ينتظر أبناء عكار منذ عقود تنفيذ الأوتوستراد العربي، وقد بات بالنسبة إليهم أشبه بالحلم المنتظر، كونه سيربط عكار بطرابلس كما سيربط قرى وبلدات ومناطق عكار بعضها ببعض، ليشكّل متنفّساً إنمائياً منتظراً للمنطقة.
ويأتي الحديث مجدداً عن ضرورة إنجاز الأوتوستراد العربي في وقت تعاني فيه مناطق عكار من زحمة سير غير مسبوقة، والأمر نفسه يحصل بشكل يومي على أوتوستراد المنية وطريق البداوي التي تربط عكار والمنية بمدينة طرابلس. ومن المقرّر لهذا الأوتوستراد بحسب الدراسات بأن يبدأ من بلدة المحمرة مروراً ببلدة ببنين، لتتفرّع منه عدة طرق في بلدة وادي الجاموس.
كما سيخترق بلدة دير دلوم، ذوق الحبالصة، سهل عرقا ومنيارة حتى السمونية ومنها إلى مركز المحافظة في حلبا، ويعود باتجاه سهل عكار مروراً في أراضي دارين وسعدين والشيخ عياش، ما من شأنه تخفيف الضغط عن مدخل عكار عند منطقة العبدة، التي تشهد زحمة سير خانقة طيلة أيام الأسبوع، وتأمين التواصل مباشرة مع البلدات الساحلية، وتحديداً ببنين والقرى المحيطة. كما سيشكل حلاً بالنسبة لزحمة السير في مدينة حلبا، ومفترقات ببنين ووادي الجاموس وبرقايل ومنيارة، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على عملية التنمية المنتظرة في عكار منذ عقود خلت، كما وسيكون له الأثر المباشر على تشجيع الاستثمار في المنطقة، خصوصاً إذا تزامن مع افتتاح مطار الشهيد رينيه معوض في القليعات، وهو ما يجري الحديث عنه في هذه الأيام.
قانون لم ينفذ!
القانون بإنشاء الأوتوستراد العربي من منطقة البداوي إلى عكار صدر في العام 1993، وأدخلت عليه عدة تعديلات. وهو إلى جانب ملفات إنمائية أخرى كفرع الجامعة اللبنانية في عكار لطالما كانت موضع تجاذب سياسي لا سيما بين عامي 2011 و 2012 بين نواب «المستقبل» و «التيار الوطني الحر» وسط اتهامات متبادلة بتعطيل تنفيذ المشاريع لأكثر من مرة بينهما، مع الإشارة إلى أنّ نواب «المستقبل» نجحوا في موازنة العام 2018 بإقرار 100 مليار ليرة لتنفيذ المشروع واستملاكاته بالإضافة إلى 100 مليون دولار التي أقرت عام 2012 والتمويل بمبلغ 140 مليون دولار من الصندوق العربي، لكن المشروع بقي قيد الانتظار من دون تنفيذ، فغابت عنه المتابعة ودخلت البلاد في أزمة اقتصادية ومالية جعلت الدولة تتوقف عن التزاماتها بعدما أصبح سعر صرف الدولار عائقاً أساسياً أمام تنفيذ أي مشروع.
ويُقدّر طول الطريق بـ40 كيلومتراً خلال مروره بضهور المنية - مركبتا وصولاً إلى مناطق عكار. ويبدو بحسب معلومات «نداء الوطن» بأنّ حراكاً سياسياً يجري على خط إعادة فتح ملف هذا الاوتوستراد من جديد. وإلى حين البدء بتنفيذه ينتظر أبناء المنطقة أيضاً أعمال صيانة أوتوستراد المنية - عكار وإنارته وتعمل عليها لجنة الأشغال العامة في مجلس النواب.
وفي هذا السياق، يقول رئيس اللجنة النائب سجيع عطية لـ»نداء الوطن»: «سنقوم اليوم بمحاولة جدّية في هذا الشأن بأن تدفع الدولة ما عليها من أقساط وهبات بإعادة العمل بمبلغ 150 مليون دولار المقرّ للمشروع عبر بنك الإستثمار العربي». ويضيف: «لقد واجه النواب الذين عملوا على الملف في السابق مشكلة في موضوع التلزيم لأنّ الدولة لم ترصد مبالغ لذلك، ونرى أنّ الوقت قد حان لتشغيل الأوتوستراد مع الإنفتاح اللبناني على الدول العربية ونعمل بالتالي على مبلغ 150 مليون دولار، فيبقى علينا مسألة الاستملاكات، واذا بقي الاوتوستراد مقفلًا كما هو في الخطة علينا دفع ثمن الاستملاكات، ولذلك اقترحنا أن يكون اوتوستراداً مفتوحاً طالما سيتم فتحه لاحقاً على الجوانب في المناطق، وسيخفّف ذلك بالتالي عنا دفع الاستملاكات طالما لم نستهلك كل العقار وهذا موضوع يتم درسه مع التنظيم المدني ومهندسي الانماء والاعمار بما يضمن أيضاً تحييد الأوتوستراد عن التعديات القائمة».
ولتنفيذ الأوتوستراد العربي أهمية كبيرة، خصوصاً وأنّ أوتوستراد المنية الذي يربط عكار بطرابلس، وبمساحته الحالية، لم يعد يتحمّل ضغط السير اليومي الهائل الذي يشهده، بالإضافة إلى أنّ مناطق عكار نفسها تشهد زحمات سير يومية، مع التذكير بأن طريق عكار الدولية الأساسية من العبدة مدخل المحافظة حتى حلبا، هي طريق بمسرب واحد تشهد يومياً حركة سير لآلاف السيارات وعليها الكثير من التعدّيات، وهي طريق منفذة منذ عقود ولم تشهد أي أعمال تطوير تتناسب مع الضغط السكاني الهائل في منطقة يسكنها أكثر من نصف مليون شخص بين لبناني ونازح.
وإذا كان موضوع تطوير الطرقات الداخلية في عكار أو توسعتها أمراً غير ممكن بسبب العمران المتزايد والتعديات المختلفة فإن تنفيذ الأوتوستراد العربي اليوم يبقى هو الحل الوحيد لإراحة المنطقة، التي تتحول طرقاتها الرئيسية لا سيما في العبدة وحلبا شيئاً فشيئاً مرآباً للسيارات بفعل الضغط اليومي الهائل.