنه لن يدعو إلى جلسة فلكلورية تنتهي كسابقاتها. وإذ أكد ضرورة انتخاب رئيس للبلاد "الأمس قبل اليوم أو غداً"، جزم بأنه لن يدعو إلى جلسة لا تنافس حقيقياً فيها، موضحاً أن المعطيات الموجودة لديه الآن لا تسمح بالدعوة إلى جلسة منتجة.
فلماذا يريد الثنائي بقيادة حزب الله إبقاءَ لبنان في منأى عن مفاعيل التسوية الاقليمية؟ وهل هو سيستمر حتى إشعار آخر في هذا التشدد؟ ام ان رفع سقفه هذا، على الصعد كافة، هو مقدّمة لليونة في المرحلة المقبلة خاصة على المستوى الرئاسي؟